سيّدة العراق الأولى: سيادتنا في خطر.. العراق ليس سوريا

2024-07-11

سيّدة العراق الأولى: سيادتنا في خطر.. العراق ليس سوريا

حذّرت عقيلة رئيس الجمهورية العراقي شاناز إبراهيم أحمد في مقالة لها عبر مجلة “نيوزويك” الأميركية، من الإجراءات التركية الأحادية الجانب على الحدود العراقية التي وصفتها بـ “الاحتلال” وبأنّها تهدّد سيادة العراق وأمنه، متسائلة: “لماذا يصمت أولئك الذين يعارضون استمرار وجود القوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق عن الوجود المتزايد للقوات التركية في العراق؟”.

 

شاناز أحمد، وهي أيضاً سياسية كردية عراقية، وكاتبة، وعضو في الاتحاد الوطني الكردستاني وابنة الكاتب والروائي والسياسي الكردي إبراهيم أحمد، وشقيقة عقيلة رئيس الجمهورية الأسبق جلال طالباني. أصبحت السيّدة الأولى في العراق منذ أن تولّى الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد مقاليد الحكم في 13 تشرين الأول 2022.

شاناز وفي مقالتها/الرسالة قالت:

“مرّة أخرى، تهدّد الأزمة في العراق بتعطيل منطقة شهدت قدراً كبيراً من عدم الاستقرار منذ وصول صدام حسين إلى السلطة في عام 1979. وفي الأسابيع الأخيرة، وردت تقارير مؤكّدة عن نزوح جماعي للقرويين في المناطق الحدودية في محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق بسبب الهجمات العسكرية المتزايدة التي تشنّها تركيا المجاورة، وذلك بحثاً عن الأمان.

في انتهاك صارخ للقانون الدولي، تقيم القوات التركية نقاط تفتيش ودوريات على الأراضي العراقية ذات السيادة بذريعة تعقّب مقاتلي حزب العمّال الكردستاني الذين تتّهمهم بالإرهاب. وقد بدأ الجيش التركي بالفعل عملياته بالقرب من كان ماسي وجبل ميتينا، بينما يقوم جنود مدجّجون بالسلاح بدوريات في المناطق القريبة من قرى كاني باز ودارغالي وبالاف وبليزاني.

هذه ليست حوادث معزولة. قالت فرق صانعي السلام المجتمعي، وهي منظّمة حقوقية لحقوق الإنسان ومراقبة النزاعات مقرّها الولايات المتحدة، إنّ تركيا شنّت أكثر من 800 هجوم على إقليم كردستان منذ بداية عام 2024. ويخشى القرويون الأكراد والآشوريون من قذائف الهاون والنيران المستمرّة، وأفاد الكثيرون أنّ الجنود الأتراك نبّهوهم إلى ضرورة إخلاء منازلهم خلال 24 ساعة وإلّا فسيقوم الجيش التركي بإجلائهم قسرياً وسيتعرّضون للقصف.

على مرّ السنين، دعت بغداد أنقرة مراراً وتكراراً إلى وقف مثل هذه الإجراءات الأحادية الجانب التي تهدّد أمن العراق وتنتهك سيادته

هذه الحالة ليست جديدة. منذ عام 2020، أشار تقرير صادر عن لجنة برلمانية تابعة لحكومة إقليم كردستان إلى أنّه تمّ تهجير سكان 500 قرية في جميع أنحاء إقليم كردستان بسبب التوغّلات التركية عبر الحدود. والأرقام مستمرّة في الزيادة.

مع إغلاق بغداد وأربيل لمخيّمات أكثر من مليون نازح داخلياً، بحجّة أنّه يمكنهم الآن العودة بأمان إلى ديارهم، تتكشّف أزمة نزوح جديدة في دهوك. ويتمّ الآن تهجير القرويين الأكراد، وجميعهم مواطنون عراقيون، إلى مخيّمات جديدة.

العراق

وأضافت: “على مرّ السنين، دعت بغداد أنقرة مراراً وتكراراً إلى وقف مثل هذه الإجراءات الأحادية الجانب التي تهدّد أمن العراق وتنتهك سيادته. لكن هذه المرّة، هذه الإجراءات ليست مجرّد عمليات توغّل مؤقّتة عبر الحدود. إنّها احتلال. وفقاً للقانون الدولي، يحدث الاحتلال عندما تصبح منطقة ما أو أجزاء منها، أثناء نزاع مسلّح دولي، تحت السيطرة المؤقّتة لقوّة أجنبية، حتى لو لم تواجه مقاومة مسلّحة.

في آذار، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنّ أنقرة على وشك استكمال إنشاء منطقة “تحلّ بشكل نهائي” القضايا الأمنيّة على طول الحدود بحلول الصيف. بدأ الجيش التركي بشقّ طريق عسكري جديد بطول 9 كيلومترات في منطقة برواري بالا في دهوك. وسيربط هذا الطريق بين القواعد والمخافر العسكرية التركية في ناحية كاني ماسي، ويمتدّ إلى طرق عسكرية أخرى في قضاء باتيفا ويصل إلى محافظة هكاري في تركيا. ويشبه الجهد التركي في شمال العراق “المنطقة الآمنة” التي تسعى إليها تركيا في شمال سوريا منذ عام 2011.

مرّة أخرى، تهدّد الأزمة في العراق بتعطيل منطقة شهدت قدراً كبيراً من عدم الاستقرار منذ وصول صدام حسين إلى السلطة في عام 1979

استناداً إلى ضرورة الأمن القومي لإنشاء منطقة عازلة لمنع الهجمات عبر الحدود في المناطق الحدودية بين تركيا وسوريا، سعت تركيا إلى إنشاء منطقة في سوريا بين كوباني وعفرين، حيث يمكن لقواتها مواجهة أيّ تهديدات من جانب واحد للأمن القومي التركي. وفي حين عارضت الولايات المتحدة هذا الأمر في البداية بسبب القتال المستمرّ ضدّ داعش، قبلت لاحقاً منطقة “لا داعش”، وهو ما أدّى إلى استمرار وجود القوات العسكرية التركية في أجزاء من شمال سوريا حتى هذا اليوم. وليس هناك من سبب يجعلنا نستبعد أن لا تكون لدى تركيا طموحات أقلّ في شمال العراق.

لكي نكون واضحين: العراق ليس سوريا. هناك جهات حكومية قائمة على المستوى الاتحادي في بغداد وعلى مستوى الإقليم في إربيل. وقد اتّفقت الحكومة العراقية المركزية وحكومة إقليم كردستان على ضرورة حماية سيادة هذا البلد.

شاناز وفي ختام رسالتها قالت: “الحكومة الفدرالية والإقليمية أن ترفض بشكل قاطع الاحتلال التركي المتزايد لبلادنا، وأن توضح لأنقرة أنّ وجودها العسكري غير شرعي، وأنّ قوّاتها ليست لديها سلطة لتهجير مواطنينا من منازلهم وقراهم، وأنّ عملياتها يجب أن تكون تحت إشراف وتفويض قوات الأمن العراقية.

أخشى على شرعية الحكومتين الفدرالية والإقليمية بسبب تقاعسهما في أحسن الأحوال، وتواطئهما في أسوأ الأحوال، لأنّ كلتيهما صامتتان وفشلتا في التصدّي للهجمات والانتهاكات المستمرّة لسيادتنا.

يقع على عاتق بغداد وإربيل التنسيق فيما بينهما ومنع ما سيصبح بالتأكيد خطوة أولى خطيرة نحو الاحتلال. لماذا يصمت أولئك الذين يعارضون استمرار وجود القوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق عن الوجود المتزايد للقوات التركية في العراق؟

إقرأ أيضاً: فورين أفيرز: المرأة العاملة تغيّر الاقتصاد والمجتمع السعودي

من حقّ المواطنين العراقيين، وخاصة أولئك الأكثر تضرّراً، أن يتساءلوا عن الأسباب التي تجعل الحشد العسكري التركي والاحتلال المتزايد في مصلحة العراق. وإذا لم يكن ذلك في مصلحتنا، فيجب على العراق، بدعم من المجتمع الدولي، أن يتّخذ الإجراءات المناسبة. كلّ مواطنينا يستحقّون ذلك، وخاصة أولئك الذين يواجهون التهديد التركي كلّ يوم في محافظاتنا الشمالية”.

 

لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

هل من دور فرنسي لمنع الحرب بين إسرائيل والحزب؟

كيف ستتفاعل إسرائيل مع ردود الحزب على الغارات الإسرائيلية؟ ألا يزال جيشها، الذي يعاني من ضغوط شديدة بسبب الحرب في غزة، يتمتّع بالقدرة على التعامل…

خمس رسائل إسرائيليّة من اغتيال هنيّة

وفقاً لغادي عزرا، المدير السابق لـ”مديرية الدبلوماسية العامة الوطنية الإسرائيلية”، وهي بمنزلة المكتب الإعلامي التابع لرئاسة الوزراء في إسرائيل، هناك عدد من الرسائل التي أرادتها…

إيران أكثر طبيعية؟ كيفَ يُمكِنُ لمسعود بزشكيان أن يُحَقِقَ التغيير

في 28 تموز، تولّى مسعود بزشكيان الرئاسة في إيران خلال مراسم تنصيبه التي أشرف عليها المرشد الأعلى علي خامنئي. وكان أول عملٍ أقدمَ عليه هو…

كيف قرأت الدبلوماسيّة الأميركيّة خطاب نتنياهو؟

  رأيان متناقضان إلى حدّ ما حول خطاب بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي أدلى بهما دبلوماسيان أميركيان لكلّ منهما تجربة وخبرة طويلتان في شؤون منطقة…