يُدافِع وزير الدفاع موريس سليم عن قراره التمديد لعضوَي المجلس العسكري اللواء بيار صعب والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد مصطفى استناداً إلى القانون الذي أقرّه مجلس النواب للتمديد لقادة الأجهزة الأمنيّة.
من يعرف وزير الدفاع يدرك أنّ قرار التمديد للضابطين حاضر في ذهنه ولم يأتِ ردّاً على التمديد لقائد الجيش أو ضمن سياق الخلاف القائم بين “الجنرالين”، أو لأنّ قائد الجيش خارج البلاد. ففي اللحظة التي لم يتوصّل فيها المجلس الدستوري إلى قرار في الطعن المقدّم ضدّ قانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنيّة، تعامل وزير الدفاع بواقعية قانونية باعتباره قائماً وله مفاعيله التي تشمل ليس فقط قائد الجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي، بل أيضاً اللواء صعب واللواء مصطفى.
بين الرّئيس والتّمديد
تفيد المعلومات بأنّ الوزير سليم أجّل إصدار قراره بعدما رصد احتمالية عدم انتخاب رئيس للجمهورية في المرحلة الحالية واستفحال الأزمة السياسية. وقد أصدر قراره استناداً إلى المادة 16 من المرسوم الاشتراعي 102/83 المعدّل التي تحدّد المؤسّسات الرئيسية لوزارة الدفاع، وبناءً على المادّتين 26 و27 من المرسوم الاشتراعي رقم 102/83 المعدّل اللتين تتناولان المجلس العسكري وما أُنيط به من مهامّ وصلاحيّات ومسؤوليّات تولّيه سلطة قيادية عسكرية بالنسبة لباقي المؤسّسات الرئيسية في وزارة الدفاع.
تقول مصادر وزارة الدفاع لـ “أساس”: “أصدر وزير الدفاع قراره تأميناً لمصلحة المؤسّسة العسكرية. فالمجلس العسكري إحدى مؤسّسات وزارة الدفاع، وهي مؤسّسة قيادية جماعية وصلاحيات المجلس تُشبِه المؤسّسة القيادية التي تشارك قائد الجيش في القرار، وصلاحيّاته تفوق صلاحية قائد الجيش، رئيسه، كقيادة جماعية لديها صلاحيات على باقي مؤسّسات وزارة الدفاع”.
تضيف المصادر: “مع قرب إحالة اللواء بيار صعب إلى التقاعد أصدر الوزير سليم قراره بعدما أنجزت الدائرة القانونية في الوزارة صياغة القرار”.
المجلس العسكري إحدى مؤسّسات وزارة الدفاع، وهي مؤسّسة قيادية جماعية وصلاحيات المجلس تُشبِه المؤسّسة القيادية التي تشارك قائد الجيش في القرار
تمديدان
لماذا التمديد للّواء محمد مصطفى الذي يحال إلى التقاعد عام 2027؟ تجيب المصادر: “بموجب القانون يستوفي اللواء مصطفى، بالوظيفة والرتبة وبتاريخ صدور القانون، شروطه التي تنطبق عليه. ولا يمكن لوزير الدفاع أن يؤجّل فقط إحالة اللواء صعب إلى التقاعد وإلّا تكُن هناك استنسابية بتنفيذ القانون”.
حالياً، يمارس المجلس العسكري مهامّه بموجب موافقة استثنائية من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان وزير الدفاع، وفق مصادره، قد طلبها لضمان استمرارية المرفق.
اللواء صعب الذي يُحال إلى التقاعد في أيلول المقبل سيبقى إذاً في منصبه (عضو متفرّغ) في المجلس العسكري، وكان زكّاه النائب جبران باسيل ليحلّ مكان قائد الجيش قبل التمديد للأخير لأنّه الأعلى رتبة. لكنّ الوزير سليم كان له رأي مغاير، إذ أصرّ على التعيين بالأصالة مردّداً عبارة “الجيش لا يكون قائده إلا عماداً”.
أمّا الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع (موقع سنّيّ) اللواء محمد مصطفى الذي يُحال إلى التقاعد في تشرين الأول عام 2027 فقد منحه التمديد عاماً إضافياً لتنتهي خدمته العسكرية عام 2028.
أزمة المفتّشيّة
يُذكر أنّ المجلس العسكري المؤلّف من ستّة أعضاء يضمّ حالياً رئيسه قائد الجيش ورئيس الأركان اللواء حسان عودة (درزي تمّ تعيينه بقرار من مجلس الوزراء في 8 شباط)، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع (موقع سنّيّ) اللواء مصطفى (معيّن بالأصالة)، العضو المتفرّغ (موقع كاثوليكي) اللواء صعب، المدير العام للإدارة (موقع شيعي) العميد هادي الحسيني المكلّف تسيير أعمال المديرية، المفتّش العامّ (موقع أرثوذكسي) العميد فادي مخول المكلّف تسيير أعمال المفتّشية بموجب قرار من قائد الجيش.
لكنّ وزير الدفاع اعتبر قرار قائد الجيش بتكليف العميد مخول صادراً عن جهة لا صفة لها، وبالتالي كأنّ القرار غير موجود، لأنّ المفتّشية العامّة والمديرية العامّة للإدارة تتبعان لوزير الدفاع. وبالتالي، يتصرّف وزير الدفاع على أساس أنّ المفتشية العامّة يديرها أمين السرّ، وأمّا قائد الجيش فيعتبر مخول مفتّشاً عامّاً.
بموجب القانون يستوفي اللواء مصطفى، بالوظيفة والرتبة وبتاريخ صدور القانون، شروطه التي تنطبق عليه
مصير رئيس الأركان
أمّا في ما يتعلّق برئيس الأركان فتفيد المعلومات بأنّ وزير الدفاع لا يزال يتعاطى مع “حالة تعيينه” كأنّها لم تكن ومنعدمة الوجود. وحتى الآن لم يمهر رئيس الأركان توقيعه على أيّ من قرارات المجلس العسكري، وبالتالي لا يمارس صلاحيّاته كعضو مجلس قيادة أصيل.
يُسلّم وزير الدفاع بأنّ هناك ثلاثة مراسيم تحتاج إلى توقيعه لكي يصبح تعيين رئيس الأركان قانونياً ولم يوقّع عليها، فيما مجلس الوزراء لم يصدر قرار التعيين أصلاً بمرسوم.
إقرأ أيضاً: وزير العدل لـ “أساس”: الوزير سلطة سياسية وليس قضائية
يُذكر أنّ وزير الدفاع تقدّم في نيسان الماضي بالطعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار تعيين رئيس الأركان الذي سبقه إصدار الوزير سليم تعميماً على مؤسّسات وزارة الدفاع باعتباره كأنّه لم يكن. وحتى الآن لا يزال مجلس شورى الدولة ضمن المهلة القانونية لبتّ الطعن، وهي عمليّاً نحو ثمانية أشهر (تبدأ من تاريخ التبليغ) تراوح بين ردّ الدولة (بين أربعة وخمسة أشهر كحدّ أقصى) ثمّ ردّ المستدعي (نحو شهرين) ثمّ ردّ الدولة مجدّداً، ثمّ التداول داخل “الشورى” وأخذ القرار.
لمتابعة الكاتب على X: