باقري لـ”أساس”: نحن هنا وفي غزّة ولا شرعية لإسرائيل

مدة القراءة 7 د

ما هو موقف إيران من خطّة الرئيس الأميركي جو بايدن لإنهاء الحرب في غزّة؟ هذا السؤال توجّه به “أساس” إلى وزير الخارجية الإيراني علي باقري كنّي، خلال لقاءٍ جمع عدداً من الصّحافيين في مقرّ سفارة إيران أمس الأوّل، خلال زيارته لبنان.. فما كان جوابه؟

 

 

 

من الواضح في كلام الوزير الجديد وخطاب المرشد العام أنّ إيران لن تسهّل تطبيق الوثيقة الأميركية ما لم يكن شريكاً في المفاوضات فإيران تعملُ منذ مقتل رئيسها إبراهيم رئيسي ووزير خارجيّتها حسين أمير عبد اللهيان على تثبيث ركائز عديدة هي الآتية:

الأولى: أنّها منخرطة بشكلٍ مُباشر في الحرب المُشتعلة بغزّة. وتجلّى هذا في المشهد الذي جمَع قادة ومُمثّلي الفصائل الموالية لطهران مع قائد الحرس الثّوريّ اللواء حسين سلامي وقائد قوّة القُدس اللواء إسماعيل قاآني.

الثّانية: استمرارها في السّياسة الخارجيّة نفسها القائمة على “تصفير المشاكل” مع الدّول العربيّة، وخصوصاً المملكة العربيّة السّعوديّة وجمهوريّة مصر العربيّة.

بحسب معلومات “أساس” فإنّ مُساعد عبد اللهيان ووزير الخارجيّة الحاليّ علي باقري كنّي كانَ على تواصل غير معلن مع المسؤولين السّعوديين والمصريين، وكانَت له قبل ساعات من مقتل رئيسي خطوات عمليّة في ذلكَ الإطار.

تعكسُ ذلك أيضاً الحرارة التي استقبل فيها باقري كنّي وزير الخارجيّة السّعوديّ الأمير فيصل بن فرحان أثناء مُشاركة الأخير في تقديم العزاء لإيران. ولا تنفصل عن ذلكَ الإطار الزّيارة التي قامَ بها وزير الخارجيّة المصريّ سامح شُكري لطهران، على الرّغم من مستوى التّمثيل المُتدنّي دبلوماسيّاً بين القاهرة وطهران.

بحسب معلومات “أساس” فإنّ مُساعد عبد اللهيان ووزير الخارجيّة الحاليّ علي باقري كنّي كانَ على تواصل غير معلن مع المسؤولين السّعوديين والمصريين

الثّالثة والأهمّ: أن تكونَ إيران حاضرة في أيّ مُفاوضات تخصّ وقف إطلاق النّار في غزّة. وهذا ما لمّحَ إليه المُرشد الإيراني علي خامنئي في خطابه يومَ الإثنين في ذكرى رحيل مؤسّس “الجمهوريّة الإسلاميّة” الإمام الخُمينيّ بقوله: “على الجميع أن لا يعقدوا آمالهم على اتفاق وقف إطلاق النّار في غزّة”، وإنّ “عمليّة طوفان الأقصى كانت ضروريّة للمنطقة، وجاءَت في لحظة حسّاسة كانت إسرائيل تسعى فيها لتطبيق مخطّط السيطرة على المنطقة”.

ورقة بايدن أعدّتها “الدولة العميقة” في إسرائيل

هذا ما يُستخلصُ من الزّيارة التي قامَ بها وزير الخارجيّة بالإنابة علي باقري كنّي لبيروت، المحطّة الخارجيّة الأولى له بعد تسلّمه “عمادة الدّبلوماسيّة الإيرانيّة” خلفاً لعبد اللهيان.

أطلقَ علي باقري النّيران تجاه الولايات المُتحدة، والمُقترح الإسرائيليّ الذي أعلنَه الرّئيس الأميركيّ جو بايدن، من دون أن يُقفل الباب نهائيّاً في وجه الصّفقة المُحتملة. إذ جُلّ ما تريده طهران أن تكونَ حاضرة في مُفاوضات غزّة، وأن تحافظ على نفوذها في الورقة الفلسطينيّة.

إنّ الورقة التي أعلنها بايدن هي ورقة مُقترحات إسرائيليّة كما جاءَ في كلام الرّئيس الأميركيّ أثناء إعلانها. ويكشف مصدر أميركيّ مسؤول في وزارة الخارجيّة لـ”أساس” أنّ الورقة أعدّتها الدّولة العميقة في إسرائيل، وصاغتها المؤسّسة العسكريّة وأجهزة الاستخبارات الإسرائيليّة بالتّعاون مع واشنطن ولندن.

هذا ما استدركته الرّئاسة الفلسطينيّة، فأصدرت بياناً شديد اللهجة ردّت فيه على ما جاء في خطاب خامنئي حولَ غزّة و”طوفان الأقصى”، قائلة إنّ “الشعب الفلسطيني ليس بحاجة إلى حروب لا تخدم طموحاته بالحرّية والاستقلال”. واعتبرَت رامَ الله أنّ كلام خامنئي هدفه التضحية بالدم الفلسطيني وبآلاف الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير الأرض الفلسطينية، وأنّ تصريحات المُرشد الإيرانيّ لن تؤدّي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلّة وعاصمتها القدس الشرقية.

الورقة التي أعلنها بايدن هي ورقة مُقترحات إسرائيليّة كما جاءَ في كلام الرّئيس الأميركيّ أثناء إعلانها

باقري كنّي يُصوّب على واشنطن من بيروت

تحدّثَ وزير الخارجيّة الإيرانيّ لـ”أساس” عن الخطّة التي عرضها الرّئيس الأميركيّ جو بايدن، في لقاءٍ جمعنا به مع عدد من الصّحافيين في مقرّ سفارة بلاده عصرَ الإثنين. وقال إنّ “دولة تعتبر أكبر داعم للكيان الإسرائيلي بالأسلحة لارتكاب الجرائم بحقّ الشّعب الفلسطينيّ، ليس بمقدورها أن تُقدِّمَ خطّة صادقة لوقف إطلاق النّار في غزّة”.

ذهبَ باقري كنّي بعيداً في التّصويب على المُقترح الأميركيّ من دون أن يُعلِنَ رفضاً صريحاً له ورسمَ مدخلاً واحداً لتبيان “صدق واشنطن”: “إذا كان الأميركيّون صادقين، فعليهم أن يتّخذوا خطوةً واحدةً، وهي قطع المساعدات العسكريّة عن إسرائيل. فبمجرّد وقف المساعدات لن تكون لديها أدوات لارتكاب الجرائم، وسوف تنتهي الحرب تلقائياً، وذلكَ عوضاً عن تقديم الخطط”.

سألَ “أساس” رئيس الدّبلوماسيّة الإيرانيّة عن حقيقة موقف بلاده من مبدأ حلّ الدّولتيْن على أساس حدود الرّابع من حزيران 1967، الذي نالَ إجماع الدّول العربيّة، ومن بينها سوريا التي تُعتبر من ركائز ما يُعرَف بـ”محور المقاومة”. كما أنّ حركة “حماس” لم تُعلن مُمانعتها هذا المبدأ أكثر من مرّة، بدءاً من وثيقتها السّياسيّة التي أطلقتها في 2017، وكلام رئيس مكتبها السّياسيّ إسماعيل هنيّة عن ذلكَ مرّتيْن قبلَ وبعد “طوفان الأقصى”.

أجابَ علي باقري بنفس طريقة سلفه عبد اللهيان المعروف بـ”المُراوغة الدّبلوماسيّة”، من دون أن يُعطي جواباً واضحاً، والأهمّ أنّه لم يُعلن رفضاً صريحاً لحلّ الدّولتيْن. فلم يتحدّث عن “رمي الإسرائيليين في البحر، ولا عن الدّقائق السّبع التي تُدمِّر إسرائيل”.

مصدر أميركيّ مسؤول في وزارة الخارجيّة لـ”أساس”: الورقة أعدّتها الدّولة العميقة في إسرائيل، وصاغتها المؤسّسة العسكريّة وأجهزة الاستخبارات الإسرائيليّة بالتّعاون مع واشنطن ولندن

قالَ وزير الخارجيّة الإيرانيّ سريعاً لـ”أساس” إنّ استمرار العدوان لن يُعطي الكيان الإسرائيليّ أيّ شرعيّة. واعتبرَ أنّ دولاً كثيرة، لم يُسمِّها، توصّلت بعد عقودٍ من الزّمن إلى ما سمّاه صحّة الموقف الإيرانيّ الذّكيّ بأنّ المُقاومة هي الحلّ الوحيد لمواجهة روح العدوان، وأنّ دولاً إضافيّة ستُدركُ أن لا شرعيّة للكيان.

استفاضَ علي باقري في الحديث، وقال إنّ بلاده باتت ترتبط بعلاقات “جيّدة وودّيّة” مع جميع دول المنطقة “من أجلِ بناء منطقة آمنة ومُستقرّة”، وإنّ الاحتلال الإسرائيليّ هو سبب عدم الاستقرار.

إقرأ أيضاً: الخماسيّة تجاوزت “الرئيس”… ووصلت إلى السراي؟

باقري و”الوعد الصادق”

ينظرُ إلى سياسة بلاده في المنطقة على أنّها “تجلبُ الأمنَ والاستقرار”، ويرى أنّ بلاده “مُلتزمة بمبدأ حُسن الجوار”. يستدلّ علي باقري كنّي بالمشاركة العربيّة وغير العربيّة من دول المنطقة، ومنها دول تقطع علاقاتها بطهران، في مراسم دفن وعزاء إبراهيم رئيسي وحسين أمير عبد اللهيان، على اعتبارها إقراراً بأنّ إيران هي “ركيزة الأمن والاستقرار في المنطقة”.

في الختام، استحضَرَ وزير الخارجيّة الإيرانيّ عمليّة “الوعد الصّادق” التي جاءَت ردّاً على قصف إسرائيل لقنصليّة بلاده في دمشق، وقال إنّ عملية الوعد الصّادق أثبتت أنّ إيران تمتلك الإرادة والقدرة للتصدّي لعوامل وأسباب زعزعة الاستقرار في المنطقة، وإنّها تسخّر قدراتها لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@IbrahimRihan2

مواضيع ذات صلة

شينكر لـ”أساس”: تطبيق 1701… أو تحوُّل لبنان إلى “سوريا 2”

ماذا يقول المساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركيّ لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر عن سير الأحداث في المنطقة؟ هل باتت الحرب في لبنان قريبة من الانتهاء؟…

سفير مصر لـ”أساس”: الخماسيّة عائدة… التّسوية قريبة

يوم الأحد الماضي كان مفصليّاً. فقد طوى تصعيداً كاد يؤدّي إلى حرب كبرى. وأقفل معه مواجهة اعترف طرفاها الحزب وإسرائيل بانتهائها. وعليه، بدأت في المنطقة…

شينكر لـ”أساس”: لا حرب موسّعة.. حادث مجدل شمس غير مقصود

يستبعد ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق نشوب حرب واسعة بين إسرائيل والحزب على خلفيّة حادثة مجدل شمس لسببين: الأوّل أنّها…

فارس سعَيْد: فرنجية رئيساً قبل دخول ترامب البيت الأبيض؟

وقوع لبنان على لحظة سياسية مشابهة لتلك التي أوصلت الرئيس ميشال عون إلى بعبدا تزداد حظوظه السياسية، وسببه المناظرة الرئاسية الأميركية بين دونالد ترامب وجو…