ديفيد إغناتيوس يكشف عن “ملامح نهاية محتملة لحرب غزّة”

مدة القراءة 5 د

على الرغم من أنّ التوصّل إلى حلّ للحرب في غزة لا يزال بعيد المنال، يرى المحلّل والكاتب السياسي ديفيد إغناتيوس أنّ ملامح ومعايير نهاية اللعبة المحتملة بدأت تصبح أكثر وضوحاً بعد رحلة مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ونائبه لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك إلى المملكة العربية السعودية وإسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي. وينقل عن مصادر أميركية مطّلعة على هذه المحادثات أنّه تمّ التوصّل إلى مجموعة من إشارات المرور وحدود السرعة وليس خريطة طريق تشير بالفعل إلى اتّجاه النهاية التدريجية للعمليات القتالية الإسرائيلية وبداية “اليوم التالي” الذي لا يزال غامضاً.

 

 

 

في هذا السياق عرض إغناتيوس في مقاله في صحيفة “واشنطن بوست” مجموعة النقاط التالية:

1- يبدو أنّه تمّ احتواء حرب غزة وتجنّب اشتعال المنطقة بالكامل. ويرجع هذا جزئياً إلى المحادثات الهادئة بين إيران والولايات المتحدة، بما في ذلك اجتماع الأسبوع الماضي في عمان بين ماكغورك والقائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني الجديد علي باقري كني، الذي توفّي سلفه في حادث تحطّم طائرة هليكوبتر يوم الأحد أدّى إلى مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي أيضاً. طوال هذا الحوار، وجّهت الولايات المتحدة تحذيرات صريحة حول كيفية الردّ على التصعيد الإيراني. وتعزّزت هذه التحذيرات من خلال الضربات العسكرية الأميركية للميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق واليمن. كما وضعت إيران أيضاً بعض القيود على البرنامج النووي للبلاد، ووافقت على إبقاء تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة والحدّ من مخزونها من الوقود المخصّب إلى هذا المستوى. كما حدّت من تركيب أجهزة طرد مركزي جديدة ووافقت على مواصلة التعاون مع مراقبين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبحسب مسؤول مطّلع، تبيّنت أهمّية الحوار الإيراني الأميركي عندما طلبت إيران مساعدة عاجلة من الولايات المتحدة الأميركية في تحديد موقع تحطّم المروحية التي كانت تقلّ الرئيس الإيراني الأحد الماضي وأرسلت خريطة توضح الموقع المحتمل. واستبعد هذا المسؤول أيّ تأثير لوفاة رئيسي على التصرّفات الإيرانية، داخلياً أو خارجياً، ورجّح أن يكون خليفة خامنئي ابنه مجتبى، الذي يُنظر إليه على أنّه المفضّل لدى الحرس الثوري الإسلامي.

على الرغم من أنّ التوصّل إلى حلّ للحرب في غزة لا يزال بعيد المنال، يرى إغناتيوس أنّ ملامح ومعايير نهاية اللعبة المحتملة بدأت تصبح أكثر وضوحاً

2- توصّل القادة الإسرائيليون إلى توافق في الآراء بشأن الهجوم الأخير على كتائب حماس الأربع الباقية في رفح. وبدلاً من الهجوم العنيف بقسمين خطّطت لهما إسرائيل قبل عدّة أسابيع، يخطّط قادة الحكومة والجيش لهجوم محدود أكثر، وفقاً لمسؤولين أميركيين، سيؤدّي إلى خسائر مدنية أقلّ. ولهذا السبب، لن يعترض بايدن. وتقدّر السلطات الأميركية أنّ ما لا يقلّ عن 800 ألف فلسطيني من أصل 1.5 مليون فلسطيني تجمّعوا في رفح قد غادروا المكان.

3- على الرغم من أنّ حماس ستحتفظ بوجودها في غزة، إلا أنّ القادة الإسرائيليين يقولون إنّ حوالي 75% من قدراتها العسكرية المنظّمة قد تمّ تدميرها، وإنّ عملية رفح ستقضي على الكثير من القدرات الباقية. ويبدو أنّ حماس قرّرت عدم القتال، بل فضّلت بدلاً من ذلك الذوبان في صفوف السكان كقوّة حرب عصابات. وسيشكّل هذا صداعاً مستمرّاً لإسرائيل، التي تخطّط لشنّ غارات منتظمة ضدّ المتمرّدين هناك، كما تفعل الآن في الضفة الغربية. وفي الواقع، قد تكون الضفة الغربية نموذجاً لكيفية تطوّر غزة في المستقبل.

مصادر أميركية مطّلعة: تمّ التوصّل إلى مجموعة من إشارات المرور وحدود السرعة وليس خريطة طريق تشير بالفعل إلى اتّجاه النهاية التدريجية للعمليات

4- اتّفق مسؤولو الدفاع الإسرائيليون على استراتيجية “لليوم التالي” تشمل قوّة أمن فلسطينية تتكوّن جزئياً من موظّفين إداريين تابعين للسلطة الفلسطينية في غزة. وسيشرف على هذه القوّة الفلسطينية مجلس حكم من وجهاء فلسطينيين، تدعمه الدول العربية المعتدلة مثل مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. ويقبل بعض المسؤولين الإسرائيليين، وليس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن يكون لهذا الكيان الحاكم علاقات مع السلطة الفلسطينية في رام الله. وبحسب مسؤول مطّلع، أخبر مفاوضو حماس مصر أنّه يمكنهم قبول هذا الكيان الحكومي في غزة كجزء من “الاتفاق الانتقالي” الموصوف في مسوّدة الاتفاق الأخيرة التي تفاوضت عليها الولايات المتحدة بشأن وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن.

5- وافقت المملكة العربية السعودية على مسوّدة “شبه نهائية” لاتفاقية أمنيّة مع الولايات المتحدة تتضمّن تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وجاء في ملخّص محادثات سوليفان يوم الأحد مع وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان أنّه، كجزء من هذه الصفقة، تتوقّع المملكة اتفاقاً على “مسار موثوق به” نحو حلّ الدولتين للمشكلة الفلسطينية، وهو ما يمثّل تخفيفاً للّغة السعودية السابقة. وسيكون الدور السعودي حاسماً في أيّ حلّ نهائي للصراع في غزة.

إقرأ أيضاً: وفاة رئيسي تسرّع السباق على خلافة خامنئي

وفقاً لإغناتيوس “حدث بعض التقدّم بشأن التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، الذي تسعى إليه إدارة بايدن منذ أشهر، والذي يشكّل بداية نهاية الحرب”. ورجح نقلاً عن مسؤولين أميركيين أن تُستأنف المحادثات هذا الأسبوع، على الرغم من (أو ربّما بسبب) أنّ إسرائيل تخطّط لهجوم على رفح. وأكّد أخيراً أنّ عناصر الاتّفاق الذي من شأنه أن ينهي الحرب في نهاية المطاف موجودة على الورق. ولأنّ ائتلاف نتنياهو اليمينيّ يرفض التعامل مع العديد من التفاصيل، فإنّ صنع الصفقة النهائية قد يقع على عاتق حكومة إسرائيلية مستقبلية. ولكن يمكن أن نرى من بعيد الخطوط العريضة لمنحدر خروج محتمل.

لقراءة النص بلغته الأصلية اضغط هنا

مواضيع ذات صلة

الرواية الإسرائيلية لتوقيت تفجير “البيجرز”

هل كان يمكن لتفجير “البيجرز” لو حدث عام 2023 انهاء الحرب في وقت أبكر؟ سؤال طرحته صحيفة “جيروزاليم بوست” التي كشفت أنّه كان يمكن لتفجير البيجرو…

فريدمان لفريق ترامب: ما حدث في سوريا لن يبقى في سوريا

تشكّل سوريا، في رأي الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان، نموذجاً مصغّراً لمنطقة الشرق الأوسط بأكمله، وحجر الزاوية فيها. وبالتالي ستكون لانهيارها تأثيرات في كلّ…

ألكسندر دوغين: إسقاط الأسد فخّ نصبه بايدن لترامب

يزعم ألكسندر دوغين الباحث السياسي وعالم الفلسفة الروسي، الموصوف بأنّه “عقل بوتين”، أنّ سوريا كانت الحلقة الأضعف في خطّة أوسع نطاقاً لتقويض روسيا، وأنّ “سقوط…

إغناتيوس: قطر تقود جهود تشكيل حكومة انتقاليّة في سوريا

كشف ديفيد إغناتيوس المحلّل السياسي في صحيفة واشنطن بوست أنّ “قطر، التي كانت لفترة طويلة داعمة سرّية لهيئة تحرير الشام، تقود الجهود العربية لإنشاء حكومة…