ديفيد إغناتيوس: غالانت رجل الحلّ؟

مدة القراءة 5 د

حين أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي أنّ “الوقت قد حان لكي تبدأ إسرائيل بناء قوّة أمنيّة فلسطينية في غزة يمكنها توفير الاستقرار هناك بعد انهيار القوة السياسية لحماس”، كشف وفقاً للمحلّل والكاتب السياسي في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناتيوس عن تحوّل في نقاش الحكومة الإسرائيلية لقضايا الحكم والأمن في غزة، بحيث تتقاسم المؤسّسة الدفاعية والأمنيّة وجهة نظره على نطاق واسع، لكن يعارضها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه اليميني.

 

لا يستبعد إغناتيوس أن تؤدّي “هذه الحملة العامّة المفتوحة من أجل اتّباع نهج جديد في غزة ما بعد الحرب، والتي تشمل قوات الأمن الفلسطينية، إلى انقسام حزب الليكود، الذي ينتمي إليه غالانت ونتنياهو، وتزيد من الحديث المتزايد في إسرائيل والولايات المتحدة عن أنّ غالانت يمكن أن يكون رئيس الوزراء المستقبلي”.

بالنسبة لغالانت الذي دعا نتنياهو إلى اتّخاذ قرار ودعم “حكومة بديلة لحماس في قطاع غزة”، فإنّ “الفكرة بسيطة”، كما نقل عنه إغناتيوس، فإذا كنّا لن نسمح لحماس بالسيطرة على غزة، ولا نريد لإسرائيل أن تسيطر عليها أيضاً، فما هو الحلّ؟ الجهات الفاعلة الفلسطينية المحلّية المدعومة من الجهات الفاعلة الدولية. أمّا التردّد فهو في جوهره قرار، وهذا يؤدّي إلى مسار خطير.

توافق غالانت وبايدن

في رأي إغناتيوس: “يتوافق نهج غالانت مع نهج إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تحثّ نتنياهو منذ أشهر على البدء ببناء قوات فلسطينية يمكنها في نهاية المطاف تولّي المسؤولية الأمنية في غزة”. ونُقل عن أحد المسؤولين الأميركيين وصفه لغالانت، الذي لعب دوراً أكبر في الحوار الأميركي الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة، مع توتّر العلاقات بين نتنياهو والرئيس بايدن، بأنّه “شخص لا غنى عنه” في حلّ المشاكل في الجدل المتوتّر بشكل متزايد حول كيفية إنهاء الحرب في غزة. فعلى الرغم من أنّ الجزء الأكثر وضوحاً في النزاع بين الولايات المتحدة وإسرائيل كان حول غزو محتمل لرفح، فإنّ السؤال الأكثر أهمّية هو كيفية إنهاء العمليات العسكرية وتحقيق الاستقرار في غزة.

بالنسبة لغالانت الذي دعا نتنياهو إلى اتّخاذ قرار ودعم “حكومة بديلة لحماس في قطاع غزة”، فإنّ “الفكرة بسيطة”، كما نقل عنه إغناتيوس

في هذا السياق، ينقل إغناتيوس عن غالانت قوله إنّه حذّر مجلس الوزراء في 26 تشرين الأول، بينما كانت إسرائيل تشنّ غزوها البرّي لغزّة، من أيّ غزو من دون خطّة لليوم التالي، إذ قال: “علينا أن نتأكّد من أنّ لدينا بديلاً لحماس، وعلينا أن نفعل ذلك خطوة بخطوة”. ثمّ توسع في حجّة “اليوم التالي” في كانون الأول، عندما نصح مجلس الوزراء قائلاً: “علينا التأكّد من أنّ لدينا مبادرة إيجابية وخلّاقة تبني شيئاً من شأنه أن يوجد الأمن”.

لذلك، يضيف إغناتيوس، أصدر غالانت في كانون الثاني خطّة عامة حدّدت نقطته المركزية: “سكّان غزة هم فلسطينيون، وبالتالي فإنّ الهيئات الفلسطينية ستتولّى المسؤولية، بشرط ألّا تكون هناك أعمال عدائية أو تهديدات ضدّ إسرائيل”. واقترح تشكيل قوّة عمل متعدّدة الجنسيات للمساعدة في تحقيق الاستقرار في غزة، يكون في عدادها الشركاء الأميركيون والأوروبيون والعرب، ويكون لمصر دور خاصّ فيها باعتبارها “لاعباً رئيسياً”.

مع أنّ غالانت لم يشِر في حديثه إلى دور السلطة الوطنية، إلا أنّ مسؤولي الدفاع، وفقاً لإغناتيوس، يدركون أنّ أيّ قوّة أمنيّة جديدة في غزة ستكون لها بعض الروابط مع السلطة الفلسطينية في رام الله. ونقل عن أحد كبار مسؤولي الدفاع الإسرائيلي قوله: “في غزة، لون العلم هو إمّا حماس أو السلطة الفلسطينية. ليس هناك خيار آخر. سيتعيّن علينا بناء قوات محلّية، لكنّهم سيتطلّعون إلى رام الله”.

يقرّ غالانت بأنّ “اقتراحه الاعتماد على الفلسطينيين لتحقيق الأمن الأساسي بعد الحرب ليس الحلّ الأمثل

سلطة فلسطينية منتعشة

وجهة النظر الإسرائيلية العمليّة هذه تتبنّاها أيضاً الولايات المتحدة التي تطالب بسلطة فلسطينية “منتعشة” تكون أقلّ فساداً وأكثر كفاءة، بحسب إغناتيوس الذي ينقل عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين قولهم إنّ “جهاز الشين بيت، وكالة الأمن الداخلي الإسرائيلي، يقوم بالفعل بتقويم المجنّدين المحتملين لقوّة أمنيّة في غزة من بين أكثر من 8,000 شخص هناك مرتبطين بالسلطة الفلسطينية. بل إنّ أحد المسؤولين قال إنّه خلال مراجعة الأسماء، تساءل الإسرائيليون: “كم عدد الذين ينتمون إلى حماس بينهم، أو كبار السنّ أو الموتى”.

يقرّ غالانت بأنّ “اقتراحه الاعتماد على الفلسطينيين لتحقيق الأمن الأساسي بعد الحرب ليس الحلّ الأمثل. فلقد كنت أحارب الإرهاب الفلسطيني منذ عام 1976. وأعرف المخاطر. لكنّ الخيارين الآخرَين هما سيطرة إسرائيل أو حماس على غزة، وكلاهما غير مقبول”. لكن بالنسبة لإغناتيوس تكشف محادثته مع وزير الدفاع الإسرائيلي أنّ “نقاشاً جديداً مهمّاً قد بدأ في إسرائيل، ومع شريكتها الولايات المتحدة، لا يتضمّن فقط إنهاء الحرب في غزة، بل وإنشاء حكم فلسطيني مستقرّ هناك بعد انتهائها”. وكما قال غالانت “لا بدّ لأيّ عمل عسكري أن يؤدّي إلى حلّ سياسي”.

إقرأ أيضاً: فريدمان: خطأ بايدن وخطر نتنياهو

لقراءة النص بلغته الأصلية اضغط هنا

مواضيع ذات صلة

الرواية الإسرائيلية لتوقيت تفجير “البيجرز”

هل كان يمكن لتفجير “البيجرز” لو حدث عام 2023 انهاء الحرب في وقت أبكر؟ سؤال طرحته صحيفة “جيروزاليم بوست” التي كشفت أنّه كان يمكن لتفجير البيجرو…

فريدمان لفريق ترامب: ما حدث في سوريا لن يبقى في سوريا

تشكّل سوريا، في رأي الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان، نموذجاً مصغّراً لمنطقة الشرق الأوسط بأكمله، وحجر الزاوية فيها. وبالتالي ستكون لانهيارها تأثيرات في كلّ…

ألكسندر دوغين: إسقاط الأسد فخّ نصبه بايدن لترامب

يزعم ألكسندر دوغين الباحث السياسي وعالم الفلسفة الروسي، الموصوف بأنّه “عقل بوتين”، أنّ سوريا كانت الحلقة الأضعف في خطّة أوسع نطاقاً لتقويض روسيا، وأنّ “سقوط…

إغناتيوس: قطر تقود جهود تشكيل حكومة انتقاليّة في سوريا

كشف ديفيد إغناتيوس المحلّل السياسي في صحيفة واشنطن بوست أنّ “قطر، التي كانت لفترة طويلة داعمة سرّية لهيئة تحرير الشام، تقود الجهود العربية لإنشاء حكومة…