أكثر من 50 عاماً مرّت على مشاهد الاحتجاجات في الجامعات الأميركية في معظم أنحاء الولايات المتحدة الأميركية التي تتكرّر اليوم وتحتلّ شاشات التلفزة في جميع أنحاء العالم الذي لم يُفاجأ بها بقدر ما فوجئ بالسبب الدافع إليها، الحرب في غزة.
هذه المشاهد التي وثّقها طلاب صحافيون مصوّرون من مختلف الجامعات الأميركية ونشروها على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، جمعتها مجلة “تايم” الأميركية في عدد مميّز احتلّت غلافه صورة لطالبة بالكوفيّة الفلسطينية.
توضح محرّرة الصور في المجلّة كارا ميلشتاين التي تمّ ترشيح أعمالها لجوائز من ASME، وجمعية مصمّمي النشر، وEmmys، وWorld Press Photo، وPictures of the Year International، من بين منظمات، سبب احتلال الكوفية الفلسطينية غلاف عددها في وقت تستمرّ فيه إسرائيل بحربها ضدّ غزة بدعم أميركي وتطلق حملتها ضدّ رفح وسط تردّد أميركي:
“طوال الأسابيع الأخيرة، شاهد العالم واستمع إلى الجامعات الأميركية لتصبح النقطة المحورية للاحتجاجات الأميركية ضدّ الحرب الإسرائيلية في غزة، التي قتلت أكثر من 30 ألف شخص منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والمناقشات حولها. كما يُفعل غالباً في تلك اللحظات، لجأ محرّرو صور مجلة “تايم” إلى المصوّرين الأقرب إلى الحدث، أي الطلاب. ففي نهاية المطاف، الصحافيون الطلاب هم الذين يرون ما يحدث حقّاً في الحرم الجامعي. كانوا هناك قبل وصول الصحافيين من المؤسّسات الإخبارية الكبرى، وسيكونون هناك بعد مغادرة الصحافة الدولية.
في رأي محرّرة صور “تايم” تبقى النقطة المرجعية للمحتجّين هي حملة الثمانينيات لسحب الاستثمارات في جنوب إفريقيا في ظلّ نظام الفصل العنصري
تحرك أخلاقي وليس وجودياً
تضيف ميلشتاين: “لقد تأثّرنا ليس فقط بالصور التي أنتجها هؤلاء الطلاب، ولكن أيضاً بتفانيهم في سرد أكبر قدر ممكن من القصة. إنّ المسؤولية التي يشعر بها هؤلاء المصوّرون للحصول على جميع زوايا القصة، ولإبقاء زملائهم الطلاب وعامة الناس على اطّلاع دائم، تظهر في كلّ إطار. وكلّ من كان خارج الحرم الجامعي استطاع معرفة ما يحدث في الداخل. إذ تقدّم صورهم فهماً أوضح لما يحدث في هذه اللحظة من الزمن في الكلّيات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتذكيراً قويّاً بقوّة التصوير الفوتوغرافي في التقاط لحظات الحقيقة”.
تشير ميلشتاين إلى أنّها في مراجعتها للعديد من الصور الأرشيفية للاحتجاجات الجامعية خلال الستّينيات والثمانينيات، وجدت أنّ الصور في الجامعات اليوم تعكس مشاهد الجهد العالي، ولحظات الهدوء والوجبات المشتركة والصلاة، والتصعيد الذي حدث في العديد من الأماكن مع وصول الشرطة والمتظاهرين المناهضين. وبينما كانت الحرب الخارجية التي احتجّ عليها الطلاب في الستّينيات والسبعينيات من القرن الماضي هي الحرب التي هدّدت حياتهم حتى مع الأعمال الانتقامية، فإنّ ما دفع الطلاب إلى المخاطرة بسلامتهم والتحاقهم العلمي ووظائفهم المستقبلية في مئات الجامعات هذا الربيع هو مقتل آخرين. فقد قتلت إسرائيل 34 ألف فلسطيني في قطاع غزة منذ أن شنّت عملياتها الانتقامية ردّاً على هجوم حماس في 7 أكتوبر الذي أسفر عن مقتل 1,200 شخص وجرح 1,200 آخرين واحتجاز 240 شخصاً كرهائن.
لسرد القصة بالصور جمعت المجلة ونشرت في عددها الأخير الذي كان غلافه الكوفية ما رآه ووثّقه الطلاب الصحافيون بعدساتهم في أحرام جامعاتهم
رأي شباب أميركا غير كهولها
في رأي محرّرة صور “تايم” تبقى النقطة المرجعية للمحتجّين هي حملة الثمانينيات لسحب الاستثمارات في جنوب إفريقيا في ظلّ نظام الفصل العنصري. في حملتهم، التي تهدف إلى كشف ما يعتبرونه تواطؤاً ماليّاً مع تصرّفات إسرائيل، يجسّد النشطاء، الذين يرتدي العديد منهم الكوفيّات ويعيشون في الخيام، إن لم تكن جامعاتهم قد أجبرتهم على الخروج، فجوةً بين الأجيال لم تكن مرئية سابقاً إلا في استطلاعات الرأي، وهي أنّ الشباب الأميركيين الذين عرفوا إسرائيل فقط أثناء احتلالها للضفة الغربية وحصارها لغزّة هم أكثر دعماً للقضية الفلسطينية من أولئك الذين يبلغون من العمر ما يكفي ليتذكّروا أنّها في الصراع الأوّل قاتلت، في ظلّ الهولوكوست، لإنشاء مكان آمن لليهود في جميع أنحاء العالم.
تضيف ميلشتاين أنّ هذا الصراع هو الذي أعاد اليوم الكلّيات الأميركية إلى مكانتها باعتبارها البوتقة التي تعمل من خلالها الأمّة على حلّ أسئلتها الأخلاقية. وكان الطلاب الصحافيون هم الذين وثّقوا الحريق الناتج عنها، خاصة في الجامعات التي منعت الصحافة المهنية من الإدلاء بشهادتها.
إقرأ أيضاً: دنيس روس وماكوفسكي: لتوقف إسرائيل إطلاق النّار من جانب واحد
لسرد القصة بالصور جمعت مجلة “تايم” ونشرت في عددها الأخير الذي كان غلافه الكوفية ما رآه ووثّقه الطلاب الصحافيون بعدساتهم في أحرام جامعاتهم: ومنها جامعات جورج واشنطن، كولومبيا، فاندربيلت هستلر، ساوثرن كاليفورنيا، إنديانا، برنستاون، روتغرز، تكساسا أوستن، كاليفورنيا لوس أنجلوس، ميشيغان. والصور موجودة على الرابط أدناه.
لقراءة النض الأصلي: إضغط هنا