ثلاث نقاط وسؤال هي حصيلة لقاء الإليزيه الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون.
النقاط الثلاث التي تمّ بحثها:
1- دعم لبنان بإقناع دول الاتحاد الأوروبي بمساعدته على إعادة النازحين السوريين إلى مناطق آمنة داخل سوريا.
2- مساعدة الجيش اللبناني وتجهيزه لتسلّم أمن الحدود الجنوبية تمهيداً لتطبيق القرار 1701.
3- انتخابات رئاسة الجمهورية.
النقاط الثلاث يظلّلها سؤال محوريّ: هل بات بمقدور فرنسا أن تقدّم ما عجزت عن تقديمه على مرّ السنوات الماضية؟
ثلاث ساعات أمضاها ميقاتي في ضيافة قصر الإليزيه وسط حفاوة استقبال من الرئيس إيمانويل ماكرون الذي جمع له نخبة من كبار مستشاريه واستبقاه إلى مأدبة الغداء لينضمّ إلى الاجتماع الثنائي قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي جنّب حضوره ميقاتي نقمة مسيحية عليه بعدما لعب دور رئيس البلاد في لحظة وثّقتها عدسات المصوّرين أمام القصر الجمهوري الفرنسي. وقد وجد فيها ميقاتي متنفّساً من دولة تهتمّ بلبنان الموجود في عين العاصفة. وأرادها رئيس فرنسا العائد حديثاً من زيارة لواشنطن محاولة جديدة لإنهاء سجلّ إخفاقاته المتعاقبة في لبنان.
نجيب ميقاتي وخُرم الإبرة
اختار الرئيس نجيب ميقاتي اليوم لتلبية الزيارة المقرّرة قبل شهرين بالتزامن مع فورة بحث ملفّ النازحين وحماوة الوضع في جنوب لبنان. يبحث ميقاتي عن خرم إبرة يدخل منه لفصل غزة عن الجنوب وقطع الطريق على أيّ حرب إسرائيلية محتملة. أوّل ما تبلّغه نجيب ميقاتي من رئيس فرنسا أنّ الضربة الإسرائيلية وردّ إيران عليها قد انتهيا من دون جرّ المنطقة إلى حرب واسعة.
اختار الرئيس ميقاتي اليوم لتلبية الزيارة المقرّرة قبل شهرين بالتزامن مع فورة بحث ملفّ النازحين
تنفي مصادر أن تكون للزيارة أيّ أبعاد سياسية. وتؤكّد أنّ الغاية هي السعي إلى دعم الجيش اللبناني استعداداً لتطبيق القرار 1701 حتى يكون الجيش متأهّباً لانتشار جنوده على طول الحدود وتسلّم زمام الأمن والاستقرار. ومن جهتها، تسعى فرنسا وفق مصادر مراقبة إلى لعب دور يسجَّل لها أميركياً على مستوى دعم الجيش بعدما أضعفت الولايات المتحدة دورها في هذا الإطار.
المطلوب وفق دراسة أعدّها قائد الجيش تجنيد قرابة عشرة آلاف من العناصر بكلفة مليار دولار يعجز لبنان عن جمعها. وعدت فرنسا بالسعي مجدّداً إلى الدعوة إلى مؤتمر يدعم الجيش كانت فكرته مطروحة سابقاً ثمّ جُيّرت إلى إيطاليا. فعُقد اجتماع في روما لهذه الغاية انتهى إلى إعلان الدول المشاركة عجزها عن تمويل مشروع كهذا.
الجيش هو النافذة الوحيدة التي يتطلّع المجتمع الدولي من خلالها إلى مساعدة لبنان شرط الانتشار على طول الحدود مقابل انسحاب الحزب إلى شمالي الليطاني. وهو ما ورد في سياق الورقة الفرنسية التي تحفّظ لبنان على مجمل بنودها. لكنّه فوّض فرنسا البحث عن أطر لتنفيذ القرار 1701 شرط أن تعلن إسرائيل التزامها بتنفيذه.
تقول معلومات “أساس” أنّ فرنسا تسعى جديّاً وبدعم أميركي إلى تعويم اقتراحها تأمين دعم للجيش اللبناني لتمكينه من القيام بدوره في الجنوب اللبناني.
وشارك العماد عون في اجتماع لدعم الجيش بدعوة من رئيس أركان الجيوش الفرنسية الفرنسية، وبحضور رئيس أركان الدفاع الإيطالي. وصفته مصادر مطلعة بأنه كان اجتماعا “ناجحاً”. وهو أتى “استكمالاً لإجتماع روما حيث كان العماد عون قد قدّم دراسة مفصلة عن احتياجات الجيش اللوجستية والمادية. تمّ استيضاحه حول بعض ما ورد فيها وامكانية المساعدة لاسيما في ما يتعلق بالوضع جنوباً. وقد تم الإتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لبحث إمكانية المساعدة بعدما يتأمّن القرار السياسي ويدخل وقف اطلاق النار حيّز التنفيذ”.
أوّل ما تبلّغه ميقاتي من رئيس فرنسا أنّ الضربة الإسرائيلية وردّ إيران عليها قد انتهيا
فرنسا العاجزة
المطلوب لبنانيّاً كثير، لكن ماذا عن قدرة فرنسا؟ وما المسموح لها أميركياً فعله، وهي التي تراجع دورها في لبنان ومُنيت بإخفاقات بالجملة منذ زيارة رئيسها في أعقاب انفجار مرفأ بيروت. وصولاً إلى موفدها جان إيف لودريان الذي انسحب تدريجياً وغادر عقب آخر زياراته على أمل العودة؟ ولا يتقدّم حضور سفيرها في عداد اللجنة الخماسية على غيره من السفراء. علماً أنّه على تواصل مستمرّ مع الحزب وطريقه إلى حارة حريك سالكة.
زيارة الرئيس والجنرال لقصر الإليزيه انتهت إلى ثلاثة وعود فرنسية دون ضمانات بالتنفيذ:
1- دعم الجيش اللبناني بكلّ الوسائل المتاحة لتمكينه من القيام بمهمّاته، وتحديداً في الجنوب.
2- تشكيل لجنة لبنانية فرنسية مشتركة لتقديم المساعدات للجيش اللبناني حين يتوافر القرار السياسي ويدخل قرار وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.
3- المساعدة في تخفيف عبء النازحين السوريين من خلال عضوية فرنسا في الاتحاد الأوروبي. بخاصة أنّ فرنسا إلى جانب ألمانيا هما الأكثر اعتراضاً على عودة النازحين إلى بلادهم.
إقرأ أيضاً: لقاءات الخماسية: بحث عن رئيس.. في كومة قشّ الخصومات
وعود أطلقها الرئيس الفرنسي لميقاتي وعون، لكنّ العبرة دائماً تبقى في الرغبة والقدرة على التنفيذ.