لا أرقام موحّدة لعدد اللاجئين السوريين في لبنان. مركز الدولية للمعلومات أشار في إحصاء له إلى أنّ عدد النازحين يقارب مليوناً وستمئة ألف سوري. في الوقت الذي تحدّثت فيه أرقام أخرى في فترات سابقة عن مليونَي لاجئ. أمّا عدد اللاجئين السوريين المسجّلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فهو مليون و486 ألفاً بحسب الأمن العامّ اللبناني. المفاجأة أنّ الداتا هي عبارة عن أسماء فقط ولا تتضمّن تاريخ تسجيل دخول لبنان أو أرقام الهواتف ولا حتى معلومات بيومترية ولا مكان سكن اللاجئين.
هذه الفوضى استفاق عليها المسؤولون اللبنانيون على خلفية الأحداث الأمنيّة الأخيرة التي كادت أن تؤدّي إلى فتنة داخلية. وعليه، بدأ كلّ من المسؤولين إعلان خطط، منها ما هو قابل للتطبيق، ومنها ما هو بعيد عن الواقع.
ميقاتي والرئيس القبرصيّ والاتّحاد الأوروبيّ
قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنّ نهاية شهر نيسان الجاري ستحمل تطوّراً مهمّاً جداً جداً في ملفّ اللاجئين. جاء هذا الكلام بعد زيارة الرئيس القبرصي لبنان ولقائه كلّاً من ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون. في التفاصيل أنّ ملفّ اللاجئين السوريين يجمع بين قبرص ولبنان، سيما أنّ قوارب الهاربين من الشواطئ اللبنانية محطّتها الأولى قبرص. فكان النقاش في كيفية معالجة هذه القنبلة الموقوتة في دول اللجوء وإعادة اللاجئين إلى بلادهم بعد تحوّل مناطق عدّة إلى مناطق آمنة في سوريا. في الخلاصة أبلغ الرئيس القبرصي ميقاتي وعون أنّه سيرفع هذا الصوت باسم قبرص ولبنان معاً في الاتحاد الأوروبي الذي يعقد اجتماعاً شهرياً دوريّاً لوزراء خارجيّته. ثمّ في مؤتمر بروكسيل لدعم مستقبل سوريا الذي يعقد للمرّة الثامنة في نهاية أيار المقبل. وذلك بهدف وضع الملفّ على طاولة النقاش وإقرار بنود من شأنها أن تشجّع اللاجئين على العودة إلى وطنهم.
الاتّحاد الأوروبيّ الغائب الحاضر
يعقد الاتحاد الأوروبي اجتماعاً استثنائياً اليوم الثلاثاء بعدما دعا إليه مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل لمناقشة الهجمات الإيرانية على إسرائيل بهدف وقف التصعيد.
انسجاماً مع تطوّرات الساحة المحلّية والإقليمية قرّر الرئيس ميقاتي أن يتشاور مع الوزراء حول كيفية معالجة أزمة اللجوء
لا وجود على جدول أعمال الاتحاد الأوروبي بند إعادة البحث في الموادّ المتعلّقة باللاجئين السوريين. وبالتالي في حال طرح الرئيس القبرصي أو وزير خارجيّته هذا البند تبقى أمامه خطوات عدّة قبل مناقشته جدّياً. أوّلاً في المواقف السياسية لدول الاتحاد. ثانياً في الشقّ التقني الذي يحتاج إلى وضع سفراء دول الاتحاد خطة تقنيّة لعرضها لاحقاً على وزراء الخارجية. اليوم، لا خطة تقنيّة أُقرّت ولا قرار سياسياً اتُّخذ.
المعروف أنّ دول المتوسط، كقبرص واليونان وإسبانيا وإيطاليا، تدعم لبنان في مطلبه إعادة اللاجئين انطلاقاً من موقعهم الجغرافي المشترك على البحر المتوسط الذي يجعلهم معرّضين لأزمة اللجوء على العكس من ألمانيا وفرنسا اللتين ترفضان حتى الساعة تغيير أيّ قرار يتعلّق بالتعامل مع اللاجئين السوريين. فالمعروف في قانون الاتّحاد أنّ أيّ قرار يُفترض أن يُتّخذ بإجماع الـ27 دولة المنضوية في الاتحاد. وعليه، هل اتُّخذ القرار السياسي بالبحث في إعادة التواصل مع النظام السوري؟ لا تزال هذه النقطة خلافية في الاتحاد، وبالتالي لا نقاش في إعادة صياغة البند المتعلّق باللاجئين الذي اتُّخذ عام 2011، وتحديداً حول ما سُمّي بـ”العودة الآمنة” و”المناطق الآمنة”، قبل حسم هذا الخلاف.
مؤتمر بروكسيل: أزمة أوروبا الاقتصاديّة أولويّة
يُعقد مؤتمر بروكسيل لدعم مستقبل سوريا والمنطقة بصيغته الثامنة في نهاية شهر أيار. على مرّ السنوات أقرّ هذا المؤتمر تمويل المؤسّسات الدولية المعنيّة بمساعدة اللاجئين السوريين في بلاد اللجوء. الأمر الذي سبّب إشكاليات يعرفها اللبنانيون جيّداً، لا سيما في الأزمة الاقتصادية التي ألمّت بلبنان وبودائع اللبنانيين ونمط حياتهم وصولاً إلى عدم قدرتهم على الاستشفاء.
لا وجود على جدول أعمال الاتحاد الأوروبي بند إعادة البحث في الموادّ المتعلّقة باللاجئين السوريين
أدّت هذه الفوارق المعيشية والاقتصادية لمصلحة اللاجئين إلى أزمة اجتماعية تحوّلت إلى نزعات عنصرية في كثير من المحطّات. فبات المطلب اللبناني تعديل المادّة التي تنصّ على تمويل اللاجئين في بلاد اللجوء، على اعتبار أنّ هذه المادّة أدّت إلى إبقاء اللاجئين حيث هم والامتناع عن العودة في ظلّ غياب المقوّمات الأساسية للحياة في بلدهم الأمّ. فبات المطلب تمويلهم في بلادهم الأمّ ليصبح التمويل دافعاً أساسياً لعودة اللاجئ إلى أرضه، على أن يأخذ التمويل أشكالاً عدّة ليست فقط مادّية. بل عبر مشاريع زراعية وصناعية صغيرة لإعادة المهجّرين إلى مجتمعاتهم .
هذا المطلب بحسب مصادر دبلوماسية أوروبية صعب التحقّق حاليّاً لأنّ التمويل بدأ بالانخفاض في الأعوام الأخيرة بسبب الأزمة الاقتصادية التي ألمّت بأوروبا. وبالتالي لا تعويل على تمويل جدّي يعيد اللاجئين إلى بلادهم، إضافة إلى غياب القرار السياسي الأميركي الذي يتحكّم بكلّ قرارات الاتحاد الأوروبي في هذا الملفّ تحديداً.
خطط محلّيّة
منذ سنوات قام جهاز الأمن العامّ بمحاولات لإعادة أعداد من اللاجئين السوريين. إلا أنّها بقيت محاولات يتيمة وخجولة لا تراعي حجم الأزمة .
اليوم وضع الأمن العامّ خارطة طريق لتقصّي الداتا غير المكتملة للّاجئين السوريين وتنظيم وضعهم قانونياً. تنقسم الخطّة إلى خطوات ثلاث:
1- إجراء مسح في المخيّمات والتجمّعات بالتعاون مع البلديات.
2- تقويم الأعداد التي تستوفي شروط اللجوء لمنح أصحابها الإقامة المطلوبة بالتنسيق مع المفوضية بانتظار إعادة توطينهم لدى بلد ثالث ضمن برنامج إعادة التوطين تحت إشراف الأمم المتحدة.
أمّا من لا تنطبق عليه شروط اللجوء فيلتزم القوانين اللبنانية، ويتمّ إعلام المفوضية لإغلاق ملفّه. أمّا إقامته فتكلّف حتى اللحظة 300 ألف ليرة على أن تعدَّل قريباً لتصبح 13 مليوناً، أي 150$.
عدد اللاجئين السوريين المسجّلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فهو مليون و486 ألفاً بحسب الأمن العامّ اللبناني
3- العودة على أن تطبّق بثلاث وسائل:
أ- طوعية، أي عبر قافلات تحت إشراف المفوضية.
ب- تلقائية عبر الحدود لكلّ من يريد العودة الطوعية.
ج- إعادة التوطين تبعاً لاتفاقية لبنان والمفوضية عام 2003 التي تنصّ على أنّ لبنان ليس بلد لجوء ويمكنه استقبال اللاجئ لسنة واحدة فقط على أن يتمّ إيجاد بلد آخر له.
وعليه سيبدأ الأمن العامّ بتنفيذ خطّته قريباً من دون تحديد توقيت أول قافلة تعيد عدداً من اللاجئين إلى سوريا.
إقرأ أيضاً: نامَت بيروت على حرب واستفاقت على Hiking العاقورة!
ميقاتي يتشاور مع الوزراء وستريدا تزور الداخليّة
انسجاماً مع تطوّرات الساحة المحلّية والإقليمية قرّر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن يتشاور مع الوزراء حول كيفية معالجة أزمة اللجوء وغيرها من الأزمات. في المقابل زارت أمس نائبة بشرّي ستريدا جعجع وزارة الداخلية لتطلب من وزيرها أن يجعل من بشرّي مثالاً لمعالجة أزمة اللجوء عبر تطبيق القوانين. أي التحقيق مع السوريين في مدى قانونية إقامتهم وشروط لجوئهم على أن يبقى المستحقّ ويرحل كلّ مخالف للقانون.
لمتابعة الكاتب على X: