مركز أبحاث أميركي(2/4): عناصر قوّة الحزب… وتكتيكات إسرائيل لتهزمها

2024-03-30

مركز أبحاث أميركي(2/4): عناصر قوّة الحزب… وتكتيكات إسرائيل لتهزمها

“على الرغم من أنّ الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة استحوذت على اهتمام العالم، يلوح في الأفق خطر جدّي من اندلاع حرب إسرائيل والحزب. وفقاً لتقويم نشره هذا الأسبوع “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية – CSIS“.

في الحلقة الثانية من هذا التقرير الطويل، الذي يختصره “أساس” ويلخّصه، يستعرض المعدّون مزايا القوّة التي يتمتّع بها الحزب. وكيف تعمل إسرائيل على مناورتها لتحاول هزيمته… وكيف تقاتل الجغرافيا والأنهار والجبال إلى جانب الحزب.

يعدّد التقرير أهداف الحزب وقواه العسكريّة وقدراته، والطريقة التي تفكّر بها إسرائيل لهزيمته:

الأهداف: لدى الحزب عدّة أهداف يمكن أن تؤدّي إلى صراع مع إسرائيل. بعضها يجعل الصراع أقلّ احتمالا. أو على الأقلّ يدفع الحزب إلى توخّي الحذر. إذ يعتبر الحزب نفسه منظمة ثورية وأحد قادة النضال الإسلامي الأوسع ضدّ إسرائيل. وكان تدمير إسرائيل جزءاً من أهداف أيديولوجيّته الأساسية منذ تأسيسه. ومعظم أعضائه يعارضون بشدّة وجود الدولة اليهودية. ويتشارك الحزب هذا الهدف مع إيران. التي ترفض إسرائيل أيديولوجيّاً أيضاً وتعتبرها تهديداً للجمهورية الإسلامية. لذا، وعلى مدى عقود، انخرطت إيران وإسرائيل في حرب ظلّ. ونفّذت إسرائيل عدّة اغتيالات ضدّ إيران. وشكّلت تحالفات مع بعض الخصوم الإقليميين للجمهورية الإسلامية. من جانبها، دعمت إيران جماعات مثل حماس والحزب ضدّ إسرائيل. واستخدمت الهجمات العسكرية. وحاولت إضعاف إسرائيل. ويعتبر الحزب نفسه أيضاً مدافعاً عن لبنان. وتشكّل النزاعات الإقليمية المختلفة والتوغّلات الإسرائيلية مصدراً دائماً للتوتّر. وأخيراً، يسعى الحزب، مثل حماس، إلى إطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى إسرائيل.

مع ذلك، لدى الحزب أسباب مهمّة لتوخّي الحذر. فهو يسعى إلى توسيع شعبيّته في لبنان. وقد يؤدّي إشعال حرب مدمّرة إلى تقويض هذه الشعبية بشكلٍ خطير. خاصة خارج قاعدته الشعبية الشيعية. وقد تسعى إيران أيضاً إلى الاحتفاظ بالحزب لاستخدام سلاحه إذا شنّت إسرائيل أو الولايات المتحدة هجوماً كبيراً على إيران نفسها. وأخيراً، يعترف الحزب بالقوة العسكرية لإسرائيل ولن يستخفّ بإثارة صراع قد يخسره، أو على الأقلّ يتسبّب في دمار واسع النطاق في لبنان.

لدى الحزب عدّة أهداف يمكن أن تؤدّي إلى صراع مع إسرائيل. بعضها يجعل الصراع أقلّ احتمالا. أو على الأقلّ يدفع الحزب إلى توخّي الحذر

إسرائيل

إسرائيل

خريطتان لمواقع تبادل الهجمات بين إسرائيل والحزب بين 8 تشرين الأول 2023 و15 آذار 2024 (المصدر: مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاع المسلّح ACLED).

50 ألف مقاتل… وقدرات التخفّي والمناورة

تصميم القوّة: لدى الحزب حوالي 30,000 مقاتل نشط. وما يصل إلى 20,000 مقاتل احتياطي. تتكوّن قواته أساساً من فرق مشاة خفيفة، تمّ تدريبها وبناؤها للتخفّي والتنقّل والاستقلالية. استخدم الحزب نسخة ممّا تسمّيه الولايات المتحدة “قيادة المهمّة”. لتمكين مرؤوسيه من اتّخاذ قرارات مستقلّة في ساحة المعركة بناءً على نوايا القائد. وقد سمح تصميم القوّة هذا للحزب بالعمل بفعّالية في ظلّ ظروف القوة النارية الإسرائيلية الساحقة. ففي عام 2006، على سبيل المثال، تمّ تصميم وحدات الحزب الصاروخية لإنشاء موقع إطلاق، وإطلاق النار، والتفرّق في أقلّ من 28 ثانية، بالاعتماد على معدّات موضوعة مسبقاً. وملاجئ تحت الأرض. ودرّاجات جبليّة لضمان أقلّ درجة ممكنة من التعرّض. وفي أعقاب حرب 2006، واصل الحزب البناء على نقاط القوّة في هذا النهج. فنفّذ اللامركزية في قيادته وسيطرته. وأعاد تنظيم صفوفه لإجبار جيش الدفاع الإسرائيلي على الانتقال إلى مناطق أكثر حضرية. حيث يمكن لمقاتليه الاستفادة من المواقع المخفيّة والمحصّنة.

أتاحت تجربة الحزب في القتال دعماً لبشّار الأسد في سوريا، على مدى العقد الماضي، إمكانية الوصول إلى قدرات وكفاءات تستخدمها الجيوش التقليدية. يستطيع الحزب الآن إجراء مناورات منسّقة لقوّات أكبر. واستخدام المدفعية القمعيّة، وإجراء الخدمات اللوجستية لدعم مجموعات أكبر من القوات. كما أتاح القتال في سوريا للحزب إمكانية الوصول إلى الدبّابات القتالية الرئيسية من طراز T-72، وT-54/-55، وT-62.

“على الرغم من أنّ الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة استحوذت على اهتمام العالم، يلوح في الأفق خطر جدّي من اندلاع حرب إسرائيل والحزب

لكنّ قدرته على استخدام المدرّعات داخل لبنان أمر مشكوك فيه. وتتطلّب دبّابات القتال الرئيسية تشكيلات دعم وسلاسل إمداد مخصّصة. قد لا تكون موجودة في مناطق سيطرة الحزب في لبنان نفسه. وستستهدف إسرائيل دبّابات القتال الرئيسية بقوّة بالطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيّار والمدفعية. كما حارب الحزب عدوّاً مختلفاً في سوريا، هو قوات غير نظامية تبدو مختلفة تماماً عن الجيش الإسرائيلي الحديث. إنّ قدرة الحزب على الاستخدام الفعّال للقدرات التي اكتسبها منذ عام 2006 في مواجهة القوّة النارية للجيش الإسرائيلي. وخاصة القوة الجوّية. غير واضحة أيضاً. وفي الواقع، من المحتمل أن يتمّ تدمير أيّ قوات كبيرة وثقيلة بسرعة إذا تمّ نشرها.

هل تدمّر إسرائيل شبكة أنفاق الحزب؟

الجغرافيا والمواقع الدفاعية: توفّر جغرافيا جنوب لبنان العديد من المزايا التي يمكن لمقاتلي الحزب استغلالها في الحرب مع إسرائيل. تتكوّن المنطقة بشكل أساسي من تلال صخرية. في عام 2006 وفي اشتباكات أخرى مع إسرائيل، استخدمت مجموعات صغيرة ومتنقّلة من مقاتلي الحزب الأشجار وغطاء النباتات والكهوف والمخالفات السطحية والمباني على طول سفوح التلال. بهدف إخفاء تحرّكاتهم وإطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار والصواريخ المضادّة للدبابات على المواقع الإسرائيلية على الحدود. ومن المرجّح أن تقتصر أيّ قوّة برّية عسكرية إسرائيلية ثقيلة تحاول التحرّك في جميع أنحاء المنطقة على الطرق الرئيسية الصلبة بسبب التضاريس الجبلية. وبالتالي ستكون عرضة للهجمات من الصواريخ المضادّة للدبابات والأجهزة المتفجّرة المرتجلة والكمائن.

بنى الحزب أيضاً شبكة من الأنفاق والمخابئ في تلال جنوب لبنان لاستيعاب ونقل المعدّات والأفراد بشكلٍ آمن نسبياً. لكنّه يستخدم أيضاً هذه البنية التحتية لشنّ الكمائن والهجمات الصاروخية. وفي غياب تحصينات عسكرية مخصّصة لهذا الغرض، يستطيع مقاتلو الحزب استغلال البنية التحتية المدنية القائمة في المدن والبلدات والقرى في المنطقة.

توفّر جغرافيا جنوب لبنان العديد من المزايا التي يمكن لمقاتلي الحزب استغلالها في الحرب مع إسرائيل. تتكوّن المنطقة بشكل أساسي من تلال صخرية

خلال حرب عام 2006، كانت البنية التحتية المدنية بالغة الأهمية لمقاتلي الحزب في جنوب لبنان. واستخدموها بدلاً من التحصينات العسكرية الرسمية لإخفاء مراكز القيادة. وتعقيد المهمة أمام عمليات الاستهداف الإسرائيلي. وإخفاء المقاتلين عن الكمائن. وتمكين المقاتلين من التفرّق والمناورة والدفاع عن أنفسهم بشدّة. فرّ آلاف المدنيين من جنوب لبنان مع اشتداد الضربات بين الحزب وإسرائيل بعد 7 أكتوبر (تشرين الأوّل) 2023. وأصبحت بعض البلدات والقرى الواقعة على طول الحدود الجنوبية للبنان شبه خالية بالكامل. وفي حالة حرب مع إسرائيل، يستطيع الحزب استغلال البنية التحتية المدنية وشبكة الأنفاق والمخابئ التابعة له لمهاجمة القوات البرّية الإسرائيلية والانسحاب بسرعة. لكن إدراكاً من إسرائيل لتحصينات الحزب وتكتيكاته المحتملة، من المرجّح أن تركّز هجماتها على تنظيف وتدمير شبكة أنفاق الحزب في جنوب لبنان.

يعبر جنوب لبنان عددٌ من الأنهار. منها نهر الليطاني الذي يتدفّق جنوباً من جبال لبنان قبل أن يتحوّل غرباً ليصبّ في البحر الأبيض المتوسط. وتمثّل السيطرة على هذه الأنهار وخصائصها هدفاً استراتيجياً مهمّاً. بما في ذلك مراقبة حركة القوات والمعدّات والإمدادات. تعمل هذه الأنهار أيضاً بمنزلة تحصينات دفاعية طبيعية يمكن أن تستغلّها القوات الدفاعية للحصول على مزايا تكتيكية في القتال.

 

في الحلقة الثالثة غداً:

تفاصيل وأرقام عن ترسانة الحزب من الصواريخ والقذائف والأنظمة الجوّية بدون طيّار. والصواريخ الموجّهة المضادّة للدبّابات والأجهزة المتفجّرة المرتجلة. وأنظمة الدفاع الجوّي والقوّات المقاتلة.

إقرأ أيضاً: مركز أبحاث أميركي (1/4): الحرب على لبنان آتية… ماذا عن الحزب؟

أعدّ التقرير:

– سيث جي. جونز، نائب الرئيس الأوّل، ومدير برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

– دانييل بايمان، زميل أقدم في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وأستاذ في كلّية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون.

– ألكسندر بالمر، زميل مشارك في مشروع التهديدات العابرة للحدود الوطنية في المركز.

– رايلي مكابي، مدير برنامج وباحث مشارك في مشروع التهديدات العابرة للحدود الوطنية في المركز.

حرص المؤلّفون على الإشارة إلى أنّ التقرير نُفّذ بدعم من المركز وليس من خلال أيّ رعاية مباشرة.

يعبر جنوب لبنان عددٌ من الأنهار. منها نهر الليطاني الذي يتدفّق جنوباً من جبال لبنان قبل أن يتحوّل غرباً ليصبّ في البحر الأبيض المتوسط

– مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، هو مركز أبحاث أميركي مقرّه واشنطن العاصمة. منذ تأسيسه في عام 1962 حتى عام 1987، كان تابعاً لجامعة جورج تاون. وهو، بحسب موقعه، مؤسّسة خاصة غير ربحية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. تركّز على قضايا السياسة العامّة الدولية، ومكرّسة لتعزيز الأفكار العملية لمواجهة أكبر التحدّيات في العالم. تساعد أبحاثها في إثراء صنع القرار لصانعي السياسات الرئيسيين وتفكير المؤثّرين الرئيسيين.

لقراءة النص الإصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

تقرير استخباريّ أميركيّ: الضفة الغربية نحو انتفاضة ثالثة؟

حذّر تقرير استخباريّ أميركي من أن تؤدّي العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية في الأشهر المقبلة إلى اندلاع انتفاضة ثالثة خطيرة…

ماذا تفعل إسرائيل في قلب آسيا الوسطى؟

بينما تتّجه الأنظار إلى الحرب الإسرائيلية ضدّ غزة ولبنان وتتفاقم المخاوف من حرب أوسع نطاقاً تشمل إيران والولايات المتحدة الأميركية، تبرز القوقاز وآسيا الوسطى كساحة…

إسرائيل وأخطاؤها الخمسة.. الطريق نحو الهاوية

“إسرائيل في ورطة خطيرة. مواطنوها منقسمون بشدّة، وهي غارقة في حرب لا يمكن الفوز بها في غزة. جيشها منهك وكذلك اقتصادها ولا تزال الحرب الأوسع…

هل من نهاية للصّراع الإسرائيليّ مع الحزب؟

سيظلّ الحزب يشكّل تهديداً لإسرائيل حتى بعد الحرب المحتملة، بحسب دانييل بايمان أحد كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والأستاذ في كلّية الخدمة الخارجية…