قبل عقد جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء سُحِب استباقياً بند إغلاق عدد من السفارات اللبنانية في الخارج. وخلال التئام الحكومة في اليوم نفسه تأجّل بتّ تعيين خفراء الجمارك. القاسم المشترك بين التأجيلين نقمة النائب جبران باسيل على الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي وبعض وزرائها، وفوقها نقمة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب على نجيب ميقاتي.
وتشير مصادر حكومية لـ “أساس” إلى أنّ “بند إغلاق السفارات سُحِب من جدول الأعمال بناءً على طلب وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الذي طلب استرداده مع العلم أنّه طلب مُزمِن من جانب الخارجية اللبنانية منذ نحو عامين. وقد جرى بحثه للمرّة الأولى على طاولة مجلس الوزراء في كانون الثاني الماضي، ثمّ في جلسة 28 شباط بعدما جرى تقليص عدد السفارات المحتمل إغلاقها من 17 إلى ستّ بعثات دبلوماسية. لكنّ بو حبيب عاد وسحبه قبل أيام من الجلسة الأخيرة للحكومة”.
بعدها بأيام، أطلق باسيل موقفاً تحذيرياً مُعتبراً أنّ “مجرّد تفكير حكومة تصريف الأعمال. الناقصة الشرعية والفاقدة الميثاقية بإقفال السفارات في تشيلي والأوروغواي والإكوادور والباراغواي وماليزيا والقنصلية العامّة في ريو دي جانيرو، هو خنق للبنان وإجرام بحقّ ملايين المغتربين اللبنانيين”.
فيتو باسيل على خفراء الجمارك
فيتو باسيل “الاغترابي” استُكمل بالفيتو على إقرار تعيينات 234 خفيراً جمركياً بعدما حمّل الوزراء المسيحيين في الحكومة والقوى السياسية وعلى رأسها “حركة أمل” و”الحزب” مسؤولية التغطية على ممارسات الحكومة. فيما لم تتوانَ محطة “أو تي في” المحسوبة على العونيين عن وصف الأمر بـ “الانتحار الجماعي”.
بالنسبة للرئيس نجيب ميقاتي، لم يكن الأمر سوى تنفيذ لقرار مجلس شورى الدولة الصادر في حزيران 2023 الذي أبطل قرار مجلس الوزراء في تموز 2020 وقرارات أخرى صادرة عن المجلس الأعلى للجمارك، وقضى بـ “الموافقة على تعيين الخفراء الناجحين في مباراة تطويع خفراء جمارك وفق ترتيب نجاحهم”، أي من دون الأخذ بالمعيار الطائفي والمناصفة، وهذا ما كرّس عملياً نجاح 234 خفيراً جمركياً جميعهم من السُّنّة والشيعة.
تشير مصادر حكومية لـ “أساس” إلى أنّ “بند إغلاق السفارات سُحِب من جدول الأعمال بناءً على طلب وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الذي طلب استرداده
باسيل: لا لميقاتي!
بغضّ النظر عن الحساسية العالية على خطّ وزارة الخارجية والرأي، والتباين في الكثير من ملفّات الخارجية بين باسيل والوزير عبدالله بو حبيب، وتجنّب نجيب ميقاتي انفجار لغم خفراء الجمارك بحكومته بسبب طابعه الطائفي، تتّخذ المواجهة الباسيليّة-الميقاتية بُعداً أكثر حدّة دفع برئيس التيار الوطني الحرّ إلى تحضير عريضة نيابية لم ترَ النور بسبب عدم تمكّنها من جَمع تواقيع 26 نائباً، لمحاكمة ميقاتي ووزرائه أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. بالمقابل، تجنّد فريق السراي للكشف عن “مشاركة وزراء جبران في جلسات الحكومة مواربة عبر إرسال مشاريع القوانين الخاصة بوزاراتهم لإقرارها بغيابهم”.
لا شكّ أنّ هذه المواجهة بين جبران باسيل ونجيب ميقاتي ستظلّل، بتأكيد مطّلعين، حكومة نجيب حتى آخر يوم من ولايتها. فيما تفيد معطيات “أساس” أنّ المعركة الكبرى لدى باسيل. التي لا تقلّ أهمية عن معركة رئاسة الجمهورية، هي قطع الطريق نهائياً أمام تكليف ميقاتي مجدّداً برئاسة الحكومة، ومهما كانت هويّة الرئيس المقبل.
الحكومة “تقتحم” “الحربيّة”
على خطّ موازٍ، تدور معركة أخرى على مستوى مختلف تماماً، عنوانها الخلاف المتمادي بين وزارة الدفاع وقيادة الجيش، وآخر جولاته نتائج الكليّة الحربية.
ففي جلسة يوم الثلاثاء الماضي رُصِد دخول مجلس الوزراء على خطّ هذه القضية العالقة بسبب اعتراض وزير الدفاع موريس سليم على المعايير التي اعتُمدت لاختيار الناجحين من ضبّاط الكلّية لجهة المستوى العلمي والكفاءات الشخصية طالباً إعادة النظر بالنتائج ومقترحاً فتح دورة ثانية لتطويع ضبّاط ذوي كفاءات “تحفظ للضابط اللبناني ما يتميّز به من قدرات تؤهّله لتولّي مهمّاته العسكرية”.
بالنسبة للرئيس نجيب ميقاتي لم يكن الأمر سوى تنفيذ لقرار مجلس شورى الدولة الصادر في حزيران 2023. الذي أبطل قرار مجلس الوزراء في تموز 2020
واستحصل “أساس” على محضر جلسة مجلس الوزراء في ما يتعلّق بالتأخير في إعلان لائحة الناجحين المقبولين في مباراة الدخول إلى الكليّة الحربية حيث كشف محضر الجلسة عن كتاب وجّهه ميقاتي إلى وزير الدفاع في شأن التأخير عن إصدار النتائج “لما يترتّب على ذلك من تداعيات ومسؤوليات قد تطال الوزير، وتنسحب أيضاً على رئيس الحكومة والحكومة”. وهو ما ذكّر بلهجة التخاطب الحادّة التي طبعت كتاب ميقاتي للوزير سليم في ما يتعلّق بدوره في تفادي الشغور في موقع قيادة الجيش.
كما ذكّر ميقاتي الوزير سليم بأنّ “المجلس العسكري هو صاحب الصلاحية الحصرية في الموافقة على لائحة الناجحين بناءً على المادة 27 من قانون الدفاع”.
كما أكّدت قيادة الجيش أنّه بتاريخ 12/9/2023 تسلّمت كتاباً من وزارة الدفاع موقّعاً من وزير الدفاع تُعلِن بموجبه موافقتها على تعميم الإعلان الذي نُشر على موقع الجيش الرسمي بتاريخ 14/9/2023 حول تطويع تلامذة ضبّاط.
لا شكّ أنّ هذه المواجهة بين جبران باسيل ونجيب ميقاتي ستظلّل، بتأكيد مطّلعين، حكومة نجيب حتى آخر يوم من ولايتها
ردّ وزير الدفاع
في اليوم التالي ردّ وزير الدفاع على كتاب الرئيس نجيب ميقاتي موضحاً أنّ “قيادة الجيش أعلنت قبولها طلبات المرشّحين للاشتراك بمباراة الدخول دون الاستحصال على قرار من وزير الدفاع. كما أجرت اختبارات الدخول وأصدرت نتائجها بموافقة المجلس العسكري خلافاً لنظام الدخول إلى الكليّة الحربية (القرار رقم 550 تاريخ 11-5-2022)”، وأنّ “وزارة الدفاع حرصت على تطويع العدد الكامل من التلامذة الضبّاط الذي حدّد في قرار مجلس الوزراء وليس الاقتصار على نصفه جرّاء عدم توافر المستوى العلمي والجدارة حيث إنّ هذا النصف لم يتجاوز نسبة 2.5% من عدد الذين تقدّموا للاشتراك بالمباراة”.
إقرأ أيضاً: البطريرك الراعي: الرئيس لا يُنتَخَب في صالون المجلس
بناءً عليه، “قرّر مجلس الوزراء الطلب إلى مجلس شورى الدولة إبداء الرأي بمصير نتائج المباريات التي وافق عليها المجلس العسكري تاريخ 19-12-2023، ولم تصدر بقرار من وزير الدفاع في ضوء الانعكاسات السلبية التي قد تترتّب على حقوق الناجحين وعلى حاجة الأجهزة الأمنية للتطويع”.
لمتابعة الكاتب على X: