لماذا أعلن البيت الأبيض مقتل الرجل الثالث في حركة حماس مروان عيسى؟
جاءَ إعلان مُستشار الأمن القوميّ الأميركيّ جيك سوليفان أنّ “إسرائيل قتلت نائب قائد الجناح العسكريّ لحركة “حماس” مروان عيسى” مفاجئاً لجهة مصدره وتوقيته. بخاصة وسط تردّد إسرائيلي في تأكيد الخبر. وهو ما استوقف الكثيرين حول أبعاد الخطوة الأميركية، التي جاءت لعدّة أسباب:
1- يُعتَبر مروان عيسى المطلوب رقم 3 على لائحة الاغتيالات الإسرائيليّة، التي يتصدّرها القائد العامّ لكتائب القسّام محمّد الضّيف ورئيس الحركة في غزّة يحيى السّنوار. وتضمّ أيضاً في المرتبة الرّابعة نائب رئيس “حماس” صالح العاروري الذي اغتالته إسرائيل مطلع العام الجاري في الضّاحية الجنوبيّة لبيروت.
2- تُحاول الإدارة الأميركيّة حسمَ موضوع اغتيال عيسى للقول إنّ واشنطن تدعم “الاستهدافات المُركّزة لقيادات حماس والقسّام”. وذلك عوضاً عن الحملات العسكريّة الواسعة، المماثلة للّتي ينوي نتنياهو تنفيذها في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
يأتي هذا أيضاً في إطار الدّعم الأميركيّ لما أعلنه الجيش الإسرائيلي مطلع العام من الانتقال إلى “المرحلة الثّالثة من الحرب”. التي تعتمد على الاغتيالات والعمليّات الخاصّة، وافتتحتها إسرائيل باغتيال العاروري في لبنان. وكانَ ذلك قبل وصول وزير الخارجيّة الأميركيّ أنتوني بلينكن إلى تل أبيب في زيارته الخامسة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول).
3- تُريد الإدارة الدّيمقراطيّة القول للرأي العامّ الأميركيّ إنّها تدعم هدف إسرائيل المُتمثّل بـ”القضاء على قيادة حماس ومُحاسبتها”. وذلك بقول سوليفان: “قُتِلَ مروان عيسى، وأمّا باقي القادة الكِبار فهم مُختبئون على الأرجح في أنفاق حماس. وستطالهم العدالة أيضاً ونحن نُساعد على ضمان ذلك”.
تُحاول الإدارة الأميركيّة حسمَ موضوع اغتيال مروان عيسى للقول إنّ واشنطن تدعم “الاستهدافات المُركّزة لقيادات حماس والقسّام”
يُؤكّد هذا الكلام أنّ واشنطن تدعم تل أبيب بكلّ ما تحتاج إليه في هذا الإطار. سواء أكان على صعيد المعلومات الاستخباريّة أو على صعيد الدّعم العسكريّ واللوجستي. وفي هذا السياق تُؤكّد معلومات “أساس” أنّ القنابل. التي استخدمتها تل أبيب لقصف مكان مروان عيسى في مُخيّم النّصيرات وسطَ غزّة. هي قنابل أميركيّة خارقة للتحصينات، كانت إسرائيل قد تسلّمتها في سنة 2011 أيّام إدارة الرّئيس الأسبق باراك أوباما.
لماذا تردّدت إسرائيل؟
بعد إعلان سوليفان اغتيال مروان عيسى، صار السّؤال: لماذا لم تُسارع إسرائيل إلى تأكيد الاغتيال على الرّغم من الإعلان الأميركيّ لذلك؟
يتطلّب الجواب على هذا السّؤال العودة إلى 16 تشرين الثّاني الماضي. يومذاك أعلنَ الجيش الإسرائيليّ أنّه نجح في اغتيال قائد “لواء الشّمال في القسّام” أحمد الغندور، وعضو المكتب السّياسيّ للحركة روحي مُشتهى. الذي يُعدّ أقرب قيادات حماس إلى يحيى السّنوار، وخليفته المُحتمل كقائد لحماس في غزّة.
على الرّغم من أنّ إسرائيل نجحَت في اغتيال الغندور، إلّا أنّها عادت ونشرت الشّهر الحاليّ معلومات تُؤكّد أنّ مُشتهى لم يَلقَ حتفه. على الرّغم من إصابته. وأنّه عادَ إلى مزاولة عمله بعدما تماثل للشّفاء.
نقلَ مُحلّل الشّؤون الاستخباريّة في صحيفة “يديعوت أحرونوت” رونين بيرغمان. عن مسؤولٍ استخباريّ إسرائيليّ كبير. قوله إنّ “نجاة مُشتهى، ذي الأرواح السّبعة، حتّمَت على الجميع أن يكونوا متواضعين وأقلّ ثقة بأنفسهم قبل أن يروا الجثّة بأعينهم”. وأضاف أنّ مُشتهى عاد بشكل سريع جدّاً إلى عمله إلى جانب يحيى السنوار. ومُنذ ذلك الحين باتَ الجميع حذراً في إسرائيل ما دامت المعلومات الاستخباراتية تصل من تحت الأرض، أي من الأنفاق.
تُؤكّد معلومات “أساس” أنّ القنابل التي استخدمتها تل أبيب لقصف مكان مروان عيسى في مُخيّم النّصيرات وسطَ غزّة. هي قنابل أميركيّة خارقة للتحصينات
أضاف التّقرير أنّه بعدَ محاولة اغتيال مُشتهى الفاشلة تعلّموا في الجيش وشعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” والشاباك “درساً” عنوانه: “لا يُمكن الإعلان عن وفاة أيّ قياديّ في حماس إلى حين تأكيد الحركة لذلك”. وعلى الرّغم من توفّر “مؤشّرات” لدى “أمان” والشاباك إلى مقتل مروان عيسى، “لكنّهم صمتوا، بغياب أيّ إعلان من جانب حماس”.
اعتبر بيرغمان أنّه في حال تأكّد اغتيال مروان عيسى، “فإنّ هذا سيكون الإنجاز التكتيكي الأهمّ بالنسبة لإسرائيل منذ بداية الحرب. وعمليّاً منذ أن اغتالت إسرائيل نائب محمّد الضّيف السّابق أحمد الجعبري، في 2012، والذي خلفه عيسى في المنصب”.
إقرأ أيضاً: اتفاق الهدنة في غزّة: بيرنز يضغط.. والحزب “على الخطّ”
لكنّ التّقرير أشار إلى أنّ “نجاح اغتيال عيسى سُيلحق ضرراً بحماس. لكنّه لن يُغيّر بشكل جوهري الوضع، بالنسبة للجانبين، في القطاع. هُنا يدركون الأمر جيّداً، وأنّ السنوار ليسَ في طريقه نحو الاستسلام لأنّ أحد زملائه المقرّبين قد قُتِل”.
لمتابعة الكاتب على X: