كشف موقع استخباري أميركي أنّ الأمين العام للحزب كان محقّاً عندما حذّر مقاتليه من استعمال الهاتف الخلوي وأدوات الذكاء الصناعي على الجبهة في الجنوب لأنّ إسرائيل تستخدمها لاستهدافهم.
وفقاً لمسؤول سابق في مكافحة الإرهاب في وكالة المخابرات المركزية الأميركية على دراية كبيرة ببرامج التجسّس الإسرائيلية. لأنّه خدم في إسرائيل. شكّل “خطاب نصر الله في 13 شباط. الذي حذّر فيه جمهوره من أنّ المخابرات الإسرائيلية اخترقت قواعد بيانات شركات الاتصالات العربية في جميع أنحاء المنطقة وانتزعت الملايين من أرقام الهواتف. بالإضافة إلى أسماء وعناوين الإقامات الخاصة بمشتركيها. أوّل اعتراف علني لخصم إقليمي ببراعة إسرائيل التكنولوجية. وبيّن عن جدّية جهود الحزب وداعميه الإيرانيين للتعرّف على قيود تكنولوجيا التجسّس الإسرائيلية في ساحة المعركة من أجل إيجاد طرق لإحباطها”.
في رأي المسؤول الذي تحدّث إلى موقع “spytalk” الاستخباري الأميركي المختصّ في قضايا التجسّس والمخابرات. كان خطاب نصر الله “بمنزلة تحذير استثنائي للأمن السيبراني، يعتمد على معرفة داخلية عميقة. فهو قال إنّ الإسرائيليين يمكنهم التحكّم عن بعد بالهواتف المحمولة وأجهزة الكومبيوتر الخاصة بأهدافهم. وهو ما يتيح لهم الوصول إلى رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية والصور وكلمات المرور الخاصة بهم”. وأشار إلى “برنامج بيغاسوس للتجسّس التجاري الذي طوّره قدامى المحاربين في الوحدة 8200. وحدة الاستخبارات الإسرائيلية المسؤولة عن التجسّس الإلكتروني عن طريق جمع الإشارة وفكّ الشفرة”.
كشف موقع استخباري أميركي أنّ الأمين العام للحزب كان محقّاً عندما حذّر مقاتليه من استعمال الهاتف الخلوي وأدوات الذكاء الصناعي على الجبهة
جواسيس الإنترنت
حذّر نصر الله أيضاً من أنّ “جواسيس الإنترنت الإسرائيليين يمكنهم تنشيط ميكروفون وكاميرا الهاتف الخلوي سرّاً”. وهو أمر من شأنه، كما يوضح المسؤول الاستخباري، أن يسمح لهم بتسجيل محادثات وحركات الهدف. فمن خلال منصّة استهداف الذكاء الصناعي المتطوّرة التي تحلّل بسرعة كمّيات هائلة من تلك المعلومات. بالإضافة إلى إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وقوّة إشارات Wi-Fi، وبيانات أبراج الخلايا. يمكن لضبّاط جيش الدفاع الإسرائيلي أيضاً تحديد موقع الهدف البشري بسرعة، وصولاً إلى غرفة معيّنة في مبنى أو حتى في مقعد سيارة. الأمر الذي يسمح، على حدّ تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون، بـ”فصل رأس الإرهابي عن كتفيه”.
يتابع المسؤول: لقد حذّر نصر الله في خطابه من أنّ المخابرات الإسرائيلية اخترقت أيضاً عدداً لا يحصى من كاميرات المراقبة. والكاميرات الأمنيّة غير الآمنة والمتّصلة بالإنترنت والتي تعمل في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وهو ما يسمح لكلّ من المخابرات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي والموساد بإبقاء التركيز على مكان وجود المسلّحين المستهدفين وتتبّع تحرّكاتهم. وقال في تحذيره: “عندما يضرب الإسرائيليون هدفاً، يبحث الكثير من الناس عن جواسيسهم وعملائهم. لكن بالنسبة لهذه العمليات، فإنّهم لا يحتاجون إلى جواسيس… الهاتف المحمول الخاصّ بك هو الجاسوس. وهو ليس مجرّد جاسوس. إنّه جاسوس قاتل.”
فشل إسرائيليّ في غزّة
يعتقد المسؤول أنّ حركة حماس تعلّمت دروس مكافحة التجسّس التي كان نصر الله يحاول تعليمها، والتي كان لها تأثير مدمّر. ويقول: “لكن على الرغم من وصول مجتمع المخابرات الإسرائيلية إلى جميع الهواتف المحمولة والاتصالات عبر الإنترنت والأجهزة المتّصلة بهذه الشبكات. فقد فشلت إسرائيل في ردع هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، كما فشلت في تحقيق هدفها في تدمير حماس والقضاء على كبار قادتها في غزة. على الرغم من أربعة أشهر ونصف من الضربات الجوّية وقصف المدفعية والعمليات البرّية التي تقوم بها على مدار 24 ساعة”.
حذّر نصر الله أيضاً من أنّ “جواسيس الإنترنت الإسرائيليين يمكنهم تنشيط ميكروفون وكاميرا الهاتف الخلوي سرّاً”
باختصار، يضيف المسؤول: “لقد فشلت عملية التقصّي الإسرائيلي عن الإرهابيين في غزة بشكل خطير لدرجة أنّ الأمن القومي لإسرائيل قد تآكل بشكل أساسي. تاركاً حدودها الصارخة مكشوفة لجميع الخصوم. بحيث أنّ كلّ المنظّمات العسكرية والاستخبارية الإيرانية ووكلاء إيران العرب مثل الحزب باتوا “يستخدمون الآن غزة كمختبر لتقويم نقاط الضعف الإسرائيلية. ولجمع المعلومات الاستخبارية حول كيفية مواجهة المزايا التكنولوجية لإسرائيل، من خلال قدرات الإنكار والخداع ومكافحة التجسّس وضمان المعلومات”.
مزيد من الأهداف.. قواعد أقلّ
في رأي المسؤول أنّ “ما جعل الحرب في غزة أكثر فتكاً وتدميراً من العمليات الإسرائيلية السابقة ضدّ حماس هو المزيج من استخدامها للذكاء الصناعي. الذي يولّد أهدافاً أكثر من أيّ وقت مضى. وتخفيف الجيش الإسرائيلي للقواعد التي تحدّ من الهجمات ضدّ الأهداف غير العسكرية والمدنيين”. ويشير إلى منصّة الاستهداف المدعومة بالذكاء الصناعي حبسورا ( Habsoraباللغة العبرية وthe Gospel باللغة الإنكليزية) التي أنشأها فرع المخابرات في جيش الدفاع الإسرائيلي عام 2019. ويستخدمها الجيش اليوم ضدّ حماس “لإنتاج أهداف بوتيرة سريعة”. وبحسب قول رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق: “كان فرع المخابرات قبل إنشائها ينتج 50 هدفاً في غزة في السنة، فأصبح ينتج 100 هدف جديد كلّ يوم”.
أنواع البيانات التي يتمّ إدخالها إلى منصة الاستهداف الإسرائيلية مصنّفة سرّية. لكنّ مسؤول مكافحة الإرهاب السابق في وكالة المخابرات المركزية. وخبراء آخرين في أنظمة الاستهداف المدعومة بالذكاء الصناعي. أخبروا SpyTalk أنّ مثل هذه المنصّات عادةً ما تحلّل مجموعات كبيرة من المعلومات من مصادر متعدّدة تشمل: اعتراضات الاتصالات. صور المراقبة من الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية والطائرات. سجلّات تفاصيل مكالمات الهاتف الخلوي. البيانات المستمدّة من الخلايا البيكوسيلية السرّية (محطة قاعدة خلوية صغيرة تغطّي عادةً مساحة صغيرة مثل مركز التسوّق). بيانات برنامج بيغاسوس من الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحيّة وأجهزة الكومبيوتر المحمولة المستهدفة. البيانات من كاميرات المراقبة والدوائر التلفزيونية المغلقة والكاميرات الأمنية المخترقة.
يعتقد المسؤول أنّ حركة حماس تعلّمت دروس مكافحة التجسّس التي كان نصر الله يحاول تعليمها، والتي كان لها تأثير مدمّر
بالإضافة إلى تقارير استخبارية بشرية من مخبرين فلسطينيين في غزة. ومن خلال الاستخراج السريع والآلي للمعلومات الاستخبارية. تنتج منصة “حبسورا/غوسبل” توصيات استهداف “بهدف إجراء المطابقة الكاملة بين توصية الآلة والتعريف الذي يقوم به شخص ما”.
بحسب التحقيق، دفعت هذه التغييرات جيش الدفاع الإسرائيلي إلى الموافقة على الضربات الجوّية الإسرائيلية. التي تستهدف عناصر حماس المعزولين الذين يعيشون في المباني الشاهقة. على الرغم من أنّه كان معروفاً أنّ مثل هذه الهجمات ستؤدّي إلى هدم مبانٍ بأكملها. وهو ما يؤدّي إلى مقتل أو جرح مئات المدنيين الفلسطينيين. بالإضافة إلى ذلك، تمّ اعتبار بعض الأهداف غير العسكرية. مثل المساكن الخاصة والمباني العامة والطرق والجسور والمجمّعات السكنية الشاهقة. “أهدافاً قوية”، وتمّ قصفها على الرغم من عدم وجود دليل على أيّ انتماء إلى حماس، وفقاً لنتائج التحقيق. وقد عرّف ضباط المخابرات الإسرائيلية الأهداف القوية بأنّها المباني التي قد يؤدّي تدميرها إلى صدمة المدنيين الفلسطينيين وتحويلهم ضدّ حماس.
إقرأ أيضاً: فريدمان في رسالة عاجلة من عمّان: إسرائيل تخسر “شرعيّتها العالميّة”
وقال أحد المصادر لصحافيّي +972 Local Call الذين أجروا التحقيق: “كلّ هذا يحدث مخالفاً للبروتوكول المتعلّق بالأضرار الجانبية الذي استخدمه الجيش الإسرائيلي في الماضي. هناك شعور بأنّ كبار المسؤولين في الجيش يدركون فشلهم في 7 أكتوبر. وهم مشغولون بمسألة كيفية تقديم صورة للنصر للجمهور الإسرائيلي من شأنها إنقاذ سمعتهم”.