في الآتي ملخّص سريع لأبرز ما جاء في المقدمة الجديدة لكتاب مستشار الرئيس السابق دونالد ترامب، جون بولتون. كتاب The Room Where it Happened””، كان كشف أبرز انتقادات بولتون لترامب. في المقدمة الجديدة يقول إنّ ترامب “غير مؤهّل لأن يكون رئيساً”. ويضيف: “إذا كانت سنواته الأربع الأولى سيّئة، فإنّ السنوات الأربع الثانية ستكون أسوأ.. وكارثة على الأمن الوطني”.
سنة ونصف تقريباً من تواصله اليوميّ مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بصفته مستشاراً للأمن القومي عامَي 2018 و2019. وهي جعلت جون بولتون أكثر من يعرف ترامب وأسراره التي كشف عن بعضها إن لم يكن عن معظمها. وذلك في كتاب له كان تحت الطبع عام 2020 عندما رفعت إدارة ترامب دعوى قضائية لمنع نشره بحجّة أنّه “يحتوي على كمّ كبير من المعلومات السرّية”.
الكتاب صدر لاحقاً في ذلك العام في طبعة أولى بعدما ردّ قاضّ فدرالي التماس الإدارة الأميركية لمنع نشره. وقد توعّد ترامب مستشاره السابق بدفع “ثمن باهظ” لنشره. وقال إنّ بولتون “يهوى إلقاء القنابل على الناس وقتلهم. والآن ستُلقى القنابل عليه”.
لكن يبدو أنّ بولتون الذي كان أيضاً سفيراً لبلاده لدى الأمم المتحدة بين عامَي 2005 و2006، لا يخشى ترامب الساعي مرة جديدة إلى ولاية رئاسية جديدة. فهو أضاف تحديثاً لمقدّمة طبعة كتابه الجديدة: The Room Where it Happened””. وفيها يحذّر من إعادة انتخاب ترامب لأنّه “غير مؤهّل لأن يكون رئيساً”. وأضاف: “إذا كانت سنواته الأربع الأولى سيّئة، فإنّ السنوات الأربع الثانية ستكون أسوأ.. وكارثة على الأمن الوطني”.
الشاغل الدائم الوحيد لترامب هو شخصه. فهو يربط دائماً العلاقات الشخصية الجيّدة مع القادة الأجانب بالعلاقات الجيّدة بين الدول
ممّا جاء في المقدّمة الجديدة للكتاب:
“عندما أصبحت مستشاراً للأمن القومي للرئيس ترامب في عام 2018، افترضت أنّ خطورة مسؤوليّاته ستؤدّي إلى تأديبه أيضاً. كنت مخطئاً. يشكّل نهجه غير المنتظم في الحكم وأفكاره الخطيرة تهديداً خطيراً للأمن الأميركي. يجب على الناخبين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري أن يأخذوا علماً بذلك.
الشاغل الدائم الوحيد لترامب هو شخصه. فهو يربط دائماً العلاقات الشخصية الجيّدة مع القادة الأجانب بالعلاقات الجيّدة بين الدول. العلاقات الشخصية مهمّة، لكنّ فكرة أنّها تؤثّر على فلاديمير بوتين وشي جينبينغ وأمثالهما هي فكرة خاطئة إلى حدّ خطير.
إنّ أخطر إرث لترامب هو انتشار الفيروس الانعزالي في الحزب الجمهوري. لقد تبنّى الديمقراطيون منذ فترة طويلة مزيجاً غير متماسك من الانعزالية والتعدّدية العشوائية. وإذا أصبحت الانعزالية هي وجهة النظر السائدة بين الجمهوريين، فستواجه أميركا مشاكل خطيرة.
أوكرانيا – الحلف الأطلسيّ
الأزمة الأكثر إلحاحاً تتعلّق بأوكرانيا. لقد ساهم ردّ فعل باراك أوباما الضعيف على عدوان موسكو عام 2014 إلى حدّ كبير في هجوم بوتين عام 2022. لكنّ سلوك ترامب لعب أيضاً دوراً. واتّهم أوكرانيا بالتواطؤ مع الديمقراطيين ضدّه في عام 2016. كانت مساعدات الرئيس بايدن لأوكرانيا مجزّأة وغير استراتيجية، لكن من شبه المؤكّد أنّ سياسة ترامب للولاية الثانية بشأن أوكرانيا ستكون لمصلحة موسكو.
تأكيدات ترامب أنّه كان “أكثر صرامة” تجاه روسيا من الرؤساء السابقين غير دقيقة. لقد فرضت إدارته عقوبات كبيرة لم يتمّ تنفيذها إلا بدفع من مستشاريه. تأكيداته أنّ بوتين ما كان ليغزو أوكرانيا أبداً لو أُعيد انتخابه هي مجرّد تفكير بالتمنّي. كان تملّق بوتين يرضي ترامب. بوتين سيرحّب بولاية ترامب الثانية.
تأكيدات ترامب أنّه كان “أكثر صرامة” تجاه روسيا من الرؤساء السابقين غير دقيقة. لقد فرضت إدارته عقوبات كبيرة لم يتمّ تنفيذها إلا بدفع من مستشاريه
الخطر الأكبر هو أنّ ترامب سيتصرّف بناءً على رغبته في الانسحاب من منظمة حلف شمال الأطلسي. لقد اقترب من القيام بذلك بشكل محفوف بالمخاطر في عام 2018. ولم تحكم المحكمة العليا أبداً بشكل رسمي بشأن ما إذا كان بإمكان الرئيس إلغاء المعاهدات التي صدّق عليها مجلس الشيوخ، لكنّ الرؤساء فعلوا ذلك بانتظام. من المرجّح ألا ينجو التشريع الذي تمّ تمريره أخيراً لمنع ترامب من الانسحاب دون موافقة الكونغرس من الطعن أمام المحكمة. ويمكن أن يعجّل بأزمة دستورية وسنوات من التقاضي.
محور بكين – موسكو
من المستبعد أن يحبط ترامب محور بكين – موسكو. وعلى الرغم من أنّه لفت الانتباه إلى التهديد المتنامي الذي تمثّله الصين، فإنّ نطاقه المفاهيمي المحدود أدّى إلى صيغ بسيطة التفكير. وسمح خطابه القويّ للآخرين بالتركيز على الأفعال السيّئة الكبرى للصين، بما في ذلك السرقة الهائلة للملكية الفكرية الغربية، والسياسات التجارية، والتلاعب بمنظمة التجارة العالمية، و”دبلوماسية الديون”، التي تضع الدول غير الحذرة تحت رحمة بكين. وهذه كلّها تهديدات حقيقية، لكن من غير المؤكّد أنّ ترامب قادر على مواجهتها.
في النهاية، أدّى عناد بكين ورغبة ترامب في الدعاية الشخصية إلى إلغاء الفرص الضئيلة للقضاء على الانتهاكات الاقتصادية الصينية. وفي ولاية ثانية، من المرجّح أن يواصل ترامب السعي إلى “صفقة القرن” مع الصين، في حين أنّ سياساته الحمائية، بالإضافة إلى كونها سياسة اقتصادية سيّئة، ستجعل من الصعب الوقوف في وجه بكين. فقد أدّت المعارك التجارية التي خاضها مع اليابان وأوروبا ودول أخرى إلى إضعاف قدرتنا على زيادة الضغط ضدّ تجاوزات الصين الأوسع.
من المستبعد أن يحبط ترامب محور بكين – موسكو. وعلى الرغم من أنّه لفت الانتباه إلى التهديد المتنامي الذي تمثّله الصين، فإنّ نطاقه المفاهيمي المحدود أدّى إلى صيغ بسيطة التفكير
المخاطر التي قد تترتّب على قيام الصين في الأمد القريب بافتتاح أزمة بشأن تايوان سوف ترتفع بشكل كبير. يتشجّع شي جينبينغ بسبب الفشل الغربي في أوكرانيا. ومن المستبعد حدوث غزو عسكري، لكنّ البحريّة الصينية قد تحاصر الجزيرة وربّما تستولي على جزر تايوانية بالقرب من البرّ الرئيسي. إنّ فقدان استقلال تايوان، الذي سيتبع قريباً فشل الولايات المتحدة في مقاومة الحصار الذي تفرضه بكين، يمكن أن يقنع الدول القريبة من الصين باسترضاء بكين من خلال إعلان حيادها.
سقوط تايوان سيشجّع بكين على استكمال ضمّها المؤكّد لبحر الصين الجنوبي بأكمله تقريباً. ستتوقّف الدول الساحلية مثل فيتنام والفيليبين عن المقاومة. وستخضع التجارة مع اليابان وكوريا الجنوبية، وخاصة نفط الشرق الأوسط، للسيطرة الصينية، وسيكون لبكين وصول غير مقيّد تقريباً إلى المحيط الهندي، وهو ما يعرّض الهند للخطر.
لنتخيّل نشوة ترامب لفكرة استئناف الاتصال مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الذي تفاخر به قائلاً: “لقد وقعنا في الحب”. وكاد أن يتنازل لبيونغ يانغ، ويمكنه محاولة ذلك مرّة أخرى. إنّ التوصّل إلى اتفاق نووي متهوّر من شأنه أن ينفّر اليابان وكوريا الجنوبية، ويوسّع نفوذ الصين، ويعزّز محور بكين وموسكو.
إسرائيل – إيران
قرارات ترامب وخطاباته في فترة ولايته الأولى بشأن أمن إسرائيل تبدو أنّها تريح حتى خصومه. فقد انتقد بشدّة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو منذ هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023)، ولا يوجد مجال في السياسة الخارجية حيث يمكن لغياب القيود الانتخابية أن يحرّر ترامب بقدر ما هو الحال في الشرق الأوسط. بل إنّ هناك خطر التوصّل إلى اتفاق جديد مع طهران. وكاد أن يستسلم لطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لقاء وزير الخارجية الإيراني في آب 2019.
ستؤدّي فترة ولاية ثانية لترامب إلى سياسة غير منتظمة وقيادة غير مؤكّدة سيكون المحور الصيني الروسي حريصاً جدّاً على استغلالهما
تفاوُض ترامب على صفقة الانسحاب الكارثية مع طالبان، التي أخطأ فيها بايدن بشكل أكبر، يُظهر التداخل بين وجهات نظر ترامب وبايدن بشأن أفغانستان، ويؤكّد افتقار ترامب إلى فلسفة الأمن القومي. حتّى في نصف الكرة الأرضية الغربي، فشل ترامب في عكس سياسات إدارة أوباما بشأن كوبا وفنزويلا. وقد يؤدّي انجذابه إلى الرجال الأقوياء إلى عقد صفقات مع نيكولاس مادورو وأيّ شخص يحكم هافانا.
إقرأ أيضاً: جنون نتنياهو مستمرّ “مع” أو “بدون” بايدن!
نظراً لانعزالية ترامب هناك كلّ الأسباب للشكّ في دعمه تعزيز منظومة الدفاع الوطنية. فهو كان يعتقد أنّه قادر على خفض الإنفاق الدفاعي لمجرّد أنّ مهاراته التفاوضية يمكن أن تقلّل من تكاليف المشتريات. وحتى مع زيادة ميزانيات الدفاع، كان غير مرتاح بسبب تأثير المشرّعين الانعزاليين. وغرّد ذات مرّة أنّ ميزانيّته العسكرية كانت “مجنونة”، وأنّه يجب عليه هو وبوتين وشي العمل معاً لتجنّب سباق تسلّح جديد. فترامب ليس صديقاً للجيش. في السرّ، يشعر أن أيّ شخص سيعرّض نفسه للخطر من خلال الانضمام للجيش.
ستؤدّي فترة ولاية ثانية لترامب إلى سياسة غير منتظمة وقيادة غير مؤكّدة سيكون المحور الصيني الروسي حريصاً جدّاً على استغلالهما.
لقراءة النص بلغته الأصلية اضغط هنا