ملف الحدود البحرية وضع على نار حامية بعيد التفجير الذي حصل في مرفأ بيروت. ذلك التفجير الذي أدّى لخسائر مباشرة وغير مباشرة قد تصل إلى أكثر من 20 مليار دولار، ما يعني أنّ لبنان بات بحاجة ماسّة إلى فتح خطوط ائتمان بأسرع وقتٍ ممكن، وبحاجة لبدء التنقيب في البلوكات الجنوبية المليئة بالغاز الطبيعي. وهذا ما يُفسّر كلام رئيس مجلس النواب نبيه برّي لجريدة “النهار” صباح أمس، عن “تقدّم في ملف ترسيم الحدود البحرية”. فهذا التصريح هو بمثابة موافقة لبنانية على طلب الجانب الأميركي.
إقرأ أيضاً: كارثة بيروت أكّدت الحاجة إلى “الحياد”
وحصل “أساس” من مصادر جدّية على معلومات غير مؤكدة عن أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل طلب من أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله نقل ملف التفاوض على ترسيم الحدود البحرية إلى يد رئيس الجمهورية ميشال عون. وعرض باسيل أن يصدر الرئيس عون مرسوماً رئاسياً يوقعه إلى جانب رئيس الجمهورية رئيس الحكومة ووزير الأشغال، بخريطة جديدة فيها زيادة 2000 كلم2 بحرية، وتقديم هذه الخريطة إلى الأمم المتحدة ليتم التفاوض على أساسها. المهم أن يكون جبران باسيل في غرفة التفاوض مع الأميركيين مباشرة في محاولة لتبييض صفحتهم معها، والأرجح أنّه وعد الجانب الأميركي بقدرته على نقل ملف الترسيم إلى بعبدا. نصرالله طلب التمّهل للتفكير بالأمر.
حصل “أساس” من مصادر جدّية على معلومات غير مؤكدة عن أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل طلب من أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله نقل ملف التفاوض على ترسيم الحدود البحرية إلى يد رئيس الجمهورية ميشال عون
في المقابل علم “أساس” أنّ الرئيس نبيه برّي توصّل مع الجانب الأميركي إلى اتفاق مبدأي يوافق فيه لبنان على الجلوس إلى طاولة مفاوضات دون شروط مسبقة مع الجانب الاسرائيلي بإشراف أميركي مباشر. وقد وافق الجانب الأميركي، ما يعدّ نقطة تحوّل كبيرة في مسار البلد وحلحلة أزماته.
ونقلت مصادر جدية لـ”أساس” معلومات غير مؤكدة أنّ تفاوضًا بين الجانبين الأميركي وحزب الله قائم على المستوى الأمني لا السياسي في قاعدة عسكرية أميركية في إحدى الدول العربية، غير سلطنة عُمان. وإيران، بحسب المصادر، جعلت الحزب طرفًا مفاوضًا منفردًا عنها، كي لا تفاوض هي وتخسر الورقة اللبنانية. ومن خلال مفاوضتها تسعى لتحقيق مكاسب في العراق، مقابل سوريا واليمن. وقالت المصادر إنّ التفاوض لم يتعدَّ المراحل الأولى بعد. وبدأت مؤشراته تظهر في أكثر من ملفّ، بينها ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وهو الملف الرئيسي. غير أنّ العائق في هذه المفاوضات هو “الصواريخ الدقيقة”.
في السياق نفسه ليس تفصيلاً أن يخرج رئيس الدّولة الأقوى في العالم عسكرياً واستخبارتيًا واقتصاديًا ويقول: “إنّ الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت ربما كان هجوماً و«قنبلة من نوع ما»، ليتبعه كبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز ليشير “إلى أنّ تصريحات ترامب الأوّلية توافقت مع تقارير استخباراتية حصل عليها الرئيس عقب الانفجار”.
علم “أساس” أنّ الرئيس نبيه برّي توصّل مع الجانب الأميركي إلى اتفاق مبدأي يوافق فيه لبنان على الجلوس إلى طاولة مفاوضات دون شروط مسبقة مع الجانب الاسرائيلي بإشراف أميركي مباشر
كلام ترامب وكبير موظفي البيت الأبيض لا بدّ من التوقّف عنده وقراءة مضمونه بتمعّن وربطه بالظروف المحيطة التي سبقت الانفجار وتلته، وهو الذي وقع في منطقة المرفأ ووصل عصفه إلى مسافة 20 كلم وتردّداته الاهتزازية إلى فلسطين المحتلة وقبرص وسوريا، وأصدائه إلى العالم أجمع.
تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه بأنّ أي ردٍّ من قبل حزب الله على الغارة التي أدّت لمقتل أحد عناصره في سوريا سيُقابل بردّ إسرائيلي، وصل إلى التلويح بضرب البنى التحتية للبنان (والتي من ضمنها المرفأ)، ورافقه استنفار على جانبي الحدود منذ إعلان الحزب عن مقتل أحد عناصره في الغارة الإسرائيلية جنوب دمشق.
قُبيل انفجار المرفأ، كان هناك كلمة مرتقبة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ستتناول نقاطاً عديدة أبرزها الوضع على الحدود ورفع نبرة التهديد تجاه الإسرائيليين، خصوصًا لجهة تلويحهم بقصف البنية التحتية اللبنانية.
معلومات خاصّة لـ”أساس” أفادت أنّ نصرالله كان يتّجه إلى تهديد جدّي بالرّد بالمثل على البنية التحتية الإسرائيلية بحال تمّ استهداف البنية التحتية اللبنانية، لكنّ ما حصل في مرفأ بيروت أخذ معه التهديدات الإسرائيلية والتهديدات التي كان يريد نصر الله إطلاقها وحتّى الكلمة بكاملها، التي تمّ تأجيلها إثر “اختلاط الأوراق”.
المُفارقة بتدمير المرفأ أيضًا، كان مسارعة كلّ من تل أبيب وحارة حريك لنفي فرضية الاستهداف العسكري للمرفأ، إلا أنّ أحدًا لم يقم بنفي فرضية الاستهداف الأمني للموقع. والذي تجتمع الآراء عليه، هو تهيئة الأرضية للتفجير بفعل الإهمال والفساد المستشري في مختلف الدوائر اللبنانية دون استثناء.
الظروف المحيطة في المنطقة تدلّ على حصار أميركي يتزايد حول حزب الله. بدأ بشكل جدّي مع قانون قيصر الذي أقفل الحدود البرية مع سوريا، ونشر أبراج مراقبة تابعة للجيش البريطاني على الحدود الشمالية الشرقية بين البلدين، ما ترك للحزب بحسب المتابعين منفذين واحدٌ في الهرمل وآخر في السلسلة الشّرقية وهما قيد المراقبة الجوية بشكل دائم.
إغلاق البرّ بقيصر، تبعه إلاغلاق الجوّي برسالة طائرتي الـF15 في الاجواء السّورية مع اعتراض الطائرة الإيرانية المتجهة إلى لبنان، ما يؤكّد أنّ عيون الولايات المتحدة تتابع الحزب في البرّ والجو معًا، دون إغفال تهديدات نتنياهو باستهداف ما أسماها مصانع للصواريخ الذكية قرب مطار رفيق الحريري الدّولي في 3 مواقع، زعم أنّه كشفها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ فترة.
معلومات خاصّة لـ”أساس” أفادت أنّ نصرالله كان يتّجه إلى تهديد جدّي بالرّد بالمثل على البنية التحتية الإسرائيلية بحال تمّ استهداف البنية التحتية اللبنانية، لكنّ ما حصل في مرفأ بيروت أخذ معه التهديدات
أمّا طريق البحر، فبات واضحًا أنّها أصبحت خارج النّقاش بعد تدمير مرفأ بيروت، حيث إنّ تحويل الشحن البحري نحو مرفأ طرابلس الذي لا يمتلك على الإطلاق نفس القدرة الاستيعابية والتفريغية واللوجستية لمرفأ بيروت، يُصعّب مهمّة ما تسميه الولايات المتحدة بـ”تهريب الأسلحة والصواريخ” ويُسهّل عملية المراقبة أكثر، بالإضافة إلى بُعده عن مناطق نفوذ حزب الله.
استطلاع بحري لا يهدأ…
منذ شهر تقريبًا تشير مراصد الطيران والحركة الجوية إلى أنّ طائرات الـP8 Poseidon التابعة للبحرية الاميركية لم تهدأ طيلة الأسابيع الماضية: حركة ناشطة وغير اعتيادية قبالة السواحل اللبنانية، وكان أهمها وأكثفها وليس آخرها قبيل الانفجار بـ24 ساعة. ما يشير إلى مهمّة رصد لأهداف أو تحرّكات تحصل في البحر المتوسّط وعلى السّاحل اللبناني، خصوصًا أنّ مهمّة هذه الطائرات تتعلّق بالسّواحل وتحرّكات البحر بشكل رئيسي.
الترسيم مقابل اليونيفيل؟
وقد كان “أساس” قد كشف في وقت سابق، نقلًا عن مصادر أميركية، أنّ الولايات المتحدة وضعت شرطًا أساسيًا لعدم الضغط تجاه نشر اليونيفيل على الحدود الشّرقية، وعدم تعديل مهامها الحالية، وهو القبول بترسيم الحدود البحرية بين لبنان وبين الجانب الإسرائيلي. وهذا أيضًا ما نقله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى المسؤولين اللبنانيين الذي التقاهم مؤخرًا، بحسب مصادر خاصة بـ”أساس”، ليضيف عليها مقابلًا جديدًا، هو فتح خطوط ائتمان للبنان، حيث كان الجواب من قبل حزب الله على هذا العرض… سلبيًا.
براين هوك: تنحّى بإرادته أم تمت تنحيته…
ومساء الخميس أعلن أنّ المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران براين هوك تنحى ليعيّن مكانه إليوت أبرامز المبعوث الأميركي إلى فنزويلا ليتولى الملف الإيراني إلى جانب الملف الفنزويلي. ورجحت مصادر أميركية ل”أساس” أن يكون براين هوك قد تمّت تنحيته، خصوصًا أن لا بوادر لتنحي هوك كانت تلوح في الأفق على الإطلاق، خصوصًا أنّه كان من المتحمسين للتصعيد الأقصى ضد إيران، وأنه كان يعمل بشكل طبيعي على ملف تمديد حظر الأسلحة عنها الأسبوع المقبل، وكان يعتبر من أشد المقربين للرئيس الأميركي ترامب ووزير الخارجية بومبيو حيث لمّحت المصادر إلى وضعها بإطار “جزرة” أميركية بعد عدة “عصي” تم رفعها مؤخراً بوجه إيران، لتضاف على طاولة عمان التي تجمع واشنطن وطهران…