امتلأت الخزانات فسقط السعر: انهيار نفط أميركا قد يتكرر بعد شهر

 

انهارت أسعار النفط الخام الأميركي على نحوٍ غير مسبوق في التاريخ، لتصل إلى “ناقص 40 دولاراً” للبرميل، في بعض أوقات التداول.

الانهيار طال عقود خام “نايمكس”، وتحديداً “تسليم أيّار”، التي ينتهي التداول بها في منتصف ليل 20 – 21 نيسان، فيما ظلّت عقود “نايمكس” بالنسبة إلى “تسليم حزيران”، عند مستواها الطبيعي نسبياً فوق 20 دولاراً للبرميل.

الفارق بين السعرين تفسيره يتمّ بعامل تقني، هو أنّ كثيرين من المتداولين الأفراد الذين يشترون عقود النفط على سبيل المضاربة، “علقوا” في عقود تسليم أيار، واضطروا للبيع في اليوم الأخير قبل أن يتوقف تداولها، لئلا يصبح من الواجب عليهم تسلّمها فعلياً.

إقرأ أيضاً: وليد خدوري لـ”أساس”: انخفاض سعر نفط أميركا لن يؤثر خارجها

إلا أنّ هذا السبب التقني لا يقلّل من المشكلة الكبرى في أسواق النفط، والمتمثلة بفائض المعروض الضخم، واقتراب الخزانات من الامتلاء في الولايات المتحدة الأميركية وفي معظم الدول المتقدّمة. وهذا ما رفع بدلات إيجارات ناقلات النفط العملاقة إلى مستويات قياسية، بسبب استخدامها كخزانات عائمة.

ففي ظلّ أزمة تفشّي فيروس كورونا، انخفض الطلب على النفط بشكل هائل، من نحو 100 مليون برميل يومياً، إلى ما يتراوح بين 65 و75 مليون برميل يومياً، وربما أقلّ وفق بعض التقديرات.

وحاولت دول “أوبك”، التي تنتج مجتمعة نحو 28 مليون برميل يومياً، إقناع روسيا مبكراً بالاستجابة للانقلاب الذي أحدثه كورونا في أسواق النفط، ضمن منظومة “أوبك+”، إلا أنّ الاتفاق تأخّر من آذار إلى الاجتماع الذي عقد في التاسع من نيسان الجاري، بعدما انضمت إليه دول نفطية أخرى، إما صراحة وإما ضمناً، أهمّها على الإطلاق الولايات المتحدة. إذ اتفقت الدول المنتجة على خفض غير مسبوق للإنتاج بنحو 15 مليون برميل يومياً.

لكن في هذا الشهر من التأخير كان السباق على أشدّه بين المنتجين لضخّ المعروض النفطي في السوق، في حرب مفتوحة على الحصّة السوقية، ما أدى إلى ارتفاع هائل في المخزونات.

انهيار الأسعار إلى ما دون الصفر ينتهي مع إشراقة اليوم التالي، لكنّ تبعاته ستستمرّ، كونه يعطي إنذاراً إلى إمكان تكراره بعد شهر من الآن، إذا لم يُعطِ الاتفاق الدولي لخفض الإنتاج المفاعيل المطلوبة.

 

مواضيع ذات صلة

تعديل السّرّيّة المصرفيّة: خطوة ضروريّة لا تكفي وحدها

بعد أكثر من ستّة عقود على صدور قانون السرّية المصرفية في لبنان عام 1956، أقرّ مجلس النوّاب اللبناني في تشرين الأوّل 2022 تعديلاً طال انتظاره،…

“حرب” ترامب: أميركا قويّة ودولار ضعيف

يكتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بيده نهاية نظامَين هيمنت بهما الولايات المتّحدة على الاقتصاد العالمي على مدى ثمانين عاماً: نظام التجارة العالمي، الذي أخذ شكله…

4 قوانين إصلاحية: النيّة حسنة… ماذا عن التطبيق؟

في خضمّ الأزمة المتعدّدة الأوجه التي يواجهها لبنان، من انهيار اقتصادي وماليّ إلى اختلالات عميقة في القطاعات الحيويّة، برزت الحاجة الملحّة إلى مراجعة العديد من…

بنك “الجسر”… قد يُنقذ الودائع

لطالما شكّلت الودائع المصرفية في لبنان حجر الأساس للنظام الماليّ، لكن منذ الأزمة الماليّة في 2019، أصبح المودعون رهائن لنظام مصرفي متعثّر، وحُرمت الغالبية العظمى…