2020: الحزب أعطى ترامب التفاوض… وترك الترسيم لبايدن؟

مدة القراءة 5 د


أراد رئيس الجمهورية ميشال عون أن يختتم آخر أيام سنة 2020 بعقد اجتماع للوفد اللبناني المفاوض بهدف ترسيم الحدود مع إسرائيل. عقد الإجتماع بعد انفراط عقد جلسات التفاوض بسبب الخلاف على تحديد المساحة التي شملها إتفاق الإطار، حبن طالب لبنان بـ2200 كلم مربع، بدلاً من 860 كلم كان قد تم التفاوض حولهما على أساس المبادرة الأميركية.

في المقابل، ردّت إسرائيل على التصعيد اللبناني بطرح خط تفاوضي جديد يصل إلى المساحة المائية المقابلة لمدينة صيدا. رفع سقوف المطالب أوحى بعدم جدية أي طرف بحسم نتيجة المفاوضات. وقبل فترة كان وزير الطاقة الإسرائيلي قد دعا الرئيس ميشال عون إلى عقد جلسات تفاوض مباشرة في إحدى الدول الأوروبية، واتهم لبنان بعرقلة المفاوضات بسبب تغيير موقفه 7 مرات.

أدى ذلك إلى توقف مسار المفاوضات، واستعاض الطرف الأميركي عن الجلسة المباشرة بزيارة أجراها إلى لبنان وبعدها إلى إسرائيل في محاولة لإعادة وضع المفاوضات على السكّة. تؤكد المعلومات أنّ عون متمسك إلى أبعد الحدود بإبقاء التفاوض حيّاً وجديّاً، وهو يقول في مجالسه إنّه الباب الوحيد لتخفيف الضغوط والبحث عن حلول للأزمة اللبنانية. في مقابل توجه عون كان هناك موقف بارز لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي اعتبر أن الترسيم غير ناضج بعد. كلّ هذا وسط معلومات تؤكد بأنّ لا جلسات تفاوض قبل شباط المقبل، أي بعد تسلم جو بايدن مقاليد السلطة الأميركية، واتضاح رؤية الإستراتيجية الأميركية في المنطقة. وفق المعلومات فإنّ ملف الترسيم كما ملف تشكيل الحكومة، هي أوراق أساسية بيد إيران ولا مجال للتنازل عنها إلا مقابل بروز بوادر تسوية معينة.

تؤكد المعلومات أنّ عون متمسك إلى أبعد الحدود بإبقاء التفاوض حيّاً وجديّاً، وهو يقول في مجالسه إنّه الباب الوحيد لتخفيف الضغوط والبحث عن حلول للأزمة اللبنانية

لن يتم تقديم شيء لإدارة ترامب الراحلة، كل شيء سيكون مؤجلاً. في هذا الوقت، يسعى عون إلى إعادة إطلاق المفاوضات، وهو يحاول تقديم كل الإشارات الإيجابية للأميركيين حول ملف الترسيم، لممارسة المزيد من الضغوط على الرئيس سعد الحريري في عملية تشكيل الحكومة. إذ يعتبر أنّه بمقدار ما يتناغم مع الأميركيين، والإسرائيليين استطراداً، في هذا الملفّ، سيكون قادراً على فرض شروطه أكثر على الحريري. وتكشف المعلومات أنّ عون ينوي تحضير الأجواء لإعادة تحديد موعد جديد للمفاوضات في المرحلة المقبلة، قد يكون الموعد بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض.

كانت 2020 سنة جلوس لبنان في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل حول ترسيم الحدود. بعد عشر سنوات من المساعي الأميركية، وافق لبنان على الجلوس إلى الطاولة، وتحديداً بعد تفجير مرفأ بيروت وتفجير عين قانا الذي استهدف موقعاً لحزب الله في إقليم التفاح جنوب لبنان، وبعد فرض عقوبات أميركية على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس. إثر صدور قرار العقوبات أعلن الرئيس نبيه بري سريعاً أّن لبنان وافق على عقد جلسات التفاوض وإنهاء إتفاق الإطار، مبدياً استغرابه لعدم تحديد موعد من قبل الأميركيين لهذه الجلسات.

كانت 2020 سنة جلوس لبنان في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل حول ترسيم الحدود. بعد عشر سنوات من المساعي الأميركية، وافق لبنان على الجلوس إلى الطاولة، وتحديداً بعد تفجير مرفأ بيروت وتفجير عين قانا

لم يكن سهلاً على لبنان أن يعقد جلسة تفاوض مباشرة، في ظلّ سطوة حزب الله على القرار السياسي اللبناني. إذ مجرد الجلوس إلى طاولة واحدة والبحث في ترسيم الحدود، ينطوي ذلك على اعتراف بشكل أو بآخر بإسرائيل كدولة. القصّة هنا لا ترتبط بصراع الوجود أو المبدأ، إنّما بالمصلحة السياسية، التي عندما تتطابق مع المصلحة الإيرانية قد تصل هذه المفاوضات إلى نتيجة، وتعود إلى صيغة كرّسها النظام السوري في علاقته غير المباشرة مع إسرائيل في جنوب سوريا وتحديداً في الجولان. هذا الأمر قابل للتطبيق في لبنان، إذا كانت مصلحة إيران قد توفرت. وهذا يرتبط بمسار طويل من التفاوض حول الحدود البرية والبحرية، وحول دور حزب الله ونفوذه، وأسلحته.

إقرأ أيضاً: 20 حدثاً في 2020: من سليماني إلى كورونا ومارادونا…

هناك رهان إيراني على أن تتغيّر بعض المعطيات في سنة 2021 مع إدارة جو بايدن، وسيكون على جدول البحث نفوذ إيران في المنطقة ككل، ولن تكون المفاوضات الخاصة بلبنان مقتصرة على ترسيم الحدود إنما على صواريخ حزب الله الدقيقة، ونطاق توزعها، بالإضافة إلى البحث في وضع المرفأ والمطار والمعابر الحدودية.

كل هذه الملفات ستنتقل إلى السنة الجديدة، بعد سنة من الانهيار الكبير، قُضِيَ فيها على ما تبقى من لبنان، من تفجير المرفأ إلى محاصرة المطار وتطويقه، واستهداف مراكز لحزب الله، ربطاً بالإنهيار المالي والإقتصادي وضرب القطاع المصرف… وكلّ هذا سيؤدي إلى تغيير جذري في وجهة لبنان في المرحلة المقبلة، بينما المنطقة دخلت كلها عصر التطبيع الذي يعتبر كثيرون أنّ لبنان سيكون مجبراً على الالتحاق به، لكن بعد صفقة إيرانية أميركية. 

 

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…