بعد إلغاء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان بسبب إصابته بفيروس كورونا، حصل موقع “أساس” على توقّعات من مصادر ديبلوماسية شرقية تفيد بأنّ “التدويل” أصبح خياراً مطروحاً لمجمل الأزمة اللبنانية، بعد بلوغ المبادرة الفرنسية نهاية مطافها. وهي التي بدأت بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي.
فهل هذه التوقعات في محلها؟
تقول المصادر نفسها إنّ الظروف التي تحيط بمبادرة باريس تقدم الشواهد اللازمة لسلوك اتجاه جديد غير الذي جرى اعتماده قبل أربعة أشهر. وهذا ما تردّد عن الرئاسة الفرنسية، التي أكّدت عزمها مواصلة الجهود كي تجنّب لبنان ما يمكن أن “يزعزع استقراره وسط حروب تهدّد منطقة الشرق الأوسط “. أما السبيل الى تحقيق هذا الهدف فهو “التدويل “الذي سيبادر إليه الرئيس الفرنسي “بعد ترتيب ضوء أخضر من الاتحاد الاوروبي ومن ثم الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي”.
وخلصت هذه المصادر إلى أنّ “بلوغ مرحلة تدويل الأزمة اللبنانية معناه إعلان لبنان دولة فاشلة، ما يتطلّب تدخّل مجلس الأمن لتشكيل حكومة طارئة تتولّى تحت الفصل السابع فرض سلطة دولية تستند إلى قوات الطوارئ التي ستتوسّع مهمتها خارج جنوب لبنان لتشمل حدوده البرية مع سوريا”.
تبدو هذه التوقعات أشبه بسيناريو شريط سينمائي أكثر مما هي معطيات حلّ واقعي لأزمة لبنان المعقّدة التي لا تبدو معها رياح التدويل ممكنة في زمن معقول.
لكنّ هذا التوصيف لا يلغي عناصر أخرى ماثلة في المشهد الإقليمي تنذر بمخاطر محتملة وغير مستبعدة كتلك التي أشار اليها مراسل “الراي” الكويتية في القدس المحتلة.
حصل موقع “أساس” على توقّعات من مصادر ديبلوماسية شرقية تفيد بأنّ “التدويل” أصبح خياراً مطروحاً لمجمل الأزمة اللبنانية، بعد بلوغ المبادرة الفرنسية نهاية مطافها. وهي التي بدأت بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي
فتحت عنوان “الحرب الإسرائيلية المقبلة آتية… لكن يبقى تحديد الجبهة”، كتب يقول: “في ختام جلسة سادتها حالة من “العصف الفكري” في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مساء الإثنين (الماضي)، خرج الجميع بصمت مطبق على “غير عادة” وسط حالة من الجدل والانقسام والمواجهة الداخلية الكبيرة. فقال أحد أعضاء المجلس إنّ: الحرب محتملة لكنّني أراها في الشمال أكثر، وتحديداً في الجبهة السورية. فيما رأى آخر أنّها: في الجنوب (غزّة)”.
في موازاة ذلك، ووفقا لأوساط إعلامية متابعة لدوائر “حزب الله”، تواصل طهران بثبات التزام “إستراتجية الصبر” في الفترة الراهنة التي تفصلنا عن وصول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى البيت الابيض في 20 كانون الثاني المقبل. لكنّ هذه الاوساط التي تحدّث “أساس” إليها تتوقّع أن يكون الصيف المقبل “حامياً” في حال تعامل الرئيس الأميركي الجديد ببرودة مع ملفات المنطقة. في وقت تتعرّض إيران لصعوبات اقتصادية جمة نتيجة العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب. وهي عقوبات لن تختفي بعد مغادرة الأخير البيت الابيض. وهذا “سيدفع طهران للردّ على هذا التجاهل الأميركي لمعاناة الجمهورية الإسلامية بشتّى الوسائل المتاحة”.
في أي حال، لا تتوقف الصحف الإسرائيلية عن مقاربة سيناريو الحرب على الجبهة الشمالية، وهذا ما ورد في صحيفة “جيروزاليم بوست”، التي تناولت قدرة “حزب الله في أيّ حرب مقبلة على إطلاق 4000 صاروخ في اليوم، مقارنة بإجمالي أقلّ من 4000 صاروخ تمّ إطلاقها خلال حرب تموز 2006”.
وفقا لأوساط إعلامية متابعة لدوائر “حزب الله”، تواصل طهران بثبات التزام “إستراتجية الصبر” في الفترة الراهنة التي تفصلنا عن وصول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى البيت الابيض في 20 كانون الثاني المقبل
عقيد الاحتياط في جيش الإحتلال الإسرائيلي إيلي بار-أون نقل عن خبراء عسكريّين إسرائيليّين أنّ “حزب الله يمتلك الآن بضع عشرات من الصواريخ الموجهة بدقّة، وستسمح هذه القدرة للحزب بتنفيذ ضربات محدّدة في أيّ صراع مستقبلي مع إسرائيل، وباستهداف مواقع استراتيجية مهمة”.
وفي مقال كتبه أريان تاباتاباي في مجلة “فورين أفيرز” الأميركية الفصلية، حمل عنوان “إيران باقية في سوريا”، يقول إنّ “طهران تعتبر سوريا جزءاً أساسياً من “محور المقاومة” وممرّاً رئيساً لنقل الأسلحة وإمدادات أخرى إلى حزب الله. قد لا يدعم النظام الذي يلي عهد الأسد النفوذ الإيراني، حتّى أنه قد يكون سنياً في معظمه، ما يعني أنّه سيميل إلى الاصطفاف مع خصوم إيران في المنطقة. وفي ظل تراجع حلفاء إيران إقليمياً، تعتبر طهران أي نظام موالٍ لها في سوريا سيكون عاملاً أساسياً لصمودها واستمرار نفوذها”.
إقرأ أيضاً: المبادرة الفرنسية صارت جمعية الرفق بالمعاقبين أميركياً!
وفي سياق متصل يسأل روبرت فورد، السفير الأميركي السابق لدى سوريا والجزائر والباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: “هل اقتربت أميركا من الانتصار في سوريا؟”، فيجيب في مقال نشرته صحيفة “الشرق الاوسط” هذا الأربعاء قائلا: “أفاد مسؤول كبير من وزارة الخارجية الأميركية أمام إحدى لجان الكونغرس في الأسبوع الماضي، بأّن الهزيمة الدائمة لتنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا، وانسحاب القوات الإيرانية من هناك، مع الوصول إلى حلّ سياسي دائم للأزمة السورية، باتت جميعها في “متناول الأيدي”. وعندما فكرت ملياً فيما قاله ذلك المسؤول الكبير، وقارنت ذلك بمقابلات صحافية أجريت مع زميلي الأسبق السفير جيمس جيفري الذي تقاعد لتوّه من مهام منصبه، فإنّني أرى ضغوطاً متزايدة في وقت لا ألمس أيّ إنجازات تساعد الجانب الأميركي على المدى البعيد، أو ربما تساعد السواد الأعظم من المدنيين السوريين في شيء”.
ما الذي يمكن قوله بعد كل هذه المعطيات؟
بالعودة الى المصادر الديبلوماسية الشرقية التي جرى الاستناد إليها في مستهل هذا المقال، يبدو أنّ باب التوقعات مفتوح على مصراعيه في المنطقة التي يقبع لبنان في قلبها.
لا يبدو خيار “التدويل” بعيداً عن التصوّر في دوائر الرئاسة الفرنسية.
بالفيديو: هكذا سيخرج ترامب من البيت الأبيض
[VIDEO]