قدّم استطلاع موثوق للرأي العام أُجري في لبنان وأُنجز قبل ثلاثة أسابيع فقط، الدليل القاطع الأول على أنّ الدعم الشعبي لـ”حزب الله” قد تراجع بشكل ملحوظ، حتّى في أوساط الشيعة الذين يشكّلون ثلث عدد السكان. وربما يساعد هذا الانحدار على شرح تصريح السيّد حسن نصر الله الجديد المفاجئ بأنه يتعيّن على إيران، وليس الحزب، الانتقام لمقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده.
لقد أصبح منحى الدعم المتضائل واضحًا وجليًا الآن. فنسبة السكان الشيعة الذين يعبّرون عن رأي “إيجابي للغاية” تجاه “حزب الله”، ورغم أنّها لا تزال تشكّل أغلبية، تراجعت بشكل طفيف، ولكن على نحوٍ مطرد خلال السنوات الثلاث الماضية. وقد أصبحت اليوم أقلّ بنحو 20 نقطة عما كانت عليه أواخر 2017.
ويعكس هذا المنحى بشكل شبه أكيد تنامي الغضب من دور الحزب في الفساد والترهيب والأزمة الاقتصادية الحادة التي تنهش البلاد، والذي تغذّيه مسؤولية الحزب المتصوّرة عن الانفجار المدمّر الذي هزّ مرفأ بيروت في آب الماضي. والجدير ذكره أنّ 79 في المئة من الشيعة يؤيدون “الاحتجاجات المناهضة للفساد التي عمّت الشوارع”. مع ذلك، تستمر الأغلبية (66 في المئة) في التعبير عن رأي إيجابي للغاية إزاء “حزب الله”. كما أنّ نسبة 23 في المئة إضافية تعرب عن وجهة نظر “إيجابية بعض الشيء” تجاهه.
نسبة السكان الشيعة الذين يعبّرون عن رأي “إيجابي للغاية” تجاه “حزب الله”، ورغم أنّها لا تزال تشكّل أغلبية، تراجعت بشكل طفيف، ولكن على نحوٍ مطرد خلال السنوات الثلاث الماضية
في الوقت نفسه، هوت شعبية الحزب بشكل أكبر في أوساط الطائفتين المسيحية والسنّية في لبنان. فنسبة 16 في المئة فقط من المسيحيين و8 في المئة من السنّة تعبّر الآن عن رأي “إيجابي بعض الشيء” إزاء “حزب الله”. ويبدو أنّ هذا الشعور هو نفسه في أوساط الأقلية الدرزية الصغيرة، ولكن المؤثرة بشكل غير متكافئ في البلاد، حيث تدعم نسبة 14 في المئة فقط منها “حزب الله” في الوقت الراهن. إلا أنّ هذه العيّنة الفرعية ضئيلة للغاية، نسبةً إلى حجمها من إجمالي عدد السكان، للحصول على استنتاجات إحصائية حازمة.
مفاوضات الحدود البحرية مع إسرائيل تحظى بموافقة كبيرة على عكس التطبيع الكامل
تستقطب انطلاقة المحادثات في الآونة الأخيرة بين لبنان وإسرائيل بشأن ترسيم الحدود في البحر المتوسط تأييدًا شعبيًا عمومًا، وبخاصةٍ من السنّة والمسيحيين في لبنان، وكذلك بعكس التوقعات، من العديد من الشيعة. فثلثا السنّة (70 في المئة) والمسيحيين (67 في المئة) يعتبرون أنّ هذه المحادثات بمثابة “تطوّر إيجابي”. في حين تحظى بموافقة نصف الشيعة (51 في المئة)، بينما أبدى 19? فقط من اللبنانيين عدم موافقتهم “إطلاقًا”. وربما ينبع ردّ الفعل المؤيد هذا على نحو ملحوظ من التوقعات، ورغم كونها سابقة لأوانها، بأنّ الأرباح الناتجة عن الغاز الطبيعي البحري ستخفّف من الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمرّ بها لبنان.
إقرأ أيضاً: كيف انقلب العالم العربي على الحزب (1/2): شبكة مافيا وتهريب بلا قضية
غير أنّه في تناقض صارخ، فإنّ الآراء اللبنانية بشأن اتفاقيتي “السلام الكامل”، الجديدتين، بين إسرائيل وبين الإمارات والبحرين، هي سلبية عمومًا. فينظر ثلثا المسيحيين وثلاثة أرباع السنّة والشيعة على السواء إليهما نظرةً سلبية “بعض الشيء” على الأقلّ. وما يثير الاهتمام هو أنّه في هذا البلد العربي وحدَه من بين ستة بلدان مستطلعة، لا يسمح القائم بالاستطلاع لنفسه حتّى بطرح سؤال تابع للسؤال الأوّل بشأن ما إذا كان “يجب أن يُسمح للذين يرغبون في إقامة روابط شخصية أو عملية مع إسرائيليين بالقيام بذلك”.
لقراءة النص الأصلي استطلاع في لبنان يُظهر تراجعًا في دعم – معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى (washingtoninstitute.org)