مع بداية العام الـ2021، ونهاية العام 2020، الذي لا يشبه أيّ عام آخر، فرضت جائحة كورونا ثقلها على لبنان وعلى العالم، فغيّرت أنماط الحياة وعاداتٍ كثيرة.
فمن كان يتصور أنّ هذا العام سيكون كارثياً وسيترك هذا الفيروس بصمته على كلّ نواحي الحياة وسيغيّر كلّ ما كان روتيناً يومياً؟
أيّ لبناني لا يتوق إلى خاتمة الفصل الأخير من الوباء الفتاك الذي شغل البشرية؟
عام 2020 ليس كغيره: الحجر الصحي والعزل المنزلي ومنع التجول وتطبيقه بقوّة الأمن والجيش، وتوقّف وسائل النقل بشكل شبه كاملٍ، وتعطل المطارات وإغلاقت المدن، وصار الكل يأمر ويحثّ على التباعد الاجتماعي بين الأقارب والأصدقاء والزملاء.
رئيس اللجنة التقنية للقاح كورونا ورئيس “اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية والاختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور عبد الرحمن البزري يقول في حديث لـ”أساس” إنّ عبء الكورونا على لبنان حلّ في زمنٍ حرج ودقيق نتيجة الفساد ما أضاف عبئاً جديداً وغيّر الكثير من المفاهيم والعادات. لكن تجربة الجائحة هذه فريدة في حياة كل شخص على وجه الأرض. فبطريقة أو بأخرى تأثر كلّ واحد منّا بها وأحدثت تغييراً في أنظمتنا الصحية، فقد خلقت مفهوم الحجر الصحي العالمي وابتكرت أساليب جديدة للتعقيم”.
ويتابع البزري: “منذ دخول الفيروس إلى لبنان هناك حوالي 1300 أو 1500 حالة وفاة تمّ تسجيلها، بالإضافة إلى إصابة عدد كبير من الناس لم يستعيدوا كامل عافيتهم بعد، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ عدد الاشخاص المسجلين لدى وزارة الصحة سيقارب الـ200 ألف إصابة مع نهاية هذا العام، وفي الحقيقة هناك ربع مليون إصابة”.
يكشف البزري أنّ “هناك “اختصاصات طبية تأثرت بالكورونا، لأنّ العديد من المستشفيات تحوّلت إلى استقبال حالات الكورونا فقط، وفي فترة من الفترات توقفت العمليات الجراحية، وانتكس القطاع الصحي، وكثُرت في طاقمه الإصابات حتّى وصلت إلى أكثر من 2000”.
عبء الكورونا على لبنان حلّ في زمنٍ حرج ودقيق نتيجة الفساد ما أضاف عبئاً جديداً وغيّر الكثير من المفاهيم والعادات
أما عن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت كارثية على اللبنانيين فيلخصها البزري بما يلي:
– مصالح كثيرة أقفلت وأهمها في القطاع السياحي.
– خسر العديد من الناس وظائفهم إضافة الى عملية الإغلاق الكلّي المتكرّرة، التي تسبّبت بارتدادات سلبية في كثير من الحقول (منها المعيشي ومنها النفسي، كالأرق، والتربوي والصحي).
ويختم البزري كلامه متوقعاً أن يكون العام المقبل أيضاً عاماً صعباً على اللبنانيين. لكن مع بداية تباشير وصول اللقاحات، ربما تكون السنة الآتية آخر السنوات الصعبة صحيّاً التي تمرّ علينا.
أبرز التغييرات التي حصلت في العام 2020:
1- الإقفال ويوميات اللبنانيين:
الشركات أقفلت وكذلك المدارس والجامعات. وألغيت اللقاءات الرياضية. وباتت حركة الملاحة الجوية المدنية شبه متوقفة شاهدة على أسوأ أزمة في تاريخها. وأقفلت المتاجر (تحديد أوقات الفتح والإقفال) والحانات والنوادي والمطاعم أبوابها. ووجد الناس أنفسهم عالقين في شقق صغيرة جداً أحياناً لأسابيع عدّة.
بدأ العمل من المنزل للأشخاص القادرين على ذلك. وحلّت مؤتمرات الفيديو مكان اجتماعات العمل والسفر والاحتفالات، فيما عرّض الأشخاص الذين يتطلب وظيفتهم حضورهم شخصياً حياتهم أو منصبهم لخطر العدوى.
2- العادات والتقاليد:
بات العناق والمصافحة والقبلات مجرد ذكرى فيما تبادل الحديث يحصل عبر الكمامات. ومن الأشياء التي تغيّرت في ظل الجائحة أيضاً هي الطريقة التي نودع بها الموتى، إذ تحدّد العديد من الجنازات عدد الأشخاص الذين يمكنهم الحضور. وحتّى بات تقبّل التعازي يقتصر على الهاتف.
خسر العديد من الناس وظائفهم إضافة الى عملية الإغلاق الكلّي المتكرّرة، التي تسبّبت بارتدادات سلبية في كثير من الحقول
كانت مقابلات الصّفقات التجارية تتم عبر الاجتماع المباشر، وطرح إجرائها في وسائل التّواصل الاجتماعي كان يعتبر نوعاً من أنواع الاستخفاف في حال كان أطراف العقد من نفس البلد.
3- الوضع النفسي:
ارتفع مستوى العنف الأسري وكذلك المشاكل النفسية بسبب الضغوطات المرتبطة بالحجر الصحي، مثل مخاوف الإصابة بالفيروس، والإحباط، والملل، وعدم الحصول على الإمدادات الطبية الكافية، والخسائر المالية، ومخاوف الشعور بالعار في حال الإصابة، أو الخوف على الأحبّاء. بحسب الدكتور البزري هذه المشاكل لها ارتدادات نفسية وعصبية ومن الصعب تقييمها في الوقت الحالي.
4- التعليم:
لم يعد التعليم كما كان سابقاً، ولم يتصوّر أيّ من الطلاب أو الأساتذة أن يصبح التعليم عن بعد جزءاً من يومياتهم. ولجأت المدارس الرسمية والخاصة إلى تقنية “التعليم عن بعد” عبر مواقع تعليمية على شبكة الإنترنت وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، كخطوة ضرورية اتخذتها وزارة التربية لاستمرار المسيرة رغم الظروف الحالية، بالرغم من الصعوبات اللوجستية التي واجهت الطلاب (أغلبية الطلاب غير مجهّزين بحواسيب، وأغلبهم يتابعون الدروس عبر الهواتف، بالإضافة إلى ضعف شبكة الإنترنت في لبنان).
17أيار 2020: ألغى وزير التربية والتعليم اللبناني طارق المجذوب استثنائيًّا دورة العام 2020 لامتحانات الثانوية العامة بفروعها الأربعة (بعد إلغاء امتحانات شهادة البريفيه لهذا العام أيضاً)، وأعلن استكمال العام الدراسي عن بعد حتّى آخر شهر أيّار، على أن تعطى إفادات للطلاب وفق ضوابط يحددها مجلس الوزراء.
بات العناق والمصافحة والقبلات مجرد ذكرى فيما تبادل الحديث يحصل عبر الكمامات. ومن الأشياء التي تغيّرت في ظل الجائحة أيضاً هي الطريقة التي نودع بها الموتى
بحسب رأي الدكتور عبد الرحمن البزري التعليم عن بُعد سيُخرّج جيلاً من التلامذة ثقافته وبرامجه التعليمية تراجعت ولم تعد كالسابق. وللأسف في لبنان لا إمكانيات لمعالجة ذيول هذا التحوّل.
5- استجواب موقوف عبر الواتساب:
في 23 آذار 2020: أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، أنّه “في سابقة من نوعها في لبنان، وفي ظل الإجراءات المتخذة للوقاية من انتشار كورونا، جرى استجواب موقوف قاصر (مواليد 2002) عبر تطبيق”whatsapp-video call” .
إقرأ أيضاً: 20 حدثاً في 2020: من سليماني إلى كورونا ومارادونا…
6- تعليق الصلاة بالمساجد
في إطار إجراءات الحدّ من تفشي كورونا، أعلنت دار الفتوى تعليق الصلوات في المساجد، بما فيها صلاة الجمعة. ومرّ شهر رمضان هذا العام دون صلاة التراويح في المساجد.
7- إقفال الكنائس وتعليق القداديس
تمّ إقفال الكنائس وتعليق القداديس، في ظلّ صدور قرارات حكومية وصحية إلى حين زوال الخطر.