بايدن وحلّ الدولتين: لئلّا يتأمّل الفلسطينيون خيرًا

مدة القراءة 5 د


حسم الرئيس الأميركي المُنتَخب جو بايدن ترشيح أنتوني بلينكن لوزارة الخارجية. ومع هذا الحسم، تتوجّه الأنظار إلى السياسة الخارجية للولايات المتحدة بعد 4 أعوام “مختلفة جذريًا” عن ولاية الرئيس دونالد ترامب الذي انتهج مسارًا لا يشبه ما قبله، وبالتأكيد لن يُشبهه ما بعده. إلا أنّ “أثر” سياسات ترامب الخارجية، ستكون “المطبّ” الذي سيواجهه بلينكن بتكليفٍ من بايدن في العديد من الملفّات.

رغم كلّ التأييد الذي منحه دونالد ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا أنّ الأخير لم يستطع أن يحسم أمره لتحقيق حلمه بضمّ الضّفة الغربية وغور الأردن نظرًا لمعارضة الحزب الديمقراطي الأميركي والدّول الأوروبية والدّول العربية. حتّى بعض القوى السياسية الإسرائيلية، من بينها شريك نتنياهو اللدود في الائتلاف الحكومي، وزير الدّفاع بيني غانتس، طلب من نتنياهو أن ينتظر “انتهاء أزمة كورونا لبحث موضوع الضّم”، وذلك بعد أن عرض عليه زعيم حزب الليكود 4 خططٍ لتنفيذ حلمه.

رغم كلّ التأييد الذي منحه دونالد ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا أنّ الأخير لم يستطع أن يحسم أمره لتحقيق حلمه بضمّ الضّفة الغربية وغور الأردن

وصول بايدن إلى البيت الأبيض قد يُغيّر الكثير من خطط نتنياهو. فرغم تأييد الرئيس المُنتخب لإسرائيل منذ أكثر من 40 عامًا، وصداقاته الإسرائيلية التي لا تبدأ برئيسة الوزراء السابقة غولدا مائير ولا تنتهي عند نتنياهو، إلا أنّ بايدن الذي يُتوقّع أن يستلم السّلطة رسميًا في 20 كانون الثّاني، يُعارض ضمّ الضفّة الغربية لإسرائيل. وهذا ما عبّر عنه “سفيره للدبلوماسية الأميركية” المُرشّح لوزراة الخارجية أنتوني بلينكن، خلال مشاركته عبر تطبيق «زوم» في مؤتمر لمنظمة «الغالبية الديمقراطية من أجل إسرائيل»، وهي منظمة تابعة للحزب الديمقراطي بقوله: “بايدن سيطالب الإسرائيليين والفلسطينيين بعدم اتخاذ خطوات أحادية تمنع العودة لحلّ الدولتين”.

فركيزة عمل بايدن في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ستكون على أسس ما قبل ترامب، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّه لا يمكن أن يعود الرئيس الجديد عن خطوة سلفه بنقل السّفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة للدولة اليهودية. إذ إنّ هذه الخطوة التي نفّذها ترامب كانت قد أُقِرَّت عام 1995 تحت ما عُرِفَ بـ”تشريع سفارة القدس لعام 1995″ من مؤسسة الكونغرس، وكان يومها بايدن من أشدّ المؤيّدين لهذا التشريع في مجلس الشّيوخ، إذ يُعبّر صراحة عن رغبة الولايات المتحدة بنقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس بدلاً من تل أبيب، والاعتراف بالقدس كعاصمة للدولة العبريّة، وذلك في موعد أقصاه أيار 1999. لكنّ هذا التشريع يسمح للرئيس بتأجيل تطبيقه كلّ 6 أشهر، وهذا ما فعله كلّ الرؤساء منذ عام 1995. إلاّ أنّ الرئيس ترامب قرّر في 6 كانون الأول 2017 تنفيذ الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها.

ركيزة عمل بايدن في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ستكون على أسس ما قبل ترامب، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّه لا يمكن أن يعود الرئيس الجديد عن خطوة سلفه بنقل السّفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة للدولة اليهودية

وكشف بلينكن في المؤتمر أنّ بايدن سيوازن في التعاطي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فرغم أنّه لن يعود عن خطوة ترامب، إلا أنّ القنصلية الأميركية في القدس الشرقية سيُعاد افتتاحها، وسيقدّم مساعدات إنسانية واقتصادية للفلسطينيين بموجب قانون «تايلور فورس». كلام بلينكن لم يحمل جديدًا في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، إذ أكّد أيضًا أنّ بايدن سيضمن التفوّق العسكري والاستخباري للدولة العبرية، وسيعمّق التعاون القائم في هذين المجالين، و”سيعترف لمرّة واحدة وإلى الأبد بواقع دولة يهودية في إسرائيل”.

وفي أيّار الماضي، كان بلينكن قد تحدّث في ندوة عبر الإنترنت نظّمتها المجموعة نفسها، وقال إنّ “الديمقراطيين سيبقون الخلافات مع إسرائيل بعيدة عن العلن، وبايدن يعتقد أنّ الخلافات مع تل أبيب ينبغي أن تبقى بعيدة حتّى عن الحلفاء قدر الإمكان، وينبغي مناقشتها خلف الأبواب المغلقة”.

إقرأ أيضاً: هل تستجب طهران لشروط بايدن: الصواريخ والنفوذ الخارجي

فيما يتعلّق بعملية السّلام بين الدّول العربية وإسرائيل، والدور الذي تلعبه واشنطن في هذا الإطار، يرجّح أن يفي السياسيون الديمقراطيون بوعدهم بتجاهل المبادرة التى طرحها دونالد ترامب والمعروفة بـ«صفقة القرن»، وسيعملون على إقناع الفلسطينيين والإسرائيليين ببدء مفاوضات جديدة. وقد بات ممكناً أن تقبل الإدارة السياسية الإسرائيلية بذلك، طالما أنّ بايدن لن يتخلّى عن اعتراف بلاده بالقدس كاملةً عاصمة لإسرائيل، أو عن شرعية المستوطنات التي تمّ تشييدها فى الضفة الغربية، ولن يكون أمام الفلسطينيين خيار سوى التفاوض دون شروط مُسبقة. وإن حدث ورفض الجانب الفلسطيني المشاركة في مفاوضات كهذه، فإنّ الإدارة الديمقراطية لن تكون مُتساهلة معهم أو مع مطالبهم.

الأرجح أنّ تستمرّ السياسة التي انتهجها الجمهوريون خلال ولاية ترامب، عبر تشجيع الدول العربية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وبكلمات أخرى، لا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تُعلّق آمالاً كثيرة على الإدارة الديمقراطية الجديدة.

مواضيع ذات صلة

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…

“اليوم التّالي” مطعّم بنكهة سعوديّة؟

لم يعد خافياً ارتفاع منسوب اهتمام المملكة العربية السعودية بالملفّ اللبناني. باتت المؤشّرات كثيرة، وتشي بأنّ مرحلة جديدة ستطبع العلاقات الثنائية بين البلدين. الأرجح أنّ…

مخالفات على خطّ اليرزة-السّراي

ضمن سياق الظروف الاستثنائية التي تملي على المسؤولين تجاوز بعض الشكليّات القانونية تأخذ رئاسة الحكومة على وزير الدفاع موريس سليم ارتكابه مخالفة جرى التطنيش حكوميّاً…

“الفرصة الأخيرة” وسط الألغام

قبل ساعات من وصول الموفد الأميركي آموس هوكستين تقصّد العدوّ الإسرائيلي كما الحزب رفع مستوى الضغط الميداني إلى حدّه الأقصى: إسرائيل تكرّر قصف عمق العاصمة…