على الرغم من تأكيد دراسات سابقة أنّ الأطفال هم أقلّ الفئات العمرية عرضةً للإصابة بفيروس كورونا، ومن يُصاب منهم، فإنّ الأعراض تكون خفيفة ولا توجد حالات خطرة، إلاّ أنّه ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فقد أُبلغ عن حالات اعتلال خطيرة عند الأطفال على غرار البالغين. هذا يطرح مجدداً العديد من الأسئلة حول إصابة الأطفال.
الطفل “عمر الزعتري” واحد من هؤلاء الأطفال الذين أصيبوا بكورونا ولم تظهر عليه أيّ عوارض. لكن بعد مرور شهر على إصابته تدهورت حالته الصحية، وهو اليوم يرقد في قسم العناية الفائقة في مستشفى الجامعة الأميركية.
والدة الطفل عمر، السيدة م. ز.، وهي من سكان مدينة صيدا، نشرت على صفحتها الفيسبوكية، بغصّة وحزن، تفاصيل ما حصل مع طفلها وكتبت: “لازم تعرفوا شي. كورونا منّا مزحة أبداً. أوعا حدا يستهتر فيها. إبني عمر أصيب بكورونا من شهر تقريباً بما إنّو انعدا منّي، بس وقتها ما تأثّر أبداً وما كنت عارفة أساساً إنّو انعدا مني، وقلت إنّو الأطفال بإذن الله ما بيتأثّروا. بعد شهر بالظبط كان عم يلعب متل ولد طبيعي وابني ما بيعاني من شي نهائياً. فجأة طلعت عليه حراره 40 ووصلت 41. دخلته مستشفى بصيدا على أساس إنّه التهاب مصارين بلش ابني يتراجع يوم بعد يوم وبلش يغيب عن الوعي ويعبّوا إجريه مي وما تحسن نهائياً ليوم فات ليشوف إجريه دكتور كلاوي وقلي ابنك بلش ينشر فيروس بجسمه، حملته وطرت فيه عالجامعه الأميركية وصل ابني ضغطه 5 والكبد مورم وعضلة القلب ما عم تشتغل كما يجب وبطل يطلع الأوكسجين عراسه بعد ما أنعشوه تبيّن لنا انه يعاني من فيروس اسمه كواساكي (Kawasaki*) هيدا الفيروس بيضرب الجهاز المناعي للأطفال بدل ما يدافع بصير بيضرب نفسه أول ما ضرب ضربله عضلة القلب لإبني وبلش ينزل عالكبد وعالمصارين يعمله وجع قوي ولأنّه صار في قصور بعضلة القلب بلش يخف الأوكسجين عن الرأس. الي بدي وصله إنّه ما تستهتروا بكورونا هيدا فيروس جديد عم يضرب الأطفال وما بيبن قبل بشهر من إصابة الأطفال. حالياً ابني بمستشفى الجامعه الأميركية بقسم العناية الفائقة عم يتلقى العلاج ليساعدوا عضلة القلب تسترجع قوتها. أنا بطلب منكن جميعا تدعو لإبني الله يرجعو لحضني ويسلّم أولاد الجميع”.
وسط التحذيرات من حالة غامضة تظهر بين الأطفال والتي قد تكون مرتبطة بالإصابة بفيروس كورونا المستجدّ. قد تكون شبيهة بمتلازمة “كاواساكي”. فما هي هذه الحالة؟
الطفل “عمر الزعتري” واحد من هؤلاء الأطفال الذين أصيبوا بكورونا ولم تظهر عليه أيّ عوارض. لكن بعد مرور شهر على إصابته تدهورت حالته الصحية، وهو اليوم يرقد في قسم العناية الفائقة في مستشفى الجامعة الأميركية
رئيس دائرة طبّ الأطفال في كليّة الطبّ في جامعة القديس يوسف في بيروت، ورئيس اللجنة العلمية في نقابة الأطباء الدكتور برنار جرباقة، أوضح لـ “أساس” أنّ “الحالة التي حصلت مع الطفل عمر، هي من إحدى المضاعفات النادرة التي من الممكن أن تحصل بعد الإصابة بالفيروس”.
وشرح أنّ “كواساكي” ليس بفيروس، بل هو نوع من الأمراض النادرة جداً التي تصيب الأطفال. ويمكن القول إنّه ردّة فعل مناعة بالجسم، تتسبّب بطفرة، وحرارة مرتفعة، وتؤذي شرايين القلب. ومن الممكن أن تحصل بعد التهاب فيروسي أو خارج الالتهاب الفيروسي، بعد مدة قصيرة أو طويلة، واسمه “كواساكي” نسبة إلى العالِم طبيب الأطفال الياباني يُدعى “توميساكو كاواساكي”.
وتابع جرباقة: “حالات الأذية لشرايين القلب التي تحصل بعد مدّة معينة من الإصابة بالكوفيد-19، يجري الحديث عنها في العالم، وليس فقط بلبنان. صحيح أنّ الكوفيد-19 من النادر أن يتسبّب بأذية أو وفاة أو الدخول إلى العناية الفائقة عند الأطفال. ولكنّه من الممكن أن يتسبّب بمضاعفات خطرة ونادرة بعد الإصابة بالفيروس”.
بدوره، رئيس مركز أبحاث الامراض الجرثومية المعدية في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت(AUBMC) وطبيب الاطفال في المركز الطبي المذكور البروفيسور غسان دبيْبو أكّد لـ “أساس” أنّ “كواساكي” ليس فيروساً، بل هو ردّ فعل جهاز مناعي يؤدي إلى حصول التهابات بالجسم خاصة بشرايين القلب عند الأطفال، وليس بعضلة القلب كما يُشاع. ويمكن القول إنّ أسباب مرض “كاواساكي” غير معروفة حالياً، كما أنّه ليس مرضاً وراثياً، ولكن يُشتَبَه أنّ القابلية الوراثية تلعب دوراً فيه. وهو ليس معدياً، ولا ينتقل من طفل إلى آخر. وفي الوقت الحاضر، لا توجد وقاية منه.
“كواساكي” ليس بفيروس، بل هو نوع من الأمراض النادرة جداً التي تصيب الأطفال. ويمكن القول إنّه ردّة فعل مناعة بالجسم، تتسبّب بطفرة، وحرارة مرتفعة، وتؤذي شرايين القلب
وأضاف دبيبو أنّ “أعراض كاوساكي تشبه العوارض التي تحدث عند بعض الأطفال الذين أصيبوا بكورونا. ويمكن القول إنّ 1 من أصل 10000 من الأطفال الذين أصيبوا بحالة قوية جداً من الكورونا، يصابون بعوارض تشبه مرض الكواساكي”.
ويختم البرفيسور دبيبو كلامه نافياً أن يكون مرض “الكواساكي” ناتجاً عن الكورونا، وهو مرض قديم، ويصيب الأطفال، ولكن عوارضه تشبه العوارض القوية للكورونا. كلّ سنة نشاهد حالتين أو ثلاث حالات من “كواساكي”، ولكن لا علاقة لها بالكورونا.
ما هو مرض “كاواساكي” Kawasaki؟
مرض “كاواساكي” ظهر لأول مرة في اليابان في عام 1967، وهو يسبّب التهابات في الأوعية الدموية لدى الأطفال المصابين به. يُعرف المرض أيضاً بمتلازمة العقدة الليمفاوية المخاطية الجلدية. وتتورّم الأوعية الدموية ما قد يؤدّي إلى مضاعفات في الشرايين التاجية (الأوعية الدموية التي تغذي القلب بالدم). ويمكن أن يسبّب تمدّد الأوعية الدموية، التي يمكن أن تؤدي إلى أزمة قلبية وأمراض القلب. وفي الحالات الأقل احتمالاً، يمكن أن يحدث نزيف داخلي عندما ينفجر تمدّد الأوعية الدموية.
إقرأ أيضاً: “نانو” إختراع لبناني: يقتل الكورونا في أجهزة التكييف ويطيل فعالية الكمامة 6 أشهر
مقارنة مرض “كاواساكي” مع مرض “كوفيد-19”:
– المسبّب هو التهاب فيروسي.
– يمكن أن يكون هناك علاقة جينية تجعل الجسم غير قادر على التحكّم في الجهاز المناعي بعد تحفيز الفيروس له.
– ينتج عنه عطل وظائف الأعضاء في الجسم.
وبالنظر إلى أنّ نسبة 5% من المرضى المصابين بـ”كوفيد-19″، تستدعي حالتهم دخول العناية المركزة، ووضعهم على أجهزة التنفس الاصطناعي، تبلغ نسبة الوفاة 2.5%، ولا يوجد حتى الآن علاج مثبت لمساعدتهم، ما عدا عقار الأسبرين، أي العلاج الموصوف لمرضى متلازمة “كاواساكي”.
اللافت وخلال إعدادنا للتقرير أنّ والدة الطفل عمر قامت بحذف المنشور على صفحتها بالفيسبوك فيما رفضت مسؤولة العناية الفائقة في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت التعليق على الموضوع.