بالوثائق: “مؤسسة مياه جبران وجبل لبنان” تعوّض لنفسها بـ10 ملايين دولار

مدة القراءة 7 د


يبدو أن المفاجآت في مغارة وزارة الطاقة لا تنتهي، وما إن فتح “أساس” ملف السياسات المالية في السدود، حتّى انهالت علينا الوقائع الجديدة من جنود مجهولين يبحثون عن منبر يتبنّى كشف المستور من دون مواربة.

في الحلقة الثالثة عن الفساد في وزارة الطاقة، نبحث في ملف مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان  جان جبران، الذي ارتبط اسمه بتضارب المصالح والتنفيعات منذ توليه منصبه في 22 آذار من العام 2018، كون حاله حال المتأبطين قدرة في وزارة الطاقة ومؤسساتها من سلالة مستشاري رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

إقرأ أيضاً: بالوثائق: كيف راكمت سدود لبنان العجز والدين العام؟

أما جديد جبران فهو التعويض على نفسه مبلغ 10 مليون دولار، بسبب عراقيل وتأخير في تنفيذ سدّ جنة. إذ قامت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان وبموجب قرار مجلس الإدارة رقم 2019/28 تاريخ 2019/7/25 المبني على اقتراح رئيس مجلس الإدارة المدير العام جان جبران، بتسديد تعويض لمتعهّد إنشاء سدّ جنة، وهي شركة  A.Gutierrez، مبلغاً وقدره 10 مليون دولار و662 ألف دولار (10،662،000). وذلك تعويضاً عمّا أسمته المؤسسة “عراقيل وتأخير في التنفيذ”، وذلك بصورة مخالفة للقانون وقبل الانتهاء من تنفيذ المشروع ومن دون موافقة الاستشاري المشرف بشكل واضح وصريح ومن دون موافقة مكتب التدقيق الفني bureau veritas ومن دون وجود أي مستندات داعمة تبرر كلفة الضرر المزعوم، الذي يستوجب التعويض، بحسب مصادر متابعة للملفّ.

وأكدت مصادر معنية لـ”أساس” أنّ هذا التسديد غير قانوني وغير مبرّر ولا يستند إلى أي رأي من هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، ولم يقترن بموافقة سابقة أو مؤخرة من وزارة الطاقة والمياه، على دفع التعويض للمتعهد المذكور. كما تبيّن أنّ هذا التعويض قد تم وسدّدته فعلياً المؤسسة إلى المتعهد المذكور قبل استكمال المستندات والإجراءات النظامية، وقبل تصديق القرار من وزارة الطاقة والمياه. علماً أن المعلومات تشير إلى أنّ وزير الطاقة والمياه قد سبق وأعاد الملف بحالته الحاضرة إلى المؤسسة للاستكمال، لكنّ المؤسسة قامت بتسديد التعويض الهائل خلافاً للقانون.

قامت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان وبموجب قرار مجلس الإدارة رقم 2019/28 تاريخ 2019/7/25 المبني على اقتراح رئيس مجلس الإدارة المدير العام جان جبران، بتسديد تعويض لمتعهّد إنشاء سدّ جنة، وهي شركة A.Gutierrez، مبلغاً وقدره 10 مليون دولار و662 ألف دولار

 

لكن ما علاقة جبران بسدّ جنّة و شركة A.Gutierrez؟

يؤكد مصدر مسؤول لـ”أساس” أنّ الشركة العائدة لجبران وأخوانه وعائلته هي متعهّد ثانوي لأشغال الخرسانة والهندسة في مشروع سدّ جنة، ما يشكل تعارض مصالح ومخالفات في أحكام قانون المحاسبة العمومية والأنظمة المالية لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان.

[PHOTO]

وهذه مخالفة موثّقة في معرض كتاب مُرسل من المستخدمين والعاملين في المؤسسة إلى النيابة العامة المالية، وتبلّغ نسخاً عنه كلٌّ من وزير الطاقة، التفتيش المركزي، النيابة العامة لديوان المحاسبة، المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، والمديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء.

يحكي الكتاب (مرفق pdf) عن مجموع المخالفات المالية والإدارية التي تقوم بها مفوض الحكومة لدى مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان سهى حبيب (مقرّبة من التيار الوطني الحر) ومن بينها التالي:

– توقيعها على قرار مجلس إدارة مؤسسة مياه وجبل لبنان ومحضر جلسة مجلس الإدارة رقم 28/2019  المتضمن السير بمتطلبات متعهد سدّ جنة خلافاً للقوانين، الموضّح أعلاه، والتعويض عليه بمبلغ يقارب 10 مليون دولار.

– توقيعها على صفقة تقديم يد عاملة مختلفة للعام 2020 لدى المؤسسة بعد رفضها من قبل مدير عام الاستثمار، وملاحظات وزير الطاقة “مقابل منفعة خاصّة تتمثل بتوظيف زوجها ربيع الياس القطان و3 آخرين، على أنّهم يد عاملة إدارية في المؤسسة بصورة مخالفة لأحكام مرسوم رقم 14915/2005 (تنظيم مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان) ورأي مجلس الخدمة المدنية”. بالإضافة إلى عدد من المخالفات الأخرى المفصّلة في الملفّ المرفق أدناه.

يؤكد مصدر مسؤول لـ”أساس” أنّ الشركة العائدة لجبران وأخوانه وعائلته هي متعهّد ثانوي لأشغال الخرسانة والهندسة في مشروع سدّ جنة، ما يشكل تعارض مصالح ومخالفات في أحكام قانون المحاسبة العمومية والأنظمة المالية لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان

ولا تنتهي قصة المدير العام جان جبران هنا، بل خلال البحث في مؤسسته، لفتتنا مخالفات أخرى وهي التالية:

– خالفت شركة “Gebran group” العائدة لجان جبران، وفق الإذاعة التجارية (المرفقة أدناه)، قرار قائمقام جبيل بالإنابة ناتالي الخوري بتوقيف كافة الأعمال التي تحصل في مجرى نهر غلبون لصالح مشروع محطة ضخّ المياه، وذلك عبر الاستمرار بالأعمال وصبّ الباطون الجاهز خلافاً لقرار القائم مقام (المرفق أدناه – وثيقة إحالة) وخلافاً لقانون المؤسسات العامة والنظام الداخلي لمؤسسة المياه، الذي يشدّد على ضرورة ألا يكون رئيس مجلس الإدارة أو المدير العام، أو لأقاربه حتّى الدرجة الرابعة، منفعة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في الصفقات التي تجريها المؤسسة.

– خالفت هذه الأعمال قانون البناء رقم 646/2004 الذي تنصّ المادة 2 منه على أنّ الرخصة المسبقة إلزامية لجميع الأبنية بما فيها العائدة للإدارات والمؤسسات العامة والبلديات وحتّى الأبنية العامة العسكرية “فلا رخصة بناء للمشروع”.

– وخالفت المادة 12 من القانون نفسه التي تفرض التراجع على جوانب الأنهر (وراء خطّ يبعد عشرة أمتار /10م/ عن حدود مجرى النهر ما لم تنصّ الأنظمة الخاصة للمنطقة على خلاف ذلك).

– وخالفت المادة 4 من قانون حماية البيئة رقم 444/2002 التي تفرض على كل شخص طبيعي أو معنوي، عام أو خاص/ أن يلتزم بمبدأ تفادي تدهور الموارد الطبيعية، الذي يقضي بأن تتفادى كلّ النشاطات التسبّب بأيّ أضرار غير قابلة للتصحيح للموارد الطبيعية كالماء والهواء والتربة والغابات والبحر والأنهر وغيرها.

– وخالفت هذه الأعمال أيضاَ المادة 21 من قانون حماية البيئة والمرسوم التطبيقي له رقم 8633/2012. إذ أنّ مشروع بناء محطّة للمياه يستوجب حكماً تقييم الأثر البيئي كونه من المشاريع التي قد تهدد البيئة، بسبب حجمها أو طبيعتها أو أثرها أو نشاطاتها.

– وخالف جبران، بأعماله المستمرّة، المادة 33 من القانون نفسه التي تمنع الأشغال على الأملاك العمومية البحرية أو النهرية التي تؤدي إلى تآكل الموقع أو تدهوره.

– كذلك خالف المادة 91 من قانون المياه رقم 192/2020 والمادة 745 من قانون العقوبات والمادة 58 من قانون حماية البيئة… إلى غيرها من المواد والنصوص القانونية التي يبدو أن المدير العام لم يعرّج عليها.

إقرأ أيضاً: بالوثائق: السدود الفاشلة كلّفت لبنان ملياري $

النصّ واضح، والوثائق أيضاً: جان جبران مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان ومتعهّدها في الوقت نفسه، خلافاً لكلّ القوانين سابقة الذكر، ونعرض بين أيدي الجهات المعنية الصور المرفقة التي توثّق المخالفة، وتوضّح قيام شاحنات “جبران” بأعمال مجرى نهر غلبون، بالإضافة إلى مستند غير قابل للشكّ، وهو الإذاعة التجارية المرفقة التي تؤكد ملكية جان يوسف جبران منفرداً دون سواه شركة “جبران غروب ش.م.م /Gebran group S.A.R.L.”. وهي الشركة التي تهتم بأعمال المقاولات والتعهدات ومشاريع البناء وتأهيل الأبنية والطرقات، وتجارة المحروقات ومشتقاتها على أنواعها، والتجارة العامة، ومسجلة لدى محكمة بعبدا التجارية تحت رقم 2010483 تاريخ 15/6/2007.

 

ملاحظة: الوثائق المرفقة برسم المحامي وديع عقل الذي يستعمل كل المستندات اللازمة لنشاطه ما عدا تلك المختصة بالتزامه السياسي “العوني”.

 

 

 

مواضيع ذات صلة

روايات ليلة سقوط الأسد… وخطّة الحزب “لإعادة التموضع”

في الحلقة الثانية من هذا التحقيق، تلاحق مراسلة “أساس” روايات العائلات النازحة في البقاع الشرقي وتحديداً منطقة الهرمل. وتسألهم عن ليلة السقوط الكبرى. كما تسأل…

لماذا يخاف شيعة البقاع من “بُعبُع” المعارضة السّوريّة؟

سقط بشّار الأسد وعاد عدد كبير من النازحين السوريين إلى بلدهم. لكن في المقابل شهدت مناطق البقاع، وتحديداً بعلبك الهرمل، نزوحاً معاكساً هذه المرّة للسوريين…

إسرائيل تضرب حيّ السّلّم للمرّة الأولى: هل تستعيده الدّولة؟

بقي حيّ السلّم على “العتبة”، كما وصفه عالم الاجتماع وضّاح شرارة ذات مرّة في كتابه “دولة حزب الله”. فلا هو خرج من مجتمع الأهل كليّاً…

أمن الحزب: حرب معلومات تُترجم باغتيالات (2/2)

لا يوجد رقم رسمي لمجموع شهداء الحزب في حرب تموز 2006، لكن بحسب إعلان نعي الشهداء بشكل متتالٍ فقد تجاوز عددهم 300 شهيد، واليوم بحسب…