تلقيت سلسلة من الاتصالات والتعليقات، بعضها من داخل لبنان، وكثير منها من خارج لبنان، وتحديداً من الإمارات العربية المتحدة، من أصدقاء كُثر لي فيها، وذلك إثر نشر مقالتي يوم السبت الفائت تحت عنوان “كلّنا أولاد زايد”.
المتصلون والمعلّقون من داخل لبنان وجدوا في المقال “حبة مسكّن” ربما تعيد لهم الأمل برفع قرار حظر اللبنانيين من دخول الإمارات، ومنهم من وجدها وقفة وفاء لهذه الدولة ومؤسسها المغفور له الشيخ زايد آل نهيان. فيما المتصلون من الخارج، ومن دولة الامارات، فتراوحت تعليقاتهم بين المؤكِّد على حبّ الإماراتيين للبنان، والشاكر على محبتنا للإمارات، متمنّين أن تكون الأيام المقبلة أجمل وأفضل.
إلا أنّ تعليقاً إماراتياً استوقفني جاء من الدكتور أحمد عبد الله النصيرات* الذي وصله المقال من صديقة مشتركة في المملكة العربية السعودية. إذ قال بدايةً: “رحمة الله على الشيخ زايد، مقال جميل الصراحة، للأسف مجنون واحد يسيء إلى شعب بأكمله”.
المتصلون والمعلّقون من داخل لبنان وجدوا في المقال “حبة مسكّن” ربما تعيد لهم الأمل برفع قرار حظر اللبنانيين من دخول الإمارات، ومنهم من وجدها وقفة وفاء لهذه الدولة ومؤسسها المغفور له الشيخ زايد آل نهيان
ما أسعدني في تعليق الدكتور النصيرات وما يمثّله من قيمة فكرية وعلمية وخلقية، أنه أشعرني أنّ الرسالة التي أردت إيصالها في مقالتي قد وصلت بكل دقة إلى عقول وقلوب النخبة من الأشقاء الإماراتيين.
لقد انتهجنا في موقع “أساس” منذ اليوم الأول للانطلاقة في 14 شباط 2020، المقاومة السياسية لمشاريع الهيمنة على لبنان وعلى رأس هذه المشاريع، المشروع الإيراني الذي رأينا أنّه يستهدف الدستور، ومؤسسات الدولة، والإنسان اللبناني في أحلامه وتطلّعاته. فجعلنا من هذا المثلّث هدفاً لعملنا، دفاعاً أو هجوماً.
لقد استقطب موقع “أساس” ثلّةً من الكتّاب اللبنانينن المقاومين عبر كلّ مسيرتهم المهنية، الرافضين لمنطق تصدير الميليشيات وللحروب العابرة للحدود، المقاومين لمنطق الدويلة على حساب الدولة، فمنهم من هُدِّدَ مراراً وتكراراً، ومنهم من خُوِّنَ، وبعضهم سعوا لزجّه في المعتقلات، إلا أنهم ما تغيّروا، وما تراجعوا، وما استكانوا وما بدّلوا تبديلاً.
لقد انتهجنا في موقع “أساس” منذ اليوم الأول للانطلاقة في 14 شباط 2020، المقاومة السياسية لمشاريع الهيمنة على لبنان وعلى رأس هذه المشاريع، المشروع الإيراني الذي رأينا أنّه يستهدف الدستور، ومؤسسات الدولة، والإنسان اللبناني
على خلفية كلّ ذلك، كان ألمنا كبيراً من حظر تأشيرات الدخول على اللبنانيين دولة الامارات. لقد شعرنا، نحن المقاومين السياسيين لكل هذه التجاوزات، والمغامرات، والإرهاصات، من اليمن مروراً بالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين، وكأننا جنود تُركوا لمصيرهم في أرض المعركة. وما اعتدنا على الإمارات العربية المتحدة هذا السلوك.
نعم لبنان دولة محتلة، هذا ما سبقنا الجميع إلى قوله في موقعنا ومقالات كتّابنا. إلا أنّه لا يجوز مساواة المحتلّ بالمُقاتِل. فالخليفة المعتصم العباسي لم يترك امرأة صرخت باسمه “وامعتصماه”، فكيف للإمارات أن تترك أكثرية لبنانية تقاوم باسم العرب، كلّ العرب.
إقرأ أيضاً: كلنا أولاد زايد
من حقّنا، نحن المقاومين في الصفوف الأولى على خطّ النار مع المشروع الايراني، أن نسأل: لماذا تتمّ مساواتنا مع المحتلّ؟ لماذا لا تُقدّر مقاومتنا ليتحوّل الأمر وكأننا نعاقب لأننا قاومنا؟
إنّ موقع “أساس” هو موقع مقاوم، وله حقّ السؤال من موقع التقدير والمحبة والأخوة والمصير الواحد ومونة الأخ على أخيه (كما يُقال باللبناني). لا يجوز تجاهلنا بالطريقة نفسها التي يتمّ بها تجاهل من آذى الإمارات والمملكة العربية السعودية والعراق واليمن والبحرين، وقبل كلّ ذلك من آذى لبنان بداية ونهاية.
* أحمد عبد الله النصيرات:
مستشار أول للأداء الحكومي في مكتب الأمين العام لـ “المجلس التنفيذي لإمارة دبي” منذ 2 نيسان 2019، في الإمارات العربية المتحدة.
وهو المنسق العام لـ”برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز”، ورئيس تحرير “مجلة رسالة التميّز”، ومستشار “جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإدارة العربية” منذ 2001.