كيف رمى رفيق الحريري القلم إلى رمزي نجار؟

مدة القراءة 3 د


استدعى الرئيس رفيق الحريري عام 2000 رجل الإعلام والإعلان رمزي نجّار إلى قصر قريطم.

اجتاز رمزي مدخل القصر، متوجّهاً مباشرة إلى لقاء الرئيس، الذي خاطبه فور رؤيته: “نريد حملة إعلانية للانتخابات النيابية في بيروت بدوائرها الثلاث، وكأنّها تخاض في دائرة واحدة. لقد قسموا بيروت لثلاث دوائر، ونحن نريد أن نَنتَخب فيها، وكأنّها دائرة واحدة”.

واصل الرئيس الشهيد شرحه الظروف السياسية الحاصلة ورؤيته للتحدّيات المطروحة، وماذا يريد من الانتخابات ومعركتها. ثم صمت ونظر مباشرة إلى وجه “رمزي” قائلاً له: “هذا هو الموضوع، كم تحتاج من الوقت لتضع الخطة الإعلامية الترويجية للحملة”. فأجابه رمزي: “اليوم نهار السبت، السبت المقبل أكون هنا ومعي الخطّة”.

استنكر الرئيس الحريري طول المدّة التي حدّدها نجّار، فقال مستغرباً، وهو يحمل بيده قلماً: “دولة الرئيس هذا القلم إذا أردت أن أنقله من أمامي إلى أمام حضرتك (وضع القلم أمام الرئيس الشهيد) أحتاج لوقت محدّد”. نظر إليه الرئيس رفيق الحريري وحمل القلم وقال له: “إذا أردت أن أنقل هذا القلم إليكَ، أحمله وأرميه باتجاهكَ، فيصل في اللحظة نفسها (رمى القلم فالتقطه رمزي ضاحكاً)”.

وواصل الرئيس الحريري كلامه واقفاً: “غداً أنتظركَ لأرى مسودّة الخطّة”، فنظر إليه نجّار قائلاً: “ما قولك بشعار: قولنا والعمل”. فكان الشعار، وكانت الحملة الانتخابية عام 2000.

استنكر الرئيس الحريري طول المدّة التي حدّدها نجّار، فقال مستغرباً، وهو يحمل بيده قلماً: “دولة الرئيس هذا القلم إذا أردت أن أنقله من أمامي إلى أمام حضرتك (وضع القلم أمام الرئيس الشهيد) أحتاج لوقت محدّد”

كان الرئيس رفيق الحريري يحبّ “الرجل اللمّاع”، واللمّاع كما يراه الشهيد هو الرجل القادر على الابتكار والمبادرة والعمل دون الخوف من الأخطاء. هو الرجل الخلّاق للأفكار والحلول، القادر على تجاوز الأزمات عندما يعجز الآخرون عن تجاوزها.

… “رمزي نجار”، كان رجلاً لمّاعاً، فأحبّه رفيق الحريري وأحبّ هو “رفيق”، حتّى وصفه مرّة في لقاء تلفزيوني بالتالي: “الحديث مع الرئيس رفيق الحريري يُنْتِجُ في رأسك مليون فكرة، يحفّزك ويستفزّك حتّى تُبدع”.

إقرأ أيضاً: في ذكرى “الرفيق”.. أحرارٌ نصنع دولتنا

“الكورونا”، كانت السبب الطبّي لموت “رمزي نجار” وفقاً للتقارير الطبية. لكن من قتل “رمزي نجار”، ليست الكورونا، بل جسده الضعيف الذي استسلم لها، بعدما فقد الكثير من الحوافز والمغريات للاستمرار والبقاء.

لقد كان رمزي حزيناً إلى درجة اليأس، كما وصفه قلّة ممن رأوه في الأسابيع الأخيرة. لقد أحدث انفجار مرفأ بيروت في 4 آب إصابة بالغة، ليست في جسده، بل في ذاته الإبداعية: “ما عاد في شي نحكي عنه”، قال رمزي مؤخّراً لطبيب من أصدقائه.

مات “رمزي نجار”، لأنه يؤمن بالتميّز. مات مبدع برنامج “المميّزون”، لأنه أدرك أنّ بيروت فقدت روحها عندما فقدت مرفأها.

مواضيع ذات صلة

تركيا والعرب في سوريا: “مرج دابق” أم “سكّة الحجاز”؟

الأرجح أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يتوقّع أن يستقبله أحمد الشرع في دمشق بعناقٍ يتجاوز البروتوكول، فهو يعرفه جيّداً من قبل أن يكشف…

كنّا نخاف منه وصرنا نخاف عليه

قبل عام 1969 كان العالم العربي والإسلامي يتدافع نحو أخذ صورة مع جمال عبدالناصر، ثمّ بعد العام نفسه صار العرب والمسلمون ومعهم عبدالناصر يتدافعون للوقوف…

دعاية “الحزب” الرّديئة: قصور على الرّمال

لا تكفي الحجج التي يسوقها “الحزب” عن الفارق بين جنوب الليطاني وشماله للتخفيف من آثار انتشار سلاحه على لبنان. سيل الحجج المتدفّق عبر تصريحات نوّاب…

معايير أميركا: ملاك في أوكرانيا.. شيطان في غزّة

تدور حرب ساخنة في كلّ من أوروبا (أوكرانيا)، والشرق الأوسط (غزة – لبنان). “بطل” الحرب الأولى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، و”بطل” الحرب الثانية رئيس الوزراء…