يعيش أكثر من 7 مليارات إنسان حول العالم صراعاً وجودياً مع كوفيد-19، ويتابعون بحذر الأخبار الواردة عن الشركات المطوِّرة للقاحات المضادّة لانتشار جائحة كورونا. ويقف لبنان مثله مثل دول كثيرة نامية على حافة الأمل بالحصول على فتات جرعات تقيه شرّ الموت الجماعي، ويأمل في أن تكون هذه الجرعات “على قدّ بساطه” وقدراته الصحية والمادية، وهو البلد النامي مع وقف التنفيذ، الفقير والمنهوب أيضاً.
حتّى الساعة، تفرّق الصحف الأجنبية بين “لقاح الفقراء” وبين “لقاح الأغنياء”. فكورونا الذي لم يميّز بين طبقات المجتمع المختلفة، يبدو أنّ لقاحه سيفعل ذلك.
تتصدّر اللقاحات الثلاثة: “فايزر – Pfizer “، “موديرنا – Moderna ” و”أكسفورد / أسترازينيكا – Oxford/AstraZeneca” قائمة اللقاحات العالمية لمواجهة كورونا. ويؤكد تقاطع المعلومات المنقولة عن الشركات المعنيّة أنّ لقاح أكسفورد قد يكون رائداً في توفير تغطية اللقاح في البلدان الفقيرة، نسبة لمعايير مرتبطة بسعره، وطرق تخزينه، وفعاليته أيضاً. لاسيما أنّ الشركة المسؤولة عنه AstraZeneca تعهّدت بتقديم 300 مليون جرعة من لقاحها إلى “كوفاكس – COVAX”، المنصة العالمية التي تعمل على ضمان توزيع اللقاحات بشكل عادل إلى 92 دولة نامية في العالم. بينما لم تتعهّد شركتا Moderna وPfizer بتقديم أيّ جرعات لـCOVAX.
حتّى الساعة، تفرّق الصحف الأجنبية بين “لقاح الفقراء” وبين “لقاح الأغنياء”. فكورونا الذي لم يميّز بين طبقات المجتمع المختلفة، يبدو أنّ لقاحه سيفعل ذلك
أين لبنان من هذه المعادلة، وهل سيكتفي بلقاح Oxford؟
رئيس اللجنة التقنية للقاح كورونا والاختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور عبد الرحمن البزري يؤكد أنّ وزارة الصحة اللبنانية أجرت مفاوضات مباشرة مع شركة فايزر، ومفاوضات غير مباشرة من خلال كوفاكس مع مجموعة شركات أخرى منها استرازينيكا – أكسفورد: “فلبنان له مصلحة بتأمين اللقاح بوقت مبكر، ومن مصادر متنوّعة، لأنه بمجرّد الاعتراف باللقاح سيكون هناك ضغط كبير عليه حول العالم، لأنّ كل الدول ستكون بحاجة له بأسرع وقت”.
عوامل عديدة تحدّد عملية تأمين اللقاح للبنان، وتفرض عليه التشبيك مع مصادر مختلفة، برأي البزري: “أوّلها التأكّد من فعالية هذا اللقاح، وسلامته، ومتى يكون متوفّراً، بالإضافة إلى العامل المادي المهمّ للبنان، وملاءمة شروط الشركات لنا”. والأهمّ أنّ لقاح Oxford أرخص، وثمنه يتراوح بين 3 دولارات إلى 4 دولارات للجرعة الواحدة، مقارنةً بـ20 دولاراً لجرعة Pfizer و32 إلى 37 دولاراً للقاح Moderna، بحسب CNN.
ويؤكد البزري في حديثه لـ”أساس” أنّ السعر الجيد أفضل، شريطة أن يكون هناك مقارنة بالفعالية والسلامة. وحتى عامل التخزين هو لصالح أكسفورد كونه مثل اللقاحين الروسي والصيني، يمكن تخزينه في البرّاد: “علماً أنّ الآلية التبريدية لدى لبنان جيدة، ويجري ترميمها اليوم عبر اليونيسيف”.
ويمكن الاحتفاظ بلقاح Oxford / AstraZeneca في درجة حرارة الثلّاجة من 2 إلى 8 درجات مئوية (36 إلى 46 درجة فهرنهايت) لمدة ستة أشهر على الأقل، بحسب CNN. ويجب تخزين لقاح Moderna في 20 درجة مئوية تحت الصفر (-4 فهرنهايت)، أو في درجات حرارة الثلّاجة. ويمكن أن تصل مدة تخزينه إلى 30 يوماً، بينما يجب تخزين لقاحPfizer في 75 درجة مئوية تحت الصفر (-103 فهرنهايت)، ويجب استخدامه في غضون خمسة أيام، إذا تمّ تبريده لمرّة واحدة في درجات حرارة أعلى.
ولذا، فإنّ لقاح أكسفورد برأي البزري وبحسب المعطيات: “مريح للبنان سعراً وتخزيناً، وملائم للإمكانيات المحلية. وإذا أثبت فعاليته سيكون أحد الخيارات التي ستعتمد في لبنان. لكن بالطبع لن يكون الخيار الوحيد، إذ لا يمكننا الاعتماد على شركة واحدة لحسابات مختلفة مرتبطة بشروط تسليم الشركات للجرعات”.
عوامل عديدة تحدّد عملية تأمين اللقاح للبنان، وتفرض عليه التشبيك مع مصادر مختلفة، برأي البزري: “أوّلها التأكّد من فعالية هذا اللقاح، وسلامته، ومتى يكون متوفّراً، بالإضافة إلى العامل المادي المهمّ للبنان، وملاءمة شروط الشركات لنا”
وفيما يخصّ فعالية اللقاحات المتنافسة، فمتوسط الفعالية المعلنة لـ Oxford هو 70%، مقابل 94.5% لـModerna و95% لـPfizer. ويميّز البزري هنا بين فعالية اللقاح الذي يؤدي النتائج المطلوبة منه على أيّ شخص، والآخر الذي يثبت فعاليته وفق دراسة تقوم بها الشركة: “ولذلك لا بدّ من قراءة الدراسات العلمية الصادرة عن الشركات، والتأكّد من الملفات التي وصلت إلى وكالة الدواء الأميركي، وننتظر وصولها إلينا. فحتى الساعة كلّ ما نُشر هو معلومات إعلامية، ومعلومات من الشركات”. وفعالية أكسفورد التي يتحدّث الإعلام عنها تُحتسب بحسب الجرعة، وإن كان سيقدّم نصف فعاليته في الجرعة الأولى، ويصل إلى فعالية 90 % في الجرعة الثانية. هذا سيكون جيداً جداً، ولن يكون هناك فارق كبير بينه وبين فايزر وموديرنا.
كما أنّ الفعالية تختلف بحسب المجموعات التي جُرّب اللقاح عليها. ولذلك كان يقال إنّه كلّما ارتفعت الفعالية فوق 50%، يؤخذ اللقاح في عين الاعتبار. وعندما كانت النتائج الأوّلية مشجّعة، اعتُبر قابلاً للاعتماد والتطوير كلّ لقاح بفعالية تفوق 70%: “واليوم، بعد أن أعلنت معظم الشركات نسبة فعالية 90%، بات هذه النسبة هي السقف الجديد بدل 50%”.
كلّ شيء يتوقّف على حصول الشركات على التصاريح العالمية، وحتى الساعة لا تصاريح، ولبنان ينتظر، لاسيما أنه يعتمد لتمويل اللقاحات على البنك الدولي والأمم المتحدة، وينتظر موافقة منظمة الصحة العالمية على اللقاحات: “نحن في اللجنة الفنية، نعطي رأينا باللقاح، وبجودته، وبالأرضية التي سيعتمد عليها لبنان لاستقباله، والفئات التي يجب أن تحصل عليه قبل غيرها، لنؤمّن عدالة التوزيع، بحسب الأولوية، لأنّ الكميات ستصل بشكل تدريجي وليس دفعة واحدة”.
إقرأ أيضاً: فحص الـ”Antigen”: ميّز الكورونا عن “GRIPPE” بـ50 ألف في 18 دقيقة
ويتوقّع البزري أن تحصل الشركات على التصاريح العالمية بحدود 10 كانون الأوّل الجاري. وتقول الشركات إنّها بحاجة بين 8 إلى 12 أسبوعاً لتسليم الجرعات بعد حصولها على التصريح، ما يعني أنّنا قد نكون على موعد مع وصول لقاح كورونا في الربع الأول من السنة المقبلة، في حال لم تحصل مفاجآت سلبية. ويطمئن اللبنانيين في ختام حديثه لـ”أساس” إلى أنّ “لبنان لن يعتمد إلا اللقاح الذي سيثبت فعاليته، والذي سيكون آمناً وسليماً بغضّ النظر عن مختلف المعايير”.