ثوابت الحريري: لا مواجهة مع الحزب ولا خسارة للتكليف

مدة القراءة 5 د


عبّر الرئيس سعد الحريري أمام بعض المقرّبين منه، بأنّ وصول جو بايدن إلى الرئاسة الأميركية من شأنه أن يسهّل عملية تشكيل الحكومة، وأنّ الشروط المفروضة أميركياً على اللبنانيين حالياً ستزول فور خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض.

رهان الحريري لا يبدو أنّه سيكون ناجحاً، إلا إذا كان يحصره فقط في تشكيله لحكومة يكون حزب الله شريكاً فيها وتُلبّى فيها شروط رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل المتسلّح بتوقيع رئيس الجمهورية.

أيّ حكومة من هذا النوع، لن تلبّي تطلعات المجتمع الدولي للتعاطي الإيجابي مع الأزمة اللبنانية. لا الدول ستكون متحمّسة لتقديم الدعم المالي والاقتصادي، ولا حتّى الوقائع اللبنانية ستقود إلى تفاهم داخلي يشكّل مظلّة لتلك المساعدات، في ظلّ الخلاف الجذري على شروط صندوق النقد الدولي.

يراهن الحريري على بايدن أيضاً، انطلاقاً من حساباته تجاه المملكة العربية السعودية، على قاعدة أنّ المملكة لن تكون متشدّدة أكثر في لبنان بعد خروج ترامب من البيت الأبيض، وستعود تالياً إلى قواعدها في دعم رئيس تيار المستقبل، ولن تعارضه في مسعاه لتشكيل حكومته انطلاقاً من حسابات واقعية، وهي الحفاظ على نفوذها ووجودها ودورها في لبنان طالما أنّه هو على رأس الحكومة.

مصادر عربية تؤكد لـ”أساس” أنّ هذه النظرة خاطئة أيضاً، فلا يمكن للسعودية أن تغضّ النظر عن سياستها، وعما وضعته من سقوف في الملفّ اللبناني، بمعزل عن ساكن البيت الأبيض. وهنا تجدر العودة إلى فترة رئاسة باراك أوباما اللينة تجاه إيران وحزب الله، فيما كانت المملكة متشدّدة جداً. وانعكس تشدّدها على الساحة اللبنانية بجملة إجراءات عقابية ومواقف تصعيدية.

قبل يومين، عُقد اجتماع لرؤساء الحكومة السابقين بغياب الرئيس نجيب ميقاتي الموجود خارج لبنان. خلال اللقاء نصح الرئيسان فؤاد السنيورة وتمام سلام الحريري بأن يعمل على تقديم تشكيلة حكومية مؤلفة من 18 وزيراً، وفق المواصفات التي يراها مناسبة، إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، وبذلك يكون قد رمى المسؤولية على طاولة رئيس الجمهورية، ونجح في تحميله مسؤولية التعطيل لأنّه حتماً سيرفض التوقيع على التشكيلة. قال الحريري إنّه يفكّر في هذه الخطوة، وأنّ خلاصة الرئيسين السابقين محقّة.

يراهن الحريري على بايدن أيضاً، انطلاقاً من حساباته تجاه المملكة العربية السعودية، على قاعدة أنّ المملكة لن تكون متشدّدة أكثر في لبنان بعد خروج ترامب من البيت الأبيض، وستعود تالياً إلى قواعدها في دعم رئيس تيار المستقبل

لكن فيما بعد، أعاد حساباته، ولم يعتزم الإقدام على تلك الخطوة، لأنّه سيكون لها ثلاثة مفاعيل سلبية:

– الأول: سيكون الردّ السريع والبديهي عليه بتفعيل حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب.

– الثاني: ستنكسر الجرّة نهائياً مع رئيس الجمهورية، وحزب الله سيكون محرجاً وستكون أيّ محاولة من قبله لإعادة تشكيل الحكومة مسألة مستحيلة.

– الثالث: هو لا يريد أن يعتذر ويصرّ على الاستمرار بإمساك بورقة التكليف. فإذا قدّم تشكيلة لعون ورفضها، وبما أنّه لا يريد أن يعتذر، سيكون أمام مشكلة أخرى، وهي إعادة المشاورات من البداية للتفاهم على تشكيل الحكومة، ولن يتمكّن من تمرير أيّ تشكيلة لا يوافق عليها عون، وعندها سيكون قد عرّض نفسه للالتزام بكل شروط رئيس الجمهورية سياسياً ومعنوياً.

لا يمكن للسعودية أن تغضّ النظر عن سياستها، وعما وضعته من سقوف في الملفّ اللبناني، بمعزل عن ساكن البيت الأبيض. وهنا تجدر العودة إلى فترة رئاسة باراك أوباما اللينة تجاه إيران وحزب الله، فيما كانت المملكة متشدّدة جداً. وانعكس تشدّدها على الساحة اللبنانية بجملة إجراءات عقابية

لا يمتلك الحريري تصوّراً سياسياً واضحاً حول ما يمكن فعله في المرحلة المقبلة لإخراج تشكيلته الحكومية من عنق الزجاجة. الأكيد أنّ كلّ الرهانات على تغيّر وقائع خارجية ليس مضموناً، لا بل هو يركن إلى وجهة نظر تفيد بأن الولايات المتحدة الأميركية في عهد جو بايدن ستذهب باتجاه نسج تفاهمات جديدة مع إيران، أو تخفيف حدّة التصعيد والضغوط بالحدّ الأدنى، وسيكون حزب الله في موقع أقوى، وهو لا يريد مواجهة الحزب ولا خسارة ورقة التكليف مع عدم امتلاك ورقة الأكثرية النيابية.

إقرأ أيضاً: الرسالة الأميركية للرئيس المُكلّف: إيّاك و”بربارة” الحزب

كلّ ذلك لن يؤدّي إلى تغيير الموقف السعودي إزاء الملف اللبناني. النظرة السعودية ثابتة وواضحة، وقد وضع سقفها الملك سلمان في خطابه أمام الأمم المتحدة، بأن حزب الله منظمة إرهابية ولا مجال إلا بنزع سلاحه. عدا ذلك لن تكون المملكة خاسرة في لبنان. إنما لبنان هو الخاسر لأنه لن يحصل على أيّ دعم أو مساعدة، حتى لو تغيّرت مواقف كلّ الدول.

تعتبر السعودية أنّ الحريري يراهن في خياراته بشكل كامل على مبادرة الرئيس الفرنسي، التي من الواضح أنّها فشلت وأُفرغت من مضمونها. وحتّى لو نجحت المبادرة، فإن أقصى ما يمكن تقديمه من قبل الفرنسيين هو حوالى مليار دولار لأهداف إنسانية تتعلّق بتمديد أجل القدرة على دعم المواد والسلع الأساسية، ما يعني عدم انعكاس هذه المساعدات على الوضع الاقتصادي. وأيّ مساعدات اقتصادية لا يمكن لأيّ طرف أن يقدّمها للبنان إلا السعودية ودول الخليج، وهذا لن يتوفّر بدون توافر الشروط السياسية السعودية. 

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…