“إنقاذ العالم”، الذي كان دائماً “أميركياً” على طريقة أفلام هوليوود، سيكون لبنانياً هذه المرّة. فبعدما كان “أساس” أوّل من أعلن أمس عن ريادة لبنانية– أرمنية، من خلال شخصية رئيس مجلس إدارة شركة “موديرنا” نوبار أفيان، ها هو دمياني اسم جديد، يتولّى منصب “الرئيس التنفيذي للتميّز الرقمي والتشغيلي” في الشركة.
ابن مدينة طرابلس، المنكوبة والمحرومة، والأكثر فقراً على شاطىء البحر الأبيض المتوسّط، مجتهد وعصامي، تدرّج في أعرق الجامعات وتولّى مناصب إدارية وعلمية رفيعة في أكثر من دولة، وسيكون له بصمة في أعظم اكتشافات البشرية خلال القرن الواحد والعشرين.
في طرابلس سنجد آل دمياني، الموزّعين بين الزاهرية والميناء، وبين القبّة والنوري، وهم من أعرق العائلات الأرثوذكسية في المدينة.
وبعد محاولات للتواصل مع دميان أجاب على رسالة استفسار، عرضنا من خلالها مسودة مقالنا بما تضمنه من المعلومات الأوّلية التي انتشرت في الإعلام اللبناني. وكان الردّ مرحّباً، متواضعاً، أصيلاً، “طرابلسياً” لم يغيّره الوقت ولا المسافة، ولا الإنجاز.
ابن مدينة طرابلس، المنكوبة والمحرومة، والأكثر فقراً على شاطىء البحر الأبيض المتوسّط، مجتهد وعصامي، تدرّج في أعرق الجامعات وتولّى مناصب إدارية وعلمية رفيعة في أكثر من دولة، وسيكون له بصمة في أعظم اكتشافات البشرية خلال القرن الواحد والعشرين
يقول مارسيلو دمياني لـ “أساس”: “تشرّفت بمقابلتك على وجه التحديد، لأنك واحدة من أقراني في طرابلس!”، ويضيف: “على الرغم من أنّ قراءتي للغة العربية ليست سلسة كما كانت سابقاً، أؤكد أنّ جميع المعلومات التي جمعتموها عني تبدو دقيقة”، معلّقاً على مسودة المقال.
ويوضح: “بالفعل هاجرت من لبنان في العام 1988، لألتحق بدراستي الجامعية في فرنسا”، حيث تابع ماجستير في هندسة نظم المعلومات في جامعة تولوز.
هو يفضّل أن يبقى في الكواليس (Low Profile). يعمل في الخفاء بمثابرة لا تترك مجالاً للعلن والإعلانات. لا وقت لديه. يفعل كثيراً ويتكلّم قليلاً. الكلام للفعل لا للدعاية. هذا ما يشي به حسابه المهجور على “تويتر” ومقابلاته القليلة جداً التي تشكّل نوعاً من “السكوب” الصحافي لمن استطاع إلى لقائه سبيلاً.
يقول مارسيلو دمياني لـ “أساس”: “تشرّفت بمقابلتك على وجه التحديد، لأنك واحدة من أقراني في طرابلس!”، ويضيف: “على الرغم من أنّ قراءتي للغة العربية ليست سلسة كما كانت سابقاً، أؤكد أنّ جميع المعلومات التي جمعتموها عني تبدو دقيقة”
وقد أكّد لـ “أساس” أنّه تولّى منصب الرئيس التنفيذي للتميّز الرقمي والتشغيلي في الشركة منذ انضمامه إليه في العام 2015. قبل ذلك، أي بين عامي 2009 و2015. كان لا يزال مستقرّاً في فرنسا، حيث شغل مناصب عليا في شركة “بيو ميريو” الفرنسية العالمية، أهمّها منصب النائب الأوّل للرئيس.
وعلاوة على الماجستير في هندسة نظم المعلومات، أكمل دمياني برنامج ماجستير إدارة الأعمال التنفيذية الدولية من خلال TRIU، التحالف الذي يضمّ كليّة لندن للاقتصاد، وكلية نيويورك ستيرن للأعمال، وكلية HEC Paris للإدارة، وهي من المدارس العليا التي خرّجت العديد من صنّاع القرار في فرنسا.
وبحسب تقييم “فوربس”، فإنّه “يتمتع بخبرة واسعة في الأعمال التجارية الدولية”. وهو يذكر في صفحته على موقع LinkedIn عن نقاط قوته المهنية أنّه “قائد رؤيوي تغييري، شغوف وحيوي للغاية، يحقّق باستمرار ما يفوق التوقّعات ويستثمره بشكل روتيني في: أدوار التحوّل، والبناء، مع مزيج غير عادي من العلاقات، والمعرفة التكنولوجية، والصرامة العملية والفطنة التجارية”. ويحدّد اختصاصاته بـ “القيادة والاتصال”.
كان مارسلو دمياني قد كشف في شهر أيلول الفائت، خلال مقابلة على موقع مؤسسة SME، أنّ أحد أهم ميزات شركة “موديرنا” التي تساعد على تطوير اللقاحات هي أنّها أوّل شركة تكنولوجيا حيوية “نشأت في السحابة” ((cloud-based، وتعتمد على خدمات موقع Amazon للتكامل السلس عبر أعمالها والبحث والتطوير وعمليات التصنيع والجهود التجارية المستقبلية.
وقال مارسيلو دامياني: “قرّرنا منذ البداية أن نبني من الألف إلى الياء تكنولوجيا حيوية رقمية”، وأضاف: “نتأكد من أنّ الشركة تتمحور حول البيانات، وأنّه يمكننا الحصول على رؤى من قاعدة البيانات هذه لمساعدتنا على تحسين الجودة والكفاءة وتسريع تعلمنا”، قائلاً: إنّ”الكأس المقدسة لكلّ هذا هي التحليلات التنبؤية والتعلّم الآلي”.
إقرأ أيضاً: أرمني لبناني يتفوق على “فايزر”.. “مودرنا” تحقق 94.5 % في لقاحٍ لكورونا
أخيراّ، من نافل القول إنّ بطولة دامياني الأولى هي خطوته الأولى خارج منابر الطموح اللبنانية. فكبير مسؤولي التميز الرقمي والتشغيلي في “موديرنا” يضيف الكثير إلى سردية “المهاجر العبقري” وترحيب أميركا وأوروبا ودول القانون والإنسان وتقديرها الكفاءات اللبنانية.
وفي هذا الصدد، وعن رغبته بالعودة الى لبنان والروابط بأرضه الأم، يختم: “آمل أن أزور لبنان بمجرّد تلقينا اللقاح”.
تتركنا هذه الأخبار في مزيج من الفخر والمرارة، بنسخة خاصة ومكثفة في طرابلس. لأنّ دامياني هو نقطة أخرى وليست أخيرة في بحر الأدمغة الطرابلسية، الذين يلمعون خارج طرابلس، مدينتهم التي تشاكس صورها المنمّطة البشعة والتهم الإرهابية، إلى حيث تفخر بهم مدينتهم، كأنّها تجد عزاءها الوحيد في من أنقذوا أنفسهم، وأسرهم، وشركاتهم، وبلادهم… جديدهم: إنقاذ العالم.