يتقاذف الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، ومعه النائب جبران باسيل، “كرة” تعطيل تأليف الحكومة. وبانتظار صفارة حكم إعلان نهاية “الماتش الكبير” بين الأميركيين وحزب الله، على “الملعب” اللبناني، يذهب الحريري نحو المزيد من التشدّد في شروطه: لا إعتذار ولا تنازل عن التكليف… إلى ما شاء التأليف.
في أحد اللقاءات التي جمعت عون والحريري في بعبدا فاتح الأخير رئيس الجمهورية بما لن يسمح أن يحصل داخل حكومته قائلاً له إنّه يتفهّم “عدم تسمية تكتل جبران باسيل له خلال استشارات التكليف، لكن ما لا يستطيع أن يفهمه أو يقبل به أن يعمد الفريق الذي رفض وجوده على رأس الحكومة إلى الاستيلاء على الثلث المعطّل داخل الحكومة. فهل أمنح هذا الفريق ورقة تطيير حكومتي وإسقاطي في أيّ لحظة؟”.
من هذا المنطلق تحديداً سعى الحريري ولا يزال لإبعاد تحكّم فريق رئيس الجمهورية وباسيل بمصير حكومته، رافضاً أن يكون لرئيس الجمهورية وحده حقّ تسمية الوزراء المسيحيين (ومن خلفه باسيل)، وعبر التمسّك بصيغة الـ18 وزيراً بعد تقديم تنازل بالتخلي عن صيغة الـ14.
بانتظار صفارة حكم إعلان نهاية “الماتش الكبير” بين الأميركيين وحزب الله، على “الملعب” اللبناني، يذهب الحريري نحو المزيد من التشدّد في شروطه: لا إعتذار ولا تنازل عن التكليف… إلى ما شاء التأليف
تقول مصادر الحريري في هذا السياق: “لا نسمع إلا من باسيل والعونيين فقط بأنّ حركة أمل وحزب الله ووليد جنبلاط يريدون أن يسمّوا وزراءهم في الحكومة، فيما الواقع هو غير ذلك، بغية التحجّج فقط ببقاء ورقة تسمية الوزراء المسيحيين بيدّ عون وباسيل من دون نقاش حتّى مع الرئيس المكلّف”.
لكنّ اتّهام العونيين للحريري بـ”السلبطة” على الفريق المسيحي داخل الحكومة لا يتوقف عند هذا الحدّ. ففي أروقة التيار الوطني الحرّ حديث عن ترتيب الحريري بقاء المالية بيدّ الطرف الشيعي كي لا توصل المداورة الشاملة حقيبة المالية إلى يدّ رئيس الجمهورية!
إقرأ أيضاً: ماكرون الذي فضّل مصطفى أديب على الحريري: لم أستسلم بعد!
وفق المعلومات، فإنّ ميشال عون كان يروّج في البداية في دائرته الضيّقة لاسم شخصية مسيحية “كفوءة وذات خبرة” لتولّي وزارة المال، لكنّه فوجئ كما باسيل بالتشدّد ببقاء حقيبة المال مع الطرف الشيعي واعتبارها من ضمن “مخصّصات” الطائفة. وهو واقع يؤكد عون في مجالسه الخاصة رفضه له واعتباره “بمثابة إنقلاب على الطائف والعهد وعلى عون شخصياً بمؤازرة من حزب الله”. وقد يفسّر ذلك تمسّك عون اليوم بحقيبة الداخلية مؤكداً أنّها “باتت خارج النقاش”.
ويبدو أن الحريري قد استفاد من “دروس” الحكومات السابقة. إذ تؤكّد مصادره أنّ “التيار الوطني الحرّ الذي يلوم الحريرية السياسية ويتهمها بارتكابات في السلطة يريد أن يغضّ النظر عن واقع أنه بعد العام 2005 هناك من لم يَسمح للحريري وفريقه بأن يشارك في الحكومة إلا من ضمن حكومات وحدة وطنية، وحين كان “تيار المستقبل” خارجاً عمد هذا الفريق إلى تشكيل حكومات أكثرية. حصل هذا الأمر في حكومة نجيب ميقاتي ومن ثم في حكومة حسان دياب. وهذان الخياران مرفوضان تماماً عند الحريري. وقد شكّلا مساراً من التعطيل الدائم حين كان الحريري في السلطة وخارجها. وبالتالي فالرئيس المكلّف لن يقبل بحكومة وحدة وطنية مموّهة بوزراء إختصاصيين ولن يؤلّف حكومة أكثرية بوجه أحد… ولن يعتذر”.