ساعات تفصل البيت الأبيض عن استقبال رئيسه الجديد أو المجدّد له، فتقترب الانتخابات الرئاسية الأميركية من لحظة الحسم بين الرئيس الحالي مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، وبين مرشح الحزب الديمقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن.
وعلى وقع المنافسة الحامية، تشتعل مشاعر مليونين و850 ألف أميركي من أصول لبنانية، ينقسمون بين جمهوريين وديمقراطيين، ويمارسون حقهم بالتصويت بحماسةٍ قلّ أن مارسوها في بلدهم الأم، ما يجعل منهم جزءاً لا يتجزأ من الاستحقاق الأميركي الأكبر.
موقع “أساس” جال افتراضياً على خيارات بعض اللبنانيين الأميركيين، لمعرفة آرائهم بالانتخابات الرئاسية في البلد الذي لجأوا إليه هرباً من أزمات لبنان، وأسباب اختياراتهم الانتخابية، وما إن كانت مرتبطة بما يحصل في لبنان أم منفصلة عنه ومرتبطة باعتبارات أخرى.
رئيس جمعية الجالية اللبنانية في كاليفورنيا، إيلي حدشيتي، ابن حمانا ويستقرّ في كاليفورنيا منذ 15 سنة، ينظر للانتخابات الرئاسية الأميركية من منظور معيشي اقتصادي تربوي وصحي على الرغم من عدائه لإسرائيل: “فنحن نعيش في أميركا ببحبوحة، واقتصاد أكثر من جيد، والأشغال ممتازة، على عكس العهد السابق، إذ كنا ننتظر فترة طويلة تصل لأربعة أشهر لنحصل على عقد عمل أو وظيفة. وارتفعت فرص العمل في عهد ترامب وانخفضت نسبة البطالة حتى تكاد تختفي اليوم، على الرغم من وباء كورونا”.
على وقع المنافسة الحامية، تشتعل مشاعر مليونين و850 ألف أميركي من أصول لبنانية، ينقسمون بين جمهوريين وديمقراطيين، ويمارسون حقهم بالتصويت بحماسةٍ قلّ أن مارسوها في بلدهم الأم، ما يجعل منهم جزءاً لا يتجزأ من الاستحقاق الأميركي الأكبر
ويتحدّث حدشيتي لـ”أساس” عن الجالية اللبنانية في كاليفورنيا، التي تضمّ أكبر جالية لبنانية في الولايات المتحدة بعد نيويورك، ويصل عدد أفرادها إلى 60 ألف لبناني تقريباً، تتنوّع خياراتهم بين جمهوريين وديمقراطيين، معظمهم (60 إلى 65 في المئة) صوّتوا لترامب، وأبرز الموالين لترامب من اللبنانيين هم من الأرمن، عقب الأحداث الأخيرة في أرمينيا وأذربيجان. أما من الموالين لبايدن فهم عدد كبير من شيعة لبنان، والحزب القومي، لأنّهم يعتبرون ترامب حليفاً للعدو الإسرائيلي، والسُنّة لأسباب عقائدية.
ولأسبابٍ سياسية مرتبطة بكلّ ما يحصل في لبنان، انتخب ترامب سامر نعوم (ابن مزيارة – قضاء زغرتا، من سكان واشنطن حالياً)، فهو يرى أنّ وضع لبنان اليوم يحتاج لشخص مثل ترامب، وما يفعله الرئيس دونالد ترامب في سياسته الخارجية “عين الصواب ولمصلحة لبنان واللبنانيين” كونه يضع حدّاً لـ”التمدّد الإيراني في المنطقة”. ولسامر أسباب أخرى أثّرت في اختياره أيضاً، وهي أنّ “ترامب صريح جداً، وهو رجل أعمال ولم يأتِ إلى البيت الأبيض بخلفية سياسية، بل بخلفية رجل الأعمال الذي جعل من اقتصاد أميركا الأقوى في تاريخ الولايات المتحدة ما قبل كورونا”. وينقل سامر لـ”أساس” حالة الحماسة الجماعية التي يعيشها اللبنانيون الأميركيون في واشنطن. ويؤكد أنّ “معظمهم صوّتوا لترامب، ما عدا قلّة قليلة لا ينتمون لفكر 14 آذار، أو لم يعيشوا في لبنان، فلا يستطيعون الربط بشكل صحيح بين سياسة ترامب الخارجية وما يحصل في لبنان، وهؤلاء يتمتعون بعقل ليبرالي على الأغلب”.
[VIDEO1]
يتفق هنري بركات (ابن البترون، سكان نيويورك) مع سامر بالتصويت لترامب، ويختلف معه بتحديد الأسباب التي دفعته لاختياره. فلا يؤثر لبنان في خيارات هنري في الولايات المتحدة ويعتبر نفسه “قومياً أميركياً ويؤمن بأميركا أولاً”. وهو صوّت لترامب كونه الوحيد الذي يترشّح على منصة أميركية تقليدية “يدعم القيم الأميركية، ويدافع عن حرية التعبير، ويدعم أمن المجتمع. وقد خلقت سياساته أعظم اقتصاد في تاريخ العالم. وعلى الرغم مما تقوله الأخبار المزيّفة، فقد ساعد الأقليات أكثر من أيّ رئيس آخر”. أما جو بايدن وشركاؤه برأي هنري بركات فهم “مجرمون متعطّشون للسلطة، ويريدون تنفيذ سياسات اشتراكية كارثية ستعيدنا إلى العصر الحجري”.
غسان منيب جردي، الأصل من الشويفات ويعيش في لوس أنجلس منذ أكثر من 40 عاماً، ديمقراطي الهوى، وصوّت لجو بايدن ضدّ ترامب، ويعدّد في حديثه لـ”أساس” الأسباب التي دفعته لاختيار بايدن، وأولها أنّ ترامب “احتقر الدول العربية، واحتقر فلسطين والشعب الفلسطيني، وجعل القدس عاصمة اسرائيل. وهو ملياردير من العرق الأبيض عنده تمييز عنصري، ولا يحترم العرب أو غير الأميركيين”. ومن ناحية ثانية، لجردي سبب آخر شخصي دفعه لاختيار بايدن، وهو أنّه من لحظة استلام ترامب توقّف تأمينه الصحي لمدّة سنة “واستمرّوا بالخصم من راتبي التقاعدي 140 دولار شهرياً، قبل أن تفلح اعتراضاتي، ويعود التأمين مجاناً بعد سنة”.
لكن ماذا عن شيعة أميركا، وموقعهم في الانتخابات الرئاسية التي يعتبرها حزب الله مصيرية لجهة فكّ الحصار الاقتصادي عن إيران في حال خسارة ترامب؟
يتردّد حسن ابن الجنوب قبل الحديث عن خياراته الانتخابية في أميركا، ويكتفي بالكشف عن صوته الذي منحه لبايدن ضدّ ترامب، ويرفض في المقابل الكشف عن هويته، والغوص بالتفاصيل وينهي الحديث ممازحاً: “أنا مع حسن بايدن”.
معظم اللبنانيين صوّتوا لترامب، ما عدا قلّة قليلة لا ينتمون لفكر 14 آذار، أو لم يعيشوا في لبنان، فلا يستطيعون الربط بشكل صحيح بين سياسة ترامب الخارجية وما يحصل في لبنان، وهؤلاء يتمتعون بعقل ليبرالي على الأغلب
ويفصِح المدير التنفيذي لـ”منظمة التحالف الإسلامي الأميركي AMC” محمد الحاج حسن (ابن شمسطار – ويقيم حالياً في ولاية ميشيغن الأميركية) عمّا أخفاه حسن، ويؤكد إنّ جزءاً كبيراً من الشيعة (بعكس أغلب اللبنانيين على مستوى أميركا) ذهبوا باتجاه تأييد بايدن لأسباب تتعلّق بولائهم الحزبي المرتبط بحزب الله وإيران: “وإن كانوا يخفون ذلك خوفاً من سيف القانون الذي يحظر دعم أيّ منظمة إرهابية وفق ما صنّفته الإدارة الأميركية”، ويلفت إلى وجود صفحات إعلامية ومنابر صحفية عربية ومنصات إلكترونية ومراكز دينية تجهد في ميشيغن لاستمالة دعم بايدن دون التفكير بمصلحة بيئتهم وأبنائهم “بعضها مدعوم بشكل مباشر من حزب الله وحركة أمل، ناهيك عن التحريض والتهديد والتهويل على من يؤيد ترامب، وكأنّهم في الضاحية الجنوبية بدل الاكتفاء بممارسة دورهم المواطني”.
[VIDEO2]
ويكشف الحاج حسن عن تصويته لترامب، ويعبّر في حديثه لـ”أساس” عن ارتياحه لهذا الاختيار ودعم ترامب “لأننا نعاني من مشكلة التطرّف والإسلام الراديكالي العنفي الذي لا يتلاءم مع الإسلام الحقيقي، ويشكّل خطراً على واقعنا ومستقبلنا” بالإضافة أنّ ترامب كان “أكثر القادة شجاعةً في إعلان الحرب على التطرّف، وعزّز الاقتصاد الأميركي، وحجّم الجماعات الموالية لإيران والإخوان المسلمين، وأراد أن تكون أميركا أقوى ومالها للأميركيين”، برأي الحاج حسن. وعلى مستوى لبنان “فترامب الأفضل أيضاً لأنه سيدعم بقوة آمال اللبنانيين، ولن يسمح بعودة منظومة الفساد كما كانت”.
إقرأ أيضاً: الأميركيون يختارون اليوم: 8 نقاط خلاف داخلية بين ترامب وبايدن
[PHOTO]