إلى جورج بكاسيني وجوقة الشتّامين

مدة القراءة 4 د


يستسهل بعض المشرفين على ما تبقّى من إعلام الرئيس سعد الحريري، اتّهام زملاء لهم في المهنة، بأنّهم مأجورون أو “يستعين بهم” ناشر موقع “أساس” لتمرير أفكاره. وفي هذه التهمة، يدين الكاتب نفسه. إذ كاد المريب أن يقول: “خذوني”.

فالذين جنّدهم “الويب” الباقي من إعلام “المستقبل”، لشتم موقع “أساس”، هم شلّة من المغمورين، حسَباً إعلامياً ونسَباً سياسياً، ما عدا الزميل عبد السلام موسى، الذي كانت مقالته الوحيدة التي طرحت نقاشاً، ولو أنّها وجّهت اتهاماً غريباً.

هؤلاء المغمورون جمّعوا في ليلة ليلاء، وأُعطوا إشارة الهجوم، من دون أيّ فكرة سياسية، أو موهبة كتابية.

الغريب أنّ قائد سرايا الهجوم على “أساس” هو “بطل” إقفال جريدة “المستقبل” وتشريد موظفيها وكتّابها، وأكل حقوقهم. وهذا مثبتٌ في القضاء اللبناني وفي أوساط مئات المصروفين.

الذين جنّدهم “الويب” الباقي من إعلام “المستقبل”، لشتم موقع “أساس”، هم شلّة من المغمورين، حسَباً إعلامياً ونسَباً سياسياً

الطريف أنّ فشل هذا القائد في إدارة الجريدة، أهّله ليكون المسؤول عن إطلاق “المستقبل ويب”. وهو موقع مغمور، بات عمره سنتين، ولم يحرز حتّى اليوم أيّ نجاح يُذكر. وهذا ما جعل النقاش مطروحاً حول إقفاله في الفترة الأخيرة.

الفاشل نفسه، من الجريدة، إلى الموقع، يهاجم “أساس” الذي يضمّ أكثر من ثلاثين من نخبة الكتّاب في لبنان، من مختلف المناطق والانتماءات والمواهب، بعضهم تزيد خبرته الإعلامية عن 50 عاماً، وأصغرهم عمراً وأحدثهم تجربةً، لا تقلّ خبرته عن 10 سنوات، قبل “أساس” وقبل نجومية ناشره.

هو موقع استطاع أن يجمع ثلاثين قلماً، حول فكرة “الدستور والشعب والأرض”، كأسس ينبغي حمايتها والدفاع عنها وصونها. كثيرون من اللبنانيين، مؤثّرين ومواطنين عاديين، باتوا يرون في “أساس” مختبراً للأفكار، ومصدراً للمعلومات، وزاويةً لاستطلاع آراءٍ متنوّعة، وإن كانت خلافية.

يأتي اليوم أحدهم ليتّهم كلّ هؤلاء بأنّهم مزايدون ومرتزقة وسرايا المزايدة، في تشبيه بـ”سرايا المقاومة”. ويذهب إلى اتهام “أساس” بأنّ كتّابه مأجورون، وأنّ ناشر الموقع “يستعين بهم” لتمرير أفكاره. وفي هذا إهانة كبيرة لكلّ هؤلاء الكتّاب.

جورج يشتم، ويساعده شتّامون، يفتقدون للموهبة، ويتناول من يشتمهم في حياتهم الشخصية، دون أيّ اعتبار لـ”الخبز والملح” معهم. وجورج يستسهل تقعير النقاش، من سياسي، إلى شخصي، تارة بتهمة “عدم الوفاء” وتارةً بتهمة “المزايدة”، في معرض عجزه عن الخوض في فكرة واحدة يمكن مناقشتها بغير تشهير.

ننتظر من إعلام الرئيس الحريري، وعلى رأسه الزميل حسين الوجه، أن نرتقي سويّاً بالنقاش، ليكون سياسياً، بعيداً عن “الشخصي” وبعيداً عن إهانة الزملاء. فـ”لسانُكَ لا تذكر به عورة امرئ… فكُلُكَ عوراتٌ وللناسِ ألسنُ”.

ثمّة تهمٌ تخصّص بها أزلام المخابرات. تهم التخوين و”العمالة”، و”مأجور” و”بترودولار”.

يتذكر الزميل محمد بركات أستاذه الدكتور أحمد زين الدين، رحمه الله، في كلية الإعلام. الذي بدأ المحاضرة الأولى في مادة “التحرير الصحافي” بالسنة الثانية، في العام 2002، بجملة لا ينساها: “الصحافة مهنة، وليست رسالة”.

جورج يشتم، ويساعده شتّامون، يفتقدون للموهبة، ويتناول من يشتمهم في حياتهم الشخصية، دون أيّ اعتبار لـ”الخبز والملح” معهم. وجورج يستسهل تقعير النقاش، من سياسي، إلى شخصي، تارة بتهمة “عدم الوفاء” وتارةً بتهمة “المزايدة”، في معرض عجزه عن الخوض في فكرة واحدة يمكن مناقشتها بغير تشهير

والصحافيون ليسوا رُسُلَ محبّة، بل هم، خصوصاً في هذه المنطقة من العالم، يكافحون للتوفيق بين رأيهم السياسي، وبين حريّتهم الكتابية، وتحمّل نفقات “الحريّة”. جورج واحد منهم، وكلّ صحافي في هذه المهنة يعمل من أجل كسب قوت يومه. لكن في الوقت نفسه يحاول الحفاظ على احترامه لنفسه. فلا يحقّ لجورج ولا لغيره أن يهينَ زملاءه.

“لا يملك الإنسانُ إلا أن يهينَ نفسَهُ”، لأنّ الإهانة لا تقع على المشتوم، بقدر ما تعلق بلسان الشاتم وبسيرته.

“استعانته ببعض الكتَبة”؟

هذه ليست جملة تُكتبُ في موقع يتظلّل بطيف الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو أكثر من عانى من ظلم الشتائم والصحافيين الشتّامين.

“أساس” موقع زميل يا جورج. فلنرتقِ بالنقاش.

إقرأ أيضاً: عذراً “أبو صالح” نحن في “أساس” لن نلتزم

مواضيع ذات صلة

مع وليد جنبلاط في يوم الحرّيّة

عند كلّ مفترق من ذاكرتنا الوطنية العميقة يقف وليد جنبلاط. نذكره كما العاصفة التي هبّت في قريطم، وهو الشجاع المقدام الذي حمل بين يديه دم…

طفل سورية الخارج من الكهف

“هذي البلاد شقّة مفروشة يملكها شخص يسمّى عنترة  يسكر طوال الليل عند بابها ويجمع الإيجار من سكّانها ويطلب الزواج من نسوانها ويطلق النار على الأشجار…

سوريا: أحمد الشّرع.. أو الفوضى؟

قبل 36 عاماً قال الموفد الأميركي ريتشارد مورفي للقادة المسيحيين: “مخايل الضاهر أو الفوضى”؟ أي إمّا القبول بمخايل الضاهر رئيساً للجمهورية وإمّا الغرق في الفوضى،…

السّوداني يراسل إيران عبر السعودية

 لم يتأخّر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ومعه قادة القوى السياسية في قراءة الرسائل المترتّبة على المتغيّرات التي حصلت على الساحة السورية وهروب رئيس…