الشيخ الفري لـ”أساس”: حقوق السنّة مهدورة في كلّ مكان

مدة القراءة 6 د


“أدعو مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى أن يعتصم في الصرح البطريركي مع البطريرك بشارة الراعي حتّى تشكيل الحكومة أو يلغى لبنان”. إلى هذه الدرجة يبدو الشيخ رامي الفري، مدير “المركز الإسلامي” في طرابلس، غاضباً من التأخير في تشكيل الحكومة ومن أنّ “أبناء الطائفة السنّية مهدورة حقوقهم في التوظيفات، في السجون، في التوقيفات (الأمنية والقضائية) وفي التعاطي”.

وتوجّه الشيخ عبر “أساس” مخاطباً المفتي دريان: “أين أنتَ من ذلك؟ أين دار الفتوى؟ أين المفتي حسن خالد من هذه المواقف؟ فالتاريخ يعيد نفسه. إن كنت تخاف على نفسك، فالمفتي حسن خالد استشهد”.

يقول الشيخ بحسرة إنّ “المناصب في لبنان هي مناصب سياسية وليست دينية. وليس المسؤول اليوم هو أتقى الناس ولا أفضل الناس، لكن قدّر الله أن يصل سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان إلى سُدة الافتاء، ونحن نقدّر له بعض مواقفه، والكثير الكثير من أعماله، لكن دار الفتوى غائبة”. ويسأل الشيخ الفري: “ماذا يعني أن ينتظر الرئيس حسان دياب شهراً ونصف الشهر لكي يحظى باستقبال المفتي. ومن ثَمّ يتصل أكثر من مرتين أو ثلاثة مصطفى أديب للتواصل مع سماحة المفتي لتهنئته؟ وفجأة عند صدور تكليف الرئيس سعد الحريري يكون مفتي الجمهورية عنده في الدار، ما المبرّر لذلك؟ ماذا يعني أنّ هنالك مسلمين موقوفين في طرابلس وغيرها دون اتهام لهم. لستُ أقول ذلك لأثير قضية معيّنة، لكن أقول بكل وضوح  إنّ مفتي الجمهورية هو المؤتمن على مسلمي لبنان، وهو مؤتمن على سُنّة لبنان”.

أبناء الطائفة السنّية مهدورة حقوقهم في التوظيفات، في السجون، في التوقيفات (الأمنية والقضائية) وفي التعاطي

الشيخ الفري طالب السياسيين بالتحلّي بالصدق: “عندما ذكرت الموقف الخاص والدقيق الذي صرّح به النائب نهاد المشنوق في حواره التلفزيوني الأخير، جاء ذلك بسبب أننا وجدنا رجلاً صادقاً يقول كلاماً صادقاً. نحن بحاجة للصدق عندما نتعاطى مع الفريق الآخر حتّى نصل إلى نتيجة. مثلاً عندما طرح موضوع وفيق صفا قال: أنا مضطر أن ألتقي به، لذلك اجتمعت به علناً في مكتبي، وليس تحت الطاولة. هذا الكلام كان وقعه جميلاً جداً علماً أنّنا كنّا قد انتقدنا الوزير المشنوق. لكن عندما قال كلمة الحق، نقول له “عافاك عافاك”. نحن معك، هو أو غيره. نحن مع أيّ انسان يقول كلمة الحق بلا استثناء”.

برأي الشيخ الفري أنّ طرابلس مستهدفة دوماً: “أبناء المدينة يتحمّلون كامل المسؤولية لأنهم وضعوا ثقتهم في أشخاص ليسوا أهلاً للثقة. قلتها منذ سنوات، إنّ مشكلة طرابلس هي أنّها مضيافة. استضافت كلّ الناس ووضعتهم في قلب المدينة”.

ثم يسأل: “أين التوظيفات التي تحقّ لمدينة طرابلس. يجب على أبناء طرابلس أن يقاطعوا كلّ مؤسسات الدولة حتى يتوظّف أبناؤهم. أين قضاة الشرع في طرابلس؟ يحقّ لنا في طرابلس بـ7 أو 8، واليوم يوجد قاضيان فقط. المناصب الكبرى في لبنان كذلك الأمر. مفتي الجمهورية من بيروت. رئيس المحاكم الشرعية من المفترض أين يكون من الشمال. أين حقوق هذه المدينة التي هي عاصمة السًنّة والخزّان السني؟”.

الشيخ الفري طالب السياسيين بالتحلّي بالصدق: “عندما ذكرت الموقف الخاص والدقيق الذي صرّح به النائب نهاد المشنوق في حواره التلفزيوني الأخير، جاء ذلك بسبب أننا وجدنا رجلاً صادقاً يقول كلاماً صادقاً

يعود الشيخ إلى الانتخابات: “عندما أتت الانتخابات صوّتوا مجدّداً للأشخاص أنفسهم، والمشهد الذي رأيناه في طرابلس عند تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة كان حزيناً جداً: أن ينفق أبناء المدينة آلاف الدولارات على الرصاص الطائش في الهواء ابتهاجاً بعودة سعد الحريري للحكم، فهذا يدلّ إلى وجود مشكلة ومرض عند الناس لا يسعني أن أصفه. المطلوب من القيادات السياسية والجمعيات الأهلية في مدينة طرابلس التوحّد ولمّ الشمل، فهذا أمر ضروري. لا يمكن أن نستمرّ دون أن نتّحد وأن ننسى الخارج لمدّة شهرين. علماً أنّ السياسيين المتخاصمين يتفقون ويتوافقون قبل الانتخابات لتأمين مصالحهم الشخصية، وعند مصالح الوطن لا يتفقون. وهم لا يتفقون على وضع رجل قوي في منصبه. هؤلاء السياسيون لا يريدون أبداً أيّ رجل قوي. يريدون أن يضعفوا الطائفة السنية كي يكون أبناء الطائفة أتباعاً لهم”.

وعن الإحباط الذي يلفّ الشارع السُنّي في لبنان، يرى الشيخ الفري أنّه ليس بجديد، بل هو امتداد للإحباط الموجود في الشارع السُنّي في العالم بأسره: “منذ سقوط الخلافة الإسلامية قبل مئة عام تقريباً، ونحن نتخبّط بحثاً عن خلافة أخرى، وننسى أنّ سيّد الخلق محمد (ص) أسّس دولة بعد أن أسس مجتمعاً إسلامياً. والمشكلة اليوم أنّ الجميع يريد أن يؤسّس دولة قبل أن يبني مجتمعاً إسلامياً أو حتّى أن يبني إنساناً مسلماً. فالإحباط سببه عدم وجود رؤية مستقبلية لوضع المسلمين السُنة والعرب المسلمين في المنطقة”.

وأضاف: “نحن كطائفة سنّية ينقصنا الهدف. اليوم نحيا بلا هدف. الشعب هدفه إرضاء زعمائه، والزعيم هدفه إرضاء نفسه والاستمرارية في الحكم، وليس لنا أيّ هدف آخر. علماً أنّ سموّ الهدف الإسلامي ببناء أرض، والتطوّر، والتقدّم الإسلامي يخالف تماماً الفكرة والعقيدة التي يتبعها اليوم الزعماء”.

نحن كطائفة سنّية ينقصنا الهدف. اليوم نحيا بلا هدف. الشعب هدفه إرضاء زعمائه، والزعيم هدفه إرضاء نفسه والاستمرارية في الحكم، وليس لنا أيّ هدف آخر

يعترض الشيخ الفري على نظرية “تقديم التنازلات لحماية السُنة في لبنان من مصير إخوانهم في سوريا والعراق”. برأيه أنّ “الإسلام ليس ديناً للعبادة فحسب، بل هو منهجية في الحياة، هو فلسفة متكاملة للحياة. الإسلام جاء به دستور يُسمّى القرآن. فيه تشريعات وكيفية الحياة وكيفية التعامل مع الآخرين. ما هي المشاكل التي يمكن أن يواجهها المرء في حياته، وكيف يحدّ من هذه المشاكل؟ ابتدأتُ من هنا لأؤكد على أنّ الإسلام قال بالعفو، لكن عند المقدرة”.

وعن دور العلماء في إصلاح هذه الحال، يرى الشيخ الفري أنّهم قلّة، وباتوا منبوذين ومبعدين: “العلماء هم ورثة الأنبياء، لكن علينا اليوم أن نبحث عن العلماء لأنّهم قلّة قليلة في هذه البلاد. والمشكلة أنّ الشارع الإسلامي بات منجرّاً خلف أمور شعبوية أكثر منها دينية. وبات العالِم الجليل التقيّ الورع الذي يقدّم النصيحة للآخرين منبوذاً ومبعداً عن المنابر. وبات العلماء الذين يقفون على أبواب السلاطين وفي بلاطهم هم أصحاب الدور اليوم. ولن يستقيم هذا المجتمع الإسلامي حتى يكون العالِم هو الآمر الناهي في قضية السياسة والدين والتعامل والتعاطي وكلّ شيء. وأقول العالِم دينياً أي التقيّ، لا أقول العالِم الديني أي المعمّم”.

إقرأ أيضاً: أهل السنّة: الموت الصامت

الشيخ الفري يؤكد في الختام أن “لا حلّ لمشاكلنا في لبنان إلا بالعودة الى الطائف وتطبيقه كما هو بحذافيره”. ويخاطب السياسيين بغضب: “أنتم تكذبون أيها السياسيون. لم تسعوا يوماً لتطبيق الطائف. أخذتم ما تريدون من الطائف، وخضتم فيه. مثال على ذلك أنّ رأس الدولة يريد أن يطبّق الطائف، ولكن فقط في مجال سلطة رئيس الجمهورية، السلطة التعطيلية لرئيس الجمهورية. لكن أين الطائف؟ أين مجلس الشيوخ؟ أين إلغاء الطائفية السياسية؟ غير مقبول أننا في العام 2020، والإقطاع السياسي هو المعتمد في لبنان، ولا نزال غير قادرين على الخروج منه”.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…