ذكرى جون ماكين تنتقم من دونالد ترامب في أريزونا

مدة القراءة 4 د


أنا جو بايدن. أنا ديمقراطي. وأنا أحببتُ جون ماكين“. بهذه الكلمات المعبّرة والمؤثرة، افتتح نائب الرئيس السابق، والرئيس المنتخب لاحقاً، تأبينه السيناتور الجمهوري جون ماكين (81 عاماً)، في جنازته، أواخر آب 2018، التي غاب عنها الرئيس الجمهوري الحالي، دونالد ترامب، وحضرها رؤساء سابقون، مثل جورج بوش الابن (الجمهوري) وبيل كلينتون وباراك أوباما الديمقراطيين.

تابع بايدن كلامه مستذكراً زميله وصديقه لزمن طويل في مجلس الشيوخ، ومعتبراً إياه كأخ. وما زاد تأثّر بايدن، أنّ ماكين توفي بسبب سرطان الدماغ، وكذلك كان سبب وفاة نجله Beau بو (46 عاماً).

هذا الموقف الاستثنائي ليس من جهة بايدن، إذ من اللياقة السياسية حضور هذه المناسبات، والكلام في محاسن المتوفى حتّى لو كان من الصقور في الحزب المقابل، بل هو من جهة زعيم الحزب الجمهوري، والرجل الأقوى فيه، ترامب، وهو الآتي من خارج الطبقة السياسية التقليدية، المنتمية إلى الحزبين المتنافسين، والمنقلب حتى على الأعراف السائدة في الحزب الجمهوري نفسه.

لقد غاب ترامب عن الجنازة، ولم تكن أسرة ماكين ترغب بحضوره، فكان الشعور متبادلاً كما يقول المستشار السابق للأمن القومي جون بولتون في كتابه (“الغرفة التي شهدت الأحداث”). بل إنّ ماكين أوصى بنفسه قبل وفاته أن يؤبّنه جورج بوش الابن وباراك أوباما. لكنّ الأسوأ من ذلك، ما نُقل عن ترامب من انتقادات تسخر من ماكين، وهو بطل الحرب في فيتنام، الذي عانى الأسر لأكثر من خمس سنوات، قبل أن يخوض غمار السياسة، ويصبح سيناتوراً عن ولاية أريزونا لولايات متعاقبة من عام 1986 إلى حين وفاته، وخسر في معركة الانتخابات الرئاسية بمواجهة باراك أوباما عام 2008.

ماكين أوصى بنفسه قبل وفاته أن يؤّبنه جورج بوش الابن وباراك أوباما. لكنّ الأسوأ من ذلك، ما نُقل عن ترامب من انتقادات تسخر من ماكين، وهو بطل الحرب في فيتنام، الذي عانى الأسر لأكثر من خمس سنوات، قبل أن يخوض غمار السياسة

كان ماكين، وهو السياسي الجمهوري الأبرز، ينتقد سياسات ترامب، وكان ترامب يزدريه ويشكّك في كونه بطل حرب، فكيف يكون بطلاً وقد وقع في الأسر؟ وكيف يكون سياسياً لامعاً وقد خسر الانتخابات أمام أوباما؟ لذلك، امتعض ترامب من تنكيس الأعلام إثر وفاته، قائلاً لمساعديه: لماذا تنكّس الأعلام لهذا الخاسر؟.

لاحقاً، نفى ترامب ما نُسب إليه، لكن الضرر كان قد وقع.

فرق شاسع بين اعتراف ماكين بالهزيمة أمام باراك أوباما عام 2008 عندما قال: “إنّ الشعب الأميركي قد قال كلمته”، وبين رفض ترامب الاعتراف بالهزيمة أمام بايدن عام 2020 قائلاً عبر تويتر: إنّ أصواته “قد سُرقت”.

سيظلّ الأميركيون لسنوات طويلة، يستذكرون خطاب الهزيمة لماكين الذي لم يكتفِ بتهنئة خصمه الديمقراطي الأسود، بل امتدحه قائلاً: “إنّ السيناتور أوباما، قد أنجز أمراً عظيماً لنفسه ولبلده” أي بهذا الفوز التاريخي، ووصول أوّل رئيس أفريقي الأصل إلى البيت الأبيض.

إقرأ أيضاً: فوز بايدن: تراجع مكانة نتنياهو وتراجع الاهتمام بإسرائيل؟

النتيجة الانتخابية في ولاية أريزونا عقب انتهاء العدّ الرسمي للأصوات أكدت فوز بايدن بها، بفارق 11 ألف صوت. وهذه المرّة الأولى التي تصوّت الولاية لديمقراطي منذ عام 1996، والمرّة الثانية خلال 70 عاماً. وهي مفاجأة غير متوقعة، حتّى إنّ قناة CNN، اعتبرت فوز بايدن، انتقاماً للسيناتور المحبوب في أريزونا جون ماكين، من دونالد ترامب، لا سيما أنّ بايدن تلقى الدعم من زوجة ماكين، سيندي، في أيلول الماضي، وهي ذات تأثير في أريزونا. وعليه، يمكن القول إنّ الفارق الضئيل أتى من بعض محبّي ماكين، فحسم النتيجة في الولاية، وربما في كلّ الولايات المتحدة، بالنظر إلى الاعتراضات القانونية المثارة في ولايتي بنسلفانيا وجورجيا وغيرهما.

وليس قليلاً أن تقول سيندي ماكين، أرملة السيناتور الراحل: إنّ زوجها كان ليكون سعيداً جداً بفوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة!

 

 

مواضيع ذات صلة

أغرب سبع إقالات في ولاية دونالد ترامب

على مدى 4  سنوات من ولايته، كان الرئيس دونالد ترامب شخصية مثيرة للجدل بإجماع المراقبين والخبراء، وربّما دُول العالم وشعوبها بأسرها، إذ تميّز بشخصية كسرت…

وزير خارجية بايدن: عازف فرنسي.. لألحان إيرانية

من هو أنتوني بلينكن، المُرشّح من قبل جو بايدن لمنصب وزير الخارجية الأميركي؟ في البداية هو سليل عائلة لها باع طويل في السياسة الخارجية الأميركية….

والد صهر ترامب لـ”أساس”: ترامب “المتوازن” مرشح عام 2024 أما بايدن فصهيوني

لاحقته الاتهامات والشائعات بوقوفه خلف إدراج النائب جبران باسيل على لوائح العقوبات الأميركية كونه من المقرّبين من الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظرًا لعلاقة “المصاهرة” التي…

كيف سقطت استطلاعات الرأي في امتحان الانتخابات الأميركية؟

  ديفيد غراهام David A. Graham، (ذي أتلانتيك The Atlantic)   حتّى مع استمرار التنازع على نتائج التنافس الرئاسي، يبدو أنّه ثمّة خاسر واضح في…