سيرة زوجين فقيرين وجدا لقاح كورونا… و25 مليار دولار

مدة القراءة 5 د


هناك حكمة تقول: “الرفيق قبل الطريق”، ماذا لو كان الرفيقان هما طريق يعد بخلاص من كورونا، بعد أكثر من ثمانية أشهر على بدء أسوأ وباء منذ أكثر من قرن؟

إنهما الطبيبان الثنائي التركي الأصل من ألمانيا، أوغور شاهين (55 عاما) وزوجته أوزليم تورجي (53 عاما)، مؤسسا شركة “بيونتك” الألمانية التي تعاونت منذ آذار الماضي مع شركة “فايزر” الأميركية لإيجاد لقاح يحقق الفوز في سباق البشرية ودول العالم الكبرى ضدّ الفيروس المتوحّش وعديم الرأفة.  

شاهين هو ابن لأسرة متواضعة من مدينة اسكندرونة، التابعة للواء اسكندرون السوري، الذي احتلته تركيا في العام 1939. انتقل للعيش في ألمانيا مع والده الذي عمل في مصنع فورد في كولونيا. في تلك المدينة، بدأ شاهين دراسته الطبية. ثم غادر للعمل في مستشفى جامعية في بلدة هامبورغ الصغيرة.

في هامبورغ التقى بأوزليم تورجي، ودبَّ حبّ عزّزه الشغف المشترك. وهي أيضًا من أصول تركية: والدها طبيب من إسطنبول جاء لممارسة المهنة في ألمانيا.

وقد “شوهدا في مختبرهما يوم زفافهما”، مضبوطين بما يصحّ اعتباره بـ”الشغف المشهود”، بحسب رويترز. ولم يمض وقت طويل حتى أسّس الثنائي شركة Ganymed Pharmaceuticals  في عام 2001، وهي شركة تقوم بتطوير الأجسام المضادة في مكافحة السرطان.

شاهين هو ابن لأسرة متواضعة من مدينة اسكندرونة، التابعة للواء اسكندرون السوري، الذي احتلته تركيا في العام 1939. انتقل للعيش في ألمانيا مع والده الذي عمل في مصنع فورد في كولونيا. في تلك المدينة، بدأ شاهين دراسته الطبية. ثم غادر للعمل في مستشفى جامعية في بلدة هامبورغ الصغيرة

شاهين عمل في مختبر منذ بلغ العشرين من عمره، ويروي في حديث لـ”دوتشي فيله” الألمانية: “كانت لدينا محاضرات طوال اليوم حتّى الساعة 4 مساءً. وبينما كان زملائي الطلاب يعودون إلى المنزل، اعتدت التوجّه إلى المختبر للعمل، عادةً حتى الساعة 9 أو 10 مساءً، أحياناً أخرى حتى الرابعة صباحاً”. وعندما ينتهي، كان يركب درّاجته إلى المنزل.

أما تورجي فهي تعتبر رائدة في العلاج المناعي للسرطان. تعمل كمحاضرة في جامعة ماينز. وتقول لموقع “فيسنشافتسيار” الدينماركي: “تأثّرت كثيراً بوالدي الذي كان يعمل طبيبا، وحتى كفتاة صغيرة لم أستطع أن أتخيّل نفسي في أيّ مهنة أخرى”. وأضافت: “كان والدي يمارس الطب في المنزل، وكنا نلعب بين المرضى عندما كنا أطفالاً. لم يكن هناك فصل صارم بين العمل والحياة في منزلنا.”

هكذا، من الطبقة الفقيرة، ومن العمل المتواصل، ومن التعب، ومن الهجرة من أجل البحث عن التعليم والترقّي الاجتماعي، أسّس الزوجان مختبرهما الذي طوّراه “من عرق الجبين”.

في العام 2008، أسّس الثنائي شركة “بيونتك”، بتمويل من شركات استثمارية: “على الرغم من إنجازاته، فقد ظلّ دائمًا متواضعًا ومتعاطفًا بشكل لا يصدّق”. هكذا يصفه ماتياس كروماير، عضو مجلس إدارة شركة “رأس المال الاستثماري MIG AG” في حديث للأسبوعية الألمانية “Welt am Sonntag”، مضيفًا: “من غير المألوف عدم رؤية شاهين مرتدياً الجينز في الاجتماعات الكبيرة، مع خوذة الدرّاجة وحقيبة الظهر”.

بدأ الثنائي العمل على اللقاح في مدينة ماينز بألمانيا في أواخر كانون الثاني 2020، عندما قرأ شاهين، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة “بيونتك”، عن الفيروس في مجلة “لانسيت” الطبية. معلومات ملأته بالرهبة والتوجّس. قال شاهين لـ “فاينانشل تايمز”: “عرفت على الفور تقريبًا أنّ هذا سيؤثّر فينا”. في اليوم نفسه، أُعلن عن أول حالات إصابة أوروبية في فرنسا.

ثم شمّر عن ساعديه مع زوجته تورجي، المديرة الطبية لـ”بيونتك”، بعدما شكّلا فريقًا من 40 شخصًا للعمل على اللقاح. عدد من الموظفين ألغوا إجازاتهم، ومُنحوا أجر العمل الإضافي، ليبصر النور مشروع “سرعة الضوء” (Lightspeed).

اللقاح أثبت فعالية بدون أضرار على 90? ممن تمّ اختباره عليهم، وفقًا لبيانات من المرحلة الثالثة من التجربة. وأفادت رويترز أنّ قيمة الشركة ارتفعت من 4.6 مليار دولار قبل عام، إلى تقييم قريب من 25 مليار دولار. فقد فقد أظهرت البيانات، يوم الاثنين جرّاء إعلان شركة فايزر، أنّ سهم بيونتك “انفجر” فجأة.

من الطبقة الفقيرة، ومن العمل المتواصل، ومن التعب، ومن الهجرة من أجل البحث عن التعليم والترقّي الاجتماعي، أسّس الزوجان مختبرهما الذي طوّراه “من عرق الجبين”

وإذا كان الزوج وزوجته قد اشتغلا لسنوات في الظلّ، وبإمكانات مادية محدودة في مخابر ومستشفيات وجامعات ألمانيا من كولونيا إلى هامبورغ، فإنهما اليوم قد وصلا إلى قائمة أغنى 100 في ألمانيا.

كان أوجور شاهين قد صرّح لصحيفة “فاينانشيال تايمز”: “أخبرت فريقنا في كانون الثاني الماضي أنه يمكن أن نحصل على لقاح بحلول نهاية العام”. كنّا محظوظين إلى حدّ ما لأننا لم نواجه أيّ مشاكل كبيرة “. واقع الحال أنه في رهانه على النجاح، سبق الفعل القول، وسيوفّر اللقاح 50 مليون جرعة بحلول نهاية هذا العام، ونحو 1.3 مليار جرعة بحلول نهاية عام 2021.

إقرأ أيضاً: حكاية لقاح فايزر الذي سينقذنا من كورونا

وإذا ما تأكّدت المعطيات، يتأكّد كذلك أنّ “بيار وماري كوري” القرن الواحد والعشرين يحملان اليوم لنا اكتشافًا من طراز “نوبل للسلام”. مقارنة أبعد ما تكون عن المبالغة، فلقاح الثنائي التركي المناضل والمثابر ضد كورونا يأتي بإنقاذ لا يقلّ شأنًا عن يورانيوم الثنائي كوري الذي تطوّر ليصبح علاجًا للسرطان.

هو تقارب في الطموح وفي الشكل أيضًا. العود الرهيف نفسه للسيدتين تورجي وكوري، والابتسامة المتحفّظة نفسها، وتقارب في الجغرافيا: ألمانيا وبولندا، لكن لا صراع ولا مجازر تسطّر هذه الجيرة الآن، بل العكس. تماماً.

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…