ما مصير “الاتفاق السرّي” بين الحريري والحزب بعد عقوبة باسيل؟

مدة القراءة 5 د


ما زال الرئيس المكلّف سعد الحريري يلتزم جانب الصمت. ليس فقط على مستوى سعيه إلى تأليف حكومة جديدة، بل فيما يتصل بالتطوّر الناجم عن العقوبات الأميركية بحقّ رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل.

ظاهرياً، يتفق هذا الصمت وفق قراءة أوساط سياسية واسعة الاطلاع، مع صمت معظم الطبقة السياسية، لا سيما تلك التي لا تتفق مع سياسات باسيل، والتي هي مستفيدة من “الهزيمة” التي لحقت بـ”وليّ عهد” الرئيس ميشال عون. لكنّ صمت الرئيس المكلّف تحديداً، وفق تقييم هذه الأوساط، يتصل بما قالته لـ”أساس” عن وجود “اتفاق سريّ” بين الحريري وبين “حزب الله” بشأن تأليف الحكومة الجديدة.

فهل هناك فعلاً مثل هذا الاتفاق أم لا؟

قبل الذهاب إلى عرض معطيات هذه الأوساط، كان لافتاً ما قاله علي حمدان، المستشار السياسي للرئيس نبيه بري، في برنامج “صار الوقت” عبر قناة “mtv” التلفزيونية الخميس الماضي، الذي يقدّمه الزميل مارسيل غانم. في مداخلته، قال حمدان: “نحن اليوم أمام تشكيل حكومة. الرئيس الحريري طرح الورقة الفرنسية مشروعاً لهذه الحكومة. في كلّ الورقة الفرنسية لم يرد ذكر حزب الله. فقط هناك من أجل نيل الدعم الدولي شرط أن يكون الإصلاح مهمة برنامج الحكومة بشكل أساسي. وهم اجتمعوا مع حزب الله. لذلك، لست أرى أنّ هناك رفضاً لمشاركة حزب الله في الحكومة، كما أنّ الرئيس الحريري طرح نفسه لهذه المهمة كأجندة، وبمشاركة الكلّ، وفاوض الكلّ، وإلا لما كان طرح نفسه لهذه العملية”.

 صمت الرئيس المكلّف تحديداً، وفق تقييم الأوساط السياسية، يتصل بما قالته لـ”أساس” عن وجود “اتفاق سريّ” بين الحريري وبين “حزب الله” بشأن تأليف الحكومة الجديدة

وسأل غانم الدكتور فارس سعيد الذي كان مشاركاً في الحلقة عن انطباعه، وهل ما قاله حمدان يمثّل تسهيلاً لتشكيل الحكومة، أجاب سعيد: “تنفيذ الورقة الفرنسية يقتضي ألّا يكون هناك تمثيل لحزب الله، وألا يكون للحزب تأثير في قرار السلطة التنفيذية. الموضوع هو: هل إنّ لبنان فعلاً من خلال السلطة التنفيذية قادر بموجب المبادرة الفرنسية على التحرّر من وضع يد حزب الله على القرار السياسي في لبنان؟ أنا لا أعتقد أنّ هذا وارد في المرحلة. حتى لو تشكّلت الحكومة، فلا أتصوّر أنّه ستكون هناك إعادة ربط مع دوائر القرار العربية والخارجية كي ينهض الاقتصاد اللبناني. أنا أريد الحريري بشروط لبنان لا بشروط حزب الله”.

هل يحسم ما ورد في هذا الحوار التلفزيوني موضوع مشاركة “حزب الله” في الحكومة الجديدة؟

بالعودة إلى المقابلة التلفزيونية التي أجراها غانم مع الرئيس الحريري عشية تكليفه، قال الأخير: “نحن اتفقنا في قصر الصنوبر أن نأتي بحكومة اختصاصيين، وقد كان لدينا حكومة اختصاصيين قبل سنة، وهي حكومة حسان دياب. فهل فيها أيّ شخص حزبي؟ ليس فيها أيّ شخص حزبي”.

هل ما قاله الرئيس الحريري قبل تكليفه في 22 تشرين الأول الماضي يتناقض مع ما قاله بالأمس المستشار السياسي للرئيس برّي؟

تجيب الأوساط المشار إليها أعلاه بما يصل إلى الحديث عما وصفته بـ”الاتفاق السري” الذي أوصل ملفّ الحكومة إلى مرحلة التأليف. وهذا الاتفاق، بحسب هذه الأوساط، قام على أساس تكليف الرئيس برّي إيجاد المخرج الذي منح الحريري التكليف بـ65 صوتاً ما سمح لـ”حزب الله” بعدم تسمية الحريري انسجاماً مع امتناع نواب “التيار الوطني الحرّ” عن تسمية الحريري أيضاً. لكن بعد اجتياز عقبة التكليف، جرى حوار مباشر بين الحريري، خارج المشاورات النيابية غير الملزمة، في بيت الوسط أواخر الشهر الماضي بعيداً عن الأضواء، وضمّ الحريري مع “الخليلين” (المستشار السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل والمستشار السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل). وجرى خلال اللقاء التداول في الخطوط العريضة لعمل الحكومة المقبلة. ووفق معلومات الأوساط ذاتها، فإن مستشار الأمين العام لـ”حزب الله” طرح أمام الحريري تساؤلات الحزب فيما يتصل ببرنامج عمل الحكومة الجديدة، وما يتضمّنه من اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مبدياً تحفّظاً مسبقاً عن” شروط قاسية” قد يفرضها الصندوق على لبنان. فكان جواب الحريري، وفق هذه المعلومات، أنّ الحكومة لن تذهب إلى الحوار مع الصندوق لتقبل شروطه، بل ستعمل على إجراء مفاوضات تؤدي إلى اتفاق يقبله لبنان.

لم تنتهِ حكاية الحكومة الجديدة بعد. هي انتهت ظاهرياً مع باسيل، لكنّها بدأت مع “حزب الله”، ولن تكتمل إلا بمعرفة مصير هذا “الاتفاق السريّ”؟

هل ما زال بإمكان الرئيس المكلف السير وفق هذا “الاتفاق السري” بعد العقوبات الأميركية بحقّ باسيل الذي كان طرفاً رئيسياً في تشكيل الحكومة؟ وإذا ما كانت الفرضية الآن أنّ العقوبات الاميركية قد أزاحت مبدئياً عن كاهل الحريري هذا العبء الثقيل الذي كان يشكّله رئيس “التيار الوطني الحرّ”، فهل بإمكان الرئيس المكلّف أن يشكّل حكومة تضم مباشرة أو مواربة من يمثّل ما هو أخطر من باسيل بنظر الولايات المتحدة الأميركية، أي حزب الله؟

إقرأ أيضاً: باسيل بين فكيّ “النار”: الحزب أو الشيطان الأكبر

إنه سؤال المرحلة التي بدأت بعد عقوبات حملت، وفق بيان وزارة الخزانة الأميركية، عنوان “الفساد” الذي ارتكبه باسيل، فاستحقّها. فيما حملت العقوبات، وفق بيان وزير الخارجية مايك بومبيو، عنواناً إضافياً جاء فيه أنّ “باسيل ومن خلال أنشطته الفاسدة، حرّض على أنشطة “حزب الله” المزعزعة للاستقرار”.

لم تنتهِ حكاية الحكومة الجديدة بعد. هي انتهت ظاهرياً مع باسيل، لكنّها بدأت مع “حزب الله”، ولن تكتمل إلا بمعرفة مصير هذا “الاتفاق السريّ”؟

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…