على أبواب موسم الإنفلونزا، ومع انخفاض درجات الحرارة، يتحضّر العالم للسيناريو الأسوأ صحيّاً. بعض الدول دخلت نادي الدول المبادِرة لتطوير لقاحات ضدّ كوفيد 19، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة. وبعضها يقف وسط عواصف الجائحات الكورونية المختلفة باحثاً عن سرير عناية يحتضن خيباته في آخر لحظات انهياره، مثل لبنان.
فقد نشر نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صورةً له خلال حقنه بلقاح فيروس كورونا يوم الثلاثاء الماضي، وأرفقها بتغريدة على تويتر: “نسأل الله أن يحفظ الجميع ويعافي الجميع .. ونشيد بفرق العمل التي عملت جاهدة لتكون بلادنا من أوائل الدول عالمياً التي تحصل على لقاح لهذا الفيروس.. والمستقبل دائماً أفضل وأجمل في دولة الإمارات”.
وعلم “أساس” أنّ هذا اللقاح المشترك بين الإمارات والصين يُنتج بشكل دقيق، وحُقِنَ به العاملون الصحيّون على خطّ الدفاع الأول (الطاقم الطبي) والعاملون الفنيون في المستشفيات، بالإضافة إلى كبار المسؤولين وبعض المشاهير. ويجري العمل حالياً على توسيع نطاق إنتاج هذا اللقاح “لتغطية كافة سكان الإمارات، وبعض الدول الصديقة”، بعد أن أثبت نجاحه عقب تجربته على 5000 متطوّع. وتعمل الصين على اللقاح بشكل بطيء ودقيق، وتحاول تغطية طاقمها الطبي حالياً، وتحاول توفير مصانع إضافية لإنتاجه بشكل أضخم.
وكانت قد أعلنت بكين في أيلول الماضي أنّ الصين والإمارات رصدتا نتائج إيجابية في تجارب أجريت على اللقاح غير النشط المضاد لفيروس كورونا المستجدّ، في ثاني إشارة تؤكد فعالية اللقاح. وذكر المتحدّث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون، أنّ النتائج الإيجابية جاءت في إطار المرحلة الثالثة والأخيرة على اللقاح.
وكان وزير الصحة الإماراتي، عبد الرحمن العويس، قد أعلن في الشهر نفسه إجازة الاستخدام الطارئ للقاح كورونا لـ”أبطال خطّ الدفاع الأول” (الطواقم الطبية) بهدف حمايتهم من أيّ أخطار قد يتعرّضون لها بسبب طبيعة عملهم.
ونظّمت التجارب (التي بدأت منتصف حزيران) شركة “جي 42 للرعاية الصحية”، بالشراكة مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع ودائرة الصحّة بأبو ظبي، وشركة “سي إن بي جي”، الصينية، إحدى أبرز الشركات الرائدة في تصنيع اللقاحات في العالم. وجُرّب اللقاح على أكثر من 31 ألف شخص في الإمارات ومصر والبحرين والأردن على أن يتمّ تأمين ما بين 75 و100 مليون جرعة العام المقبل للإمارات.
هذا اللقاح المشترك بين الإمارات والصين يُنتج بشكل دقيق، وحُقِنَ به العاملون الصحيّون على خطّ الدفاع الأول (الطاقم الطبي) والعاملون الفنيون في المستشفيات، بالإضافة إلى كبار المسؤولين وبعض المشاهير
وزير الصحة الأسبق الدكتور محمد جواد خليفة أكد أنّ “منظمة الصحة العالمية لم تصدر بعد توصيتها بأيّ لقاح ضدّ كورونا. لكنها تركت الخيار للدول التي تريد تجربة اللقاحات أن تقوم بذلك على مسؤوليتها، بناءً على تقديراتها ودراساتها وأبحاثها. والإمارات دولة مصنّعة دخلت مع الصين في تطوير لقاح لكورونا، وهي دولة لديها مختبراتها وأبحاثها، وقادرة على إجراء التجارب في هذا الإطار”. لافتاً إلى أنّ “التجارب تحصل بدقة للتأكد من مدى سلامة وفعالية اللقاح، وذلك عبر دراسة تأثيراته الجانبية، وفترة المناعة التي يمنحها لنا. وهناك مئات الشركات تتسابق اليوم لإنتاج هذا اللقاح، والوصول إلى مرحلة تصديقه من قبل منظمة الصحة، ومن ثم تسويقه وتوزيعه للناس. أما لبنان، فهو ليس بوارد أن يأخذ هذه المبادرة خلال المرحلة الحالية، وليس لديه ترف التجربة، وليس لديه المختبرات الكافية لذلك”.
الدكتور بيار أبي حنا، رئيس قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، يقول في حديث لـ”أساس” إنّ ما يقارب 5 لقاحات وصلت إلى المرحلة الثالثة من الدراسات على البشر. وهي المرحلة الأخيرة التي يتمّ خلالها تجريب الجرعة على عدد كبير من الناس، أكثر من 30 ألف شخص، ولقاح الإمارات أحد هذه اللقاحات، وقريباً يُتوقّع أن نصل إلى النتائج النهائية إلا في حال حصول مفاجآت غير سارة”.
وفي لبنان، كشف أبي حنّا أنّه علم بطريقة غير مباشرة أنّ الدولة اللبنانية تتجه لتوقّع اتفاقاً من خلال منظمة الصحة وخارجها أيضاً مع الشركات التي تدرس اللقاحات، ليكون لدى لبنان لقاحات بمجرّد تطويرها: “وفهمتُ أنّ لبنان وقّع مع إحدى الشركات. وهناك احتمال أن يكون لنا لقاح في لبنان في شباط المقبل”. ويلفت إلى أنّ لبنان ليس بعيداً جداً عن مسار الدراسات التي تحصل في مجال كورونا “فهو جزء من دراسة )سولداريتي تراير( مع منظمة الصحة العالمية، وقريباً جداً يتوقّع أن يكون لبنان ضمن الدول التي تنضمّ إلى تجارب للقاحات. وهناك اجتماع افتراضي بهذا الخصوص بعد أيام”.
ما يقارب 5 لقاحات وصلت إلى المرحلة الثالثة من الدراسات على البشر. وهي المرحلة الأخيرة التي يتمّ خلالها تجريب الجرعة على عدد كبير من الناس
لكن يحذّر أبي حنّا من خطورة وضع كورونا في لبنان، لاسيما مع انخفاض درجات الحرارة. ويناشد بإقفال البلد التام لأكثر من أسبوعين، لأنّ “الوضع خطير جداً لدرجة أنّ هناك أشخاصاً يتدهور وضعهم لعدم وجود أماكن لهم في المستشفيات”.
إقرأ أيضاً: فتح المدارس: الأطفال قنابل مُعدية وموقوتة
أما مستشار وزير الصحة الدكتور إدمون عبود، فبرأيه أنّ كلّ لقاحات كورونا حول العالم لا تزال في مرحلة الأبحاث السريرية التي هي من 3 مراحل. وأصبحت جميعها في المرحلة الثالثة، من الصيني إلى الروسي، والأميركي أو الأوروبي. ويؤكد على إيجابية تسجيل لبنان في “كوفاكس”، وهي منظومة عالمية بالتعاون بين “الاتحاد العالمي للقاحات” و”منظمة الصحة العالمية”، تضمن توزيع اللقاحات لحظة إنجازها والمصادقة عليها بشكل عادل بين الدول، سواء الغنية منها أو الفقيرة، الكبيرة أو الصغيرة: “ولبنان حجز مكانه في هذه المنصة، ودفع 4 ملايين و368 ألف دولار كدفعة أوّلية لحجز مقعده وضمان حصوله على لقاحات لـ 20% من سكانه”.