أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن عن إمكانية استخدام تقنية الكلاب المدرّبة للتشخيص المُبكِر للإصابة بفيروس كورونا أمام بعض المؤسسات والتجمعات المدنية وعلى أبواب الجامعات والمدارس والمؤسسات والإدارات العامة. فما هو هدف هذه التقنية وكيف تكشف الإصابة؟ وما مدى دقتها؟ وهل سيساعد الاعتماد عليها من احتواء الوباء والحدّ من العدوى الغير منضبطة؟ وهل سيتقبّل المجتمع اللبناني هذا النوع من التقنية للكشف على الإصابة؟
إقرأ أيضاً: نهاية زمن الـPCR: عشرة أيام حجر تكفي لعدم نقل العدوى
مخترع هذه التقنية الطبيب اللبناني الاختصاصي في جراحة الأورام السرطانية ومدير الأبحاث الطبية بين لبنان وفرنسا رياض سركيس يشرح تفاصيلها وكيفية عملها ودقتها ويكشف لـ”أساس” أنّ “62 دولة حتّى اليوم بدأت باعتمادها، لتوفير الكثير من الوقت والجهد لاكتشاف المصابين بالفيروس. و12 دولة بدأت باستخدامها في المطارات، بينها روسيا. أما فرنسا فتستخدمها في المنتجعات السياحية وأماكن التجمعات الكبرى”، مشيراً إلى أنه أمضى سنوات في بحث إمكانية كشف الأمراض من خلال التغييرات التي تسبّبها في رائحة الجسم. فالإصابة بالسرطان على سبيل المثال، تعطي أنسجة الجسم رائحة الأنسجة السرطانية.
تُعرض رائحة المسافر على الكلب للكشف عما إذا كان مصاباً أو لا، من دون أن يرى المسافر الكلب الموجود في المنطقة المخبرية
ويشرح الطبيب اللبناني أنّ “هذه التقنية دقتها كبيرة، فبعد 6 أشهر من إجراء دراسات توصلت إلى نتيجة وهي أنّها قادرة على كشف تحرّك أو وجود الجزيئات المضادة من كوفيد – 19 على جلد الانسان. كما أنّها تعتمد على رائحة التعرّق، وليس على استخدام عيّنات من اللعاب أو البول. ولذا، فإنّ الفحص يتمّ من خلال رائحة عرق المفحوصين، أو المسافرين والقادمين، الذين تشمّهم الكلاب المدرّبة، وتعطي إشارة فورية في حال وجود إصابة”.
لكن كيف تكشف الكلاب الإصابة بفيروس كورونا؟
تُعرض رائحة المسافر على الكلب للكشف عما إذا كان مصاباً أو لا، من دون أن يرى المسافر الكلب الموجود في المنطقة المخبرية، وفق سركيس. إذ يمكن للكلب المدرّب لهذه الغاية أن يكشف عن الإصابة خلال ثوانٍ معدودة بدلاً من انتظار ساعات إلى حين صدور نتائج الفحوص المخبرية، ما يسمح بمواجهة الوباء والحدّ من انتشاره.
سركيس خطرت له الفكرة عن إمكان وجود VOCs خاص بالفيروس (هي عبارة عن رائحة الجلد الناتجة عن تغيير في تحركات الخلايا، فتعطي علامة محدّدة وخاصة لكلّ خطأ جيني). فأجرى الدراسة وتحقّق من ذلك فور انتشار الكورونا، وأعلن للبيت البيطري في باريس عن نيته المضي قدماً في مشروع الكشف المبكر عن الفيروس من خلال رائحة الجلد باعتماد الكلاب البوليسية. حصل التعاون مع البروفسور البيطري دومينيك غرانجان وكانت تجربة ناجحة بعد أن درّب الكلاب التي أمّنها البيت البيطري. وأضحى كشف كورونا سهلاً بعد تدريب الكلاب.
تقضي هذه التقنية بأخذ عينة من موضع يتعرّض فيه الشخص للتعرّق كمنطقة تحت الإبط أو العنق، حيث تظهر رائحة الجلد من دون أن تحتوي على فيروس
قد تُطرح تساؤلات حول مدى دقة التقنية في التطبيق، فهل من مجال للخطأ في كشف الفيروس كونها ترتكز حصراً على حاسة الشم لدى هذه الكلاب البوليسية المدرّبة؟
يؤكد سركيس أنّه “ما من مجال للخطأ أو الالتباس هنا. فلا يمكن أن يخطئ الكلب ويمزج بين الإصابة بالتهاب آخر والإصابة بكورونا مثلاً. فهذه التقنية أولاً وآخراً خاصة بكورونا. ومن المؤكد أنها تمتاز بدقة لا متناهية ويمكن للكلب المدرّب مسبقاً على ذلك أن يكشف كلّ مصاب بكورونا، ويستحيل أن يخطئ مرّة في الكشف. وتبدو هذه التقنية أكثر دقّة من فحص PCR الذي يصل احتمال الخطأ فيه إلى نسبة 30 % مقارنة بين الحالات التي خضعت لهذه التقنية، إذ تبيّن أنّها تكشف 100% كلّ الحالات المصابة بكوفيد – 19. وإذا كان مجال الخطأ غير ممكن في حال الإصابة بالفيروس، قد يكون ممكناً بنسبة خمسة أو عشرة في المئة في الحالات السلبية، فيشير الكلب إلى الإصابة. ويحصل ذلك بحسب سركيس، بسبب طريقة تدريب الكلاب البوليسية في الأصل لكشف المخدّرات مثلاً. هي تدرب لدواعٍ أمنية وقد يحصل الالتباس من هذه الناحية فقط. يرتبط ذلك بالتدريب، لا بالكلب نفسه لأنّه لا يخطئ أبداً.
تفاصيل تطبيق التقنية
تقضي هذه التقنية بأخذ عينة من موضع يتعرّض فيه الشخص للتعرّق كمنطقة تحت الإبط أو العنق، حيث تظهر رائحة الجلد من دون أن تحتوي على فيروس. بهذه الطريقة يمكن كشف الجزيئات المناعية من الفيروس التي بدورها تسمح بكشف الإصابة. ويشير سركيس إلى أنّ حاسة الشم لدى الكلب تسمح له بتكبير الجزيئات 10 آلاف مرّة، ما يؤكد على مدى دقة التقنية.
إذا اللبنانيون الذين أنهكتهم فحوصات الـPCR، مرّة ومرّتين وأكثر، بات بإمكانهم الارتياح، لأنّ زمن الـPCR على وشك الانتهاء، وسندخل في زمن الكلاب المدرّبة على الكورونا.