هل فشلت المعارضة الشيعية في لبنان في مواجهة الثنائي حزب الله وحركة أمل؟ أم أنّها حققت الهدف المطلوب منها داخلياً وخارجياً من خلال إزعاج وإقلاق الثنائي الشيعي وإبقائه في حال توتر؟
إذا كان هدف المعارضة الشيعية طيلة السنوات الماضية، وخصوصاً ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إيجاد صوت شيعي مستقل رافض لحزب الله وإيران وحركة أمل ومعترض على سياساتهم، فإنّها حققت هذا الهدف بامتياز. فأصوات المعارضة الشيعية حاضرة في وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، ويمتلك المعارضون الشيعة علاقات واسعة مع العديد من الجهات الداخلية والعربية والدولية وهم حاضرون في المؤتمرات والندوات، ويكتبون المقالات والدراسات وينشرون الكتب ولديهم مواقع الكترونية ومجلات ومواقع فاعلة في عدد من الوسائل الإعلامية، ويقيمون النشاطات في مختلف المناطق اللبنانية بحرية رغم بعض المضايقات أحيانا، وقد برزوا خلال كل السنوات الأخيرة وصولاً إلى الحراك الشعبي الأخير في السابع عشر من تشرين الأول الماضي.
أما إذا كان هدف المعارضين الشيعة التحوّل إلى قوة سياسية وشعبية فاعلة في الحياة السياسية اليومية اللبنانية، فهم فشلوا في ذلك. والدليل الأكثر وضوحاً في نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة. التي تمّت على أساس نسبي ووفقاً للصوت التفضيلي. فلو جمعنا كل الأصوات التي ذهبت إلى المعارضين الشيعة في كلّ المناطق لما تجاوزت الآلاف. إضافة إلى توّزع المعارضين الشيعة على لوائح متعددة في بعض الدوائر الانتخابية وعدم توحّدهم في لائحة واحدة. في دائرة مرجعيون – النبطية – بنت جبيل شكّل المعارضون الشيعة سبع لوائح في مواجهة اللائحة المدعومة من حركة أمل وحزب الله.
حزب الله والسيد نصر الله يحقّقان لهذا الجمهور العديد من الحاجات والآمال ومنها الشعور بالعزّة والانتصار على الأعداء. كما يتمتعون بالمصداقية ويساهمون في تطوير المجتمع نحو الأفضل
كما أنّ المعارضين الشيعة فشلوا في الاتفاق على مشروع سياسي موحّد أو العمل ضمن إطار سياسي جامع. فهم مختلفون فيما بينهم، وكلّ شخصية تعمل لوحدها، ورغم كلّ المحاولات التي حصلت طيلة السنوات الخمسة عشر الماضية لجمع المعارضين الشيعة في إطار سياسي موحد، فإنّ هذه المحاولات تفشل إمّا لأسباب ذاتية أو لأسباب موضوعية ولها علاقة بالواقع السياسي الداخلي وتخلّي الحلفاء عن المعارضين الشيعة. هذا ما حصل عام 2005 من خلال إسقاط “اللقاء الشيعي” المعارض عبر التحالف الرباعي بين حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي.
أما النقطة المركزية التي أدّت إلى فشل المعارضين الشيعة في تحقيق حضور سياسي وشعبي فاعل فهي عدم امتلاكهم مشروعاً سياسياً مقنعاً للبيئة الشيعية وقادراً على تحقيق ما تحتاجه من حاجات ومصالح وأهداف، وعدم وجود خطاب مؤثر وفاعل للمعارضين الشيعية في البيئة الشيعية. رغم أنّ بعض هؤلاء نجح أحياناً في دغدغة بعض المشاعر الشيعية وغير الشيعية في حمل هموم الناس والفقراء والحملة على الفساد.
ومن أجل فهم النقطة الأخيرة بعمق، نشير إلى دراسة أميركية غير منشورة أنجزتها إحدى المؤسسات الأميركية في بيروت بعد حرب تموز عام 2006، حول أسباب تعلّق الجمهور اللبناني عامة والجمهور الشيعي خاصة بحزب الله وبأمينه العام السيد حسن نصر الله. وتوصلّت الدراسة إلى الأسباب التالية: “إنّ حزب الله والسيد نصر الله يحقّقان لهذا الجمهور العديد من الحاجات والآمال ومنها الشعور بالعزّة والانتصار على الأعداء. كما يتمتعون بالمصداقية ويساهمون في تطوير المجتمع نحو الأفضل عبر سلسلة الخدمات والإنجازات التي يقدمونها ويرسلون رسالة اطمئنان قوية لهذا الجمهور”.
وفي المقابل فإنّ معظم، وإن لم نقل كل المعارضين الشيعة، لم ينجحوا في تحقيق أيّ هدف من هذه الأهداف رغم كل الجهود التي بذلوها طيلة السنوات الماضية. وهم نجحوا فقط في التشويش على حركة أمل وحزب الله ولم يقدّموا أبداً المشروع السياسي والشعبي القادر على تحقيق الاختراق المطلوب.
وكل هذه الأفكار مطروحة للنقاش والحوار مع المعارضين الشيعة أفراداً وجماعات.