وزير دفاع العهد (2): الإستعراض والتسييس

مدة القراءة 4 د


في 28 آب الماضي نُفذّت “المهمة الأولى” بنجاح. النزول إلى الأرض لإعلان “الإنتصار” المُحقّق: “وزير الدفاع الوطني يكشف عن بدء العمل بتزفيت المرحلة الأولى من طريق الخنشارة وصولاً إلى الزغرين”. أمّا الإنتصار المقبل فسيكون، كما قال، بدء تزفيت طريق بولونيا – الخنشارة في مرحلة لاحقة، بحسب الإتفاق مع وزير الأشغال.

في 12 أيلول الماضي نُفذت “المهمة الثانية” بنجاح أكبر: وزير الدفاع مرة أخرى بين آليات الزفت، وأهالي المتن. تفلش صور “الإنجاز” على مواقع التواصل الاجتماعي. “وزير دفاعنا” بدا كمتعهّد طرقات. والكاميرا حاضرة لنقل “الحدث”.

ظاهرة استحقّت الرصد. لم يسبق لأيّ وزير دفاع آخر أن فعلها، حتى ميشال المرّ “إمبراطور” المتن، وزيراً للداخلية ووزيراً للدفاع، لم تراوده فكرة “استطلاع” ورشة تزفيت والتبشير بـ “الأسود” المفلوش على الطرقات. خطوة استفزّت جميع نواب المتن بالأخص أعضاء فريقه السياسي.

“جبالة الزفت” والمغالاة في تدشين ساحات الجيش في المناطق، لم يحجبا دخوله على خطّ أكثر من ملف، الأمر الذي أثار استياءً في اليرزة ودفع القيادة إلى تجاوزه في الكثير من قراراتها

 “بكّير” طبعاً على الإنتخابات النيابية. لكنّ الأرثوذكسي، الطامح الدائم، صاحب الخبرة، ومتمرّس في فنّ حياكة الـimage أمام الرأي العام ورفع رصيد شعبيته. “نجوميته” في وزارة التربية لا تزال تلمع بين الحين والآخر، فكيف إذا كان أكرم شهيب هو الخلف.

سقطة؟ ربما.

لا يجدر بوزير الدفاع أن “يفلش الزفت” ويهلّل لواجبات الدولة بحدّها الأدنى مستثمراً في السياسة والأصوات. هذا بديهي. حتى تخيّل وزير الأشغال يقوم بالمهمّة سيبدو مزايدة في غير مكانها.

هو ليس يعقوب الصراف الذي اشتغل كثيراً، و”على السكت”، ولم يُسرف في مؤتمرات صحافية وطلاّت إعلامية كما فعل بو صعب. ليس سمير مقبل أو فايز غصن، صاحبي الاختصاص في منح رخص السلاح. وليس الياس المر “المتآمر على المقاومة”، الذي فَضفَض يوماً أمام القائمة بالأعمال الاميركية متخيّلاً تسلّل 200 عنصر من مقاتلي حزب الله من أصحاب “اللحى المتّسخة”، كما وصفهم في وثائق “ويكيليكس”، سالكين طرقاً ترابية في محاولة للإقتراب من منزله في الرابية وتأمين الحماية والحراسة لميشال عون في خلال غزوة السابع من أيار.

و”جبالة الزفت” والمغالاة في تدشين ساحات الجيش في المناطق، لم يحجبا دخوله على خطّ أكثر من ملف، الأمر الذي أثار استياءً في اليرزة ودفع القيادة إلى تجاوزه في الكثير من قراراتها وجعل التعاون بشكل أساس يحصل بين رئيس الجمهورية وقائد الجيش. 

بصماته في ملف سوزان الحاج – إيلي غبش بدت واضحة حيث “طحش” بالصلاحيات صوب “الضغط على من يضغط على المحكمة لمنع التدخل في عملها”، كما قال يومها. دورٌ فتح عليه “باب” الإتهام بالتدخل في عمل القضاء والأمن.

وفي تفجير طرابلس الإنتحاري دخل على الخط “لتبيان كيف أوقف عبد الرحمن مبسوط وكيف حكم ثم خرج من السجن”، ليظهر بعدها أنّ أحداً من الأجهزة الأمنية لم يتساهل مع العائد من سوريا عبر تركيا، وقد نال الحكم العادل من المحكمة العسكرية.

وفيما فاخر بكونه “أنجز العملية الاصلاحية الأكبر في وزارة الدفاع” من خلال إنجاز المراسيم التطبيقية للغرفة العسكرية والمجلس التأديبي والمفتشية العامة والمديرية العامة للإدارة ومؤسسة الجيش والمجلس العسكري، فإنّ الملف لا يزال عالقاً ومجمّداً على طاولة المجلس العسكري حيث لقيادة الجيش رأيها المناقض لرأي بو صعب. والأخير نفذّ بأمانة ما طلبته منه قيادة فريقه السياسي بأن تكون هذه المراسيم المدخل إلى تقييد صلاحيات قائد الجيش. والأهم خروج موازنة 2019 بصفر تسليح للجيش، وببنود تقشّفية طالت “البديهيات” ما أدّى إلى خفض قياسي في موازنة الدفاع وصل إلى 518 مليار ليرة.

مواضيع ذات صلة

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…

ردّاً على خامنئي: سوريا تطالب إيران بـ300 مليار دولار

 أفضل ما كان بمقدور إيران وقياداتها أن تقوم به في هذه المرحلة هو ترجيح الصمت والاكتفاء بمراقبة ما يجري في سوريا والمنطقة، ومراجعة سياساتها، والبحث…

إسرائيل بين نارين: إضعاف إيران أم السُنّة؟

الاعتقاد الذي كان سائداً في إسرائيل أنّ “الإيرانيين لا يزالون قوّة مهيمنة في المنطقة”، يبدو أنّه صار من زمن مضى بعد خروجهم من سوريا. قراءة…

تركيا والعرب في سوريا: “مرج دابق” أم “سكّة الحجاز”؟

الأرجح أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يتوقّع أن يستقبله أحمد الشرع في دمشق بعناقٍ يتجاوز البروتوكول، فهو يعرفه جيّداً من قبل أن يكشف…