عملية “نظيفة” لـ”شعبة المعلومات” في وادي خالد… والردّ في المنية

مدة القراءة 6 د


لم تكن مجرّد مصادفة تزامن اعتذار رئيس الحكومة المكلّف مصطفى أديب ومشهد المواجهات الدموي في شمال لبنان. هو اجتماع نوعين من الغليان: غليان سياسي – طائفي – مذهبي، وآخر أمني، يعكس واقع الانزلاق الخطر صوب الفوضى، وإن بفارق واضح يتمثّل باللامسؤولية السياسية والوطنية الفاضحة التي يعاني منها القادة السياسيون، أمام الأزمة الكيانية الأكثر خطورة، التي يواجهها الداخل اللبناني منذ اتفاق الطائف حتى اليوم، في مقابل استنفار ويقظة أمنيين نجحتا حتّى الآن في إبقاء الساحة الداخلية الهشّة في منأى عن مخطّطات إرهابية وتخريبية تصطاد في ماء “تخاذل” أولياء أمور اللبنانيين عن حمايتهم.

إقرأ أيضاً:“مجموعة الثمانية” تقود إلى رأس التلاوي.. بكلفة بشرية باهظة 

اشتباكات السبت بين شعبة المعلومات والعناصر الإرهابية في منطقة وادي خالد، وتعرّض الجيش لهجوم مباغت على أحد مراكزه في عرمان – المنية، تأتي في سياق مسلسل متوقع ومترابط الحلقات بين الاشتباكات الأمنية المتنقلة في المناطق، وبين عودة الحديث عن نشاط خلايا إرهابية، وتعميم الذعر حول احتمال تمدّد الأزمة الاقتصادية والمالية إلى نموذج “صوملة”، بعد ترنّح المبادرة الإنقاذية الفرنسية.

تتخوّف مصادر أمنية من أن “تؤدي حدّة الأزمة والقصور السياسي في إحداث خرق ولو ضئيل يمهّد لحلّ سياسي، إلى دخول لبنان في نفق توترات أمنية متمادية، خصوصاً لجهة استغلال خطورة اللحظة السياسية بهدف تنفيذ مخططات تخريبية”، والمصادر الأمنية تعتبر أنّ “هناك نشاطاً ملحوظاً لعناصر متطرّفة ترصدها القوى الأمنية والعسكرية عن كثب منذ أشهر”.

تتخوّف مصادر أمنية من أن “تؤدي حدّة الأزمة والقصور السياسي في إحداث خرق ولو ضئيل يمهّد لحلّ سياسي، إلى دخول لبنان في نفق توترات أمنية متمادية

في الوقائع، المداهمة التي نفذّتها “القوة الضاربة” في شعبة المعلومات في منطقة وادي خالد وأدّت الى مقتل تسعة إرهابيين وتوقيف أربعة آخرين، دخل على خطّها الجيش ضمن إطار المؤازرة وتطويق المنطقة والتلال المحيطة في منطقتي الفرض والهيشة، مسرح العملية.

وبالتالي لم يكن الجيش مشاركاً في العملية القتالية، لكنها انتهت باقتحام أحد مراكزه في عرمان عند الواحدة ليلاً من قبل الانتحاري عمر بريص، على متن دراجة نارية، ما أدى إلى استشهاد اثنين من العسكريّينٍ إضافة إلى بريص الذي كان مزنّراُ بحزام ناسف ومزوّد بعدد من القنابل.

وترجّح مصادر عسكرية أنّ “الهجوم على المركز الذي يقع شرق معسكر عرمان للتدريب بين المنية ودير عمار، أتى ضمن عملية ثأرية ترافقت مع انتهاء الاشتباكات في وادي خالد، أو لتشتيت الانتباه، وهذا الأمر سيوضحه مسار التحقيقات”.

وتؤكّد المصادر أنّه “بالتزامن مع بدء الاشتباكات مع العناصر الإرهابية في وادي خالد كان الجيش في وضعية الاستنفار، وهذا الأمر منع حصول الأسوأ فيما لو نجح الانتحاري عمر بريص حامل الحزام الناسف في الوصول إلى داخل المقرّ العسكري وتفجير نفسه. وقد أوقف لاحقاً خمسة من أقربائه”، مشيرة الى أنّ “بريص قد يكون من ضمن المجموعة التي استهدفتها “المعلومات” لكنه لم يكن موجوداً في المبنى خلال تنفيذ العملية”.

منذ حصول جريمة كفتون رصدت “المعلومات” الأعضاء الأربعة الذين نفّذوا الجريمة وحدّدت هوياتهم بالكامل، وهؤلاء شكّلوا الخيط المتّصل بالمجموعة الإرهابية التي قتل أفرادها في عملية يوم السبت

 

وتشير المصادر إلى أنّ “الخطر على المواقع العسكرية لا يزال قائماً مع احتمال وجود مجموعات ارهابية أخرى تعمل بشكل غير مترابط وتتحرّك في مواقيت مختلفة، وقد تتولى تنفيذ عمليات انتحارية أخرى وفي أكثر من مكان”.

وفي المعطيات الأمنية، فإنّ إطباق “القوة الضاربة” في شعبة المعلومات على المجموعة الارهابية التي كانت متحصّنة في منزل معزول في خراج بلدة الفرض في وادي خالد ومقتل تسعة من الارهابيين، جاء في سياق الرصد الدقيق من جانب “المعلومات” لعناصر مشتبه بارتباطهم بجريمة كفتون في 21 آب الماضي. والنتيجة هي تفكيك كامل لخلية كفتون وكشف شبكة إرهابية أوسع كانت تخطّط لعمليات تخريبية مؤلفة من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين.

هذا حصل بعد يوم واحد فقط من توقيف مديرية المخابرات في الجيش في مندقة حيلان – قضاء زغرتا، أحمد الشامي المرتبط بخلية الإرهابي القتيل خالد التلاوي، الذي استخدمت سيارته في جريمة كفتون. والاثنان اشتبه بتورّطهما في الجريمة، وهما متورّطان بجريمة قتل العسكريين الأربعة أثناء تفتيش شقة الموقوف عبد الرزاق الرز في منطقة جبل البداوي في 13 ايلول الجاري. والأخير كان من ضمن نحو 13 موقوفاً لدى المخابرات اعتمدوا السرقة لتمويل نشاطاتهم الإرهابية وتحرّكاتهم.  

عملية يوم السبت كانت استكمالاً لعملية الدهم التي نفّذتها أيضاً “القوة الضاربة” في “الشعبة” في 24 آب الماضي في بلدة البيرة في عكار لمنزل المطلوب يوسف خلف السجين السابق بتهم إرهابية وأحد المشاركين الأربعة في جريمة كفتون.

وقد شكّلت تلك العملية يومها، على الرغم من عدم وجود المطلوب داخل المنزل، محطة أساسية في سياق تعقّب المتورّطين بالجريمة وبارتباطات آخرين بنشاطات ارهابية بسبب ما تمّ اكتشافه من أدلة ومقتنيات كانت من ضمن الخيوط التي ساهمت بتطويق المجموعة الإرهابية لاحقاً.

ومنذ حصول جريمة كفتون رصدت “المعلومات” الأعضاء الأربعة الذين نفّذوا الجريمة وحدّدت هوياتهم بالكامل، وهؤلاء شكّلوا الخيط المتّصل بالمجموعة الإرهابية التي قتل أفرادها في عملية يوم السبت، فيما تمّ توقيف أربعة في سياق مطاردات استمرّت لساعات بعد استهداف المبنى من جانب “القوة الضاربة”.

وكان بيان قوى الامن الداخلي أشار الى أنه “نتيجة المتابعة الاستعلامية والميدانية تمكّنت “الشعبة” من تحديد هويات جميع أعضاء هذه المجموعة وعددهم أكثر من 15 شخصاً، يعملون تحت أمرة السوري م. ح”،  فيما كانت أوقفت سابقاً ثلاثة من أعضاء المجموعة بينهم ايهاب شاهين أحد المشاركين أيضاً في جريمة كفتون.

وقد تبيّن أن المجموعة المحصّنة في المبنى المعزول كانت مزوّدة بأحزمة ناسفة وقذائف وأسلحة، وقد بادرت إلى إطلاق النار فور تقدّم القوة المداهمة التي تسلّلت وسط منطقة مكشوفة بالكامل، لكن مع ذلك تمكّن عناصر “القوة الضاربة” من إحكام السيطرة بالكامل عليها.

مواضيع ذات صلة

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…

من يُنسّق مع باسيل بعد وفيق صفا؟

بات من السهولة رصد تراكم نقاط التباعد والفرقة بين التيّار الوطني الحرّ والحزب. حتّى محطة otv المحسوبة على التيّار أصبحت منصّة مفتوحة لأكثر خصوم الحزب شراسة الذين…