32805 إصابة بفيروس كورونا في لبنان حتى الآن. رقم صادم وصلنا إليه منذ بداية الجائحة حتى الأمس. أمام هذا الجنون في تصاعد عدّاد كورونا وفي ظلّ أزمة القطاع الصحي، تشخص الأنظار إلى المُستشفيات الميدانية أملاً في سدّ النقص الفادح، بعد أزمة النقص في الأسرة في المستشفيات من جهة، والحديث عن امتناع المستشفيات الخاصة عن استقبال أو افتتاح أقسام لمرضى كورونا من جهة أخرى، في وقت ينزلق لبنان يوماً بعد يوم نحو النموذج الإيطالي فيما يتعلّق بمواجهة الوباء.
إقرأ أيضاً: الكورونا “تنفجر” في لبنان.. وخلاف حول جدوى الإقفال التام
بعد انفجار المرفأ قُدّمت إلى لبنان مستشفيات ميدانية مارست خدماتها، وما زالت مستمرة بحسب اللائحة المحدّثة التي نشرتها وزارة الصحة وهي:
1- المستشفى الإيراني في الحدث: يضمّ غرفة عمليات وأربعة أسرّة عناية فائقة مع أجهزة تنفّس، و12 سريراً لمرضى يستدعي علاجهم إقامة طويلة، وصيدلية لتوزيع أدوية وعيادات للطبابة مجاناً. (يؤمّن التشخيص والمعاينات والفحوصات، والأدوية، بما فيها أدوية الأمراض المزمنة، وتعليق أمصال وإجراء عمليات متوسطة، إضافة إلى تقطيب الجروح ومعالجة الحروق وتخطيط القلب وأجهزة تنفس ومعالجة الكسور).
2- المستشفى الأردني في تل الزعتر: يشرف عليه الجيش اللبناني، ويضمّ نحو 100 سرير وصيدلية، واختصاصيي جراحة عظم وتجميل وجراحة عامة وصحة عامة وتوليد. كما يؤمن فحوصات PCR للمرضى قبل علاجهم.
3- المستشفى القطري في الأشرفية: يضمّ نحو 500 سرير لعلاج المرضى، بينها ثلاثة أسرّة للعناية الفائقة مع أجهزة تنفّس إصطناعي، وسرير عناية للأطفال وسريران للجراحات البسيطة، وصيدلية لأدوية الأمراض المزمنة والسكري والمُسكنات ومعدات لمعالجة الكسور.
4- المستشفى المغربي في الكرنتينا: ويضم نحو 145 سريراً ومختبراً وصيدلية، وهو مُتخصّص في علاج الأطفال والجراحة النسائية وأمراض العيون والجراحة العامة وجراحة العظام.
5- المستشفى الإيطالي في الجامعة اللبنانية الحدث: مخصّص لاستقبال حالات مرضية غير حرجة لتخفيف الضغط عن المستشفيات ومجهّز بمختبر وقسم أشعة، ومجهّز بأدوية لتأمينها للمرضى، بحسب تشخيص وضعهم الصحي بعد الكشف عليهم في المستشفى.
6 – المستشفى الميداني المصري: أعيد العمل فيه في كانون الثاني 2020، وقد تضرّر من تفجير 4 آب، ثم لعب المستشفى دوراً مهمّاً بعد تفجير المرفأ الذي خلّف 6500 مصاب واكثر من 200 قتيل. وخلال جائحة كورونا وبعد التفجير، استقدم أطباء مصريين متطوّعين، وقدّم مساعداتٍ طبية.
زائر هذه المستشفيات يُدرك أنها تُشكّل لكثيرين ملاذاً صحياً يغنيهم عن التكاليف الباهظة للمستشفيات والعيادات الخاصة، إذ يكثر الطلب فيها على الأدوية والعلاجات. فماذا عن تخصيص بعضها لعلاج مرضى كورونا؟
نقيب المستشفيات الخاصة الدكتور سليمان هارون يرفض رفضاً باتاً كلّ الاتهامات التي تلحق بالمستشفيات الخاصة جازماً أنها “غير صحيحة على الإطلاق”
حتى الآن، لا توجّه نحو خيار تخصيص أيّ من هذه المستشفيات لمرضى الفيروس، نظراً إلى بنيتها وطبيعتها التي لا تسمح بالعزل (خيم) وليس فيها تجهيزات، بحسب رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي: “نحن نوصي الدولة بالطلب إلى الخارج الذي يريد المساعدة، بمستشفيات ميدانية خاصة بوباء الكورونا”.
أما عن المساعدات الطبية التي وصلت إلى لبنان فقال عراجي لـ”أساس”: “كلّ ما وصل هو عبارة عن (أدوية، شاش خيطان للعمليات)، ووصلت أيضاً غرف عمليات عادية وبسيطة، وبعض أجهزة التنفس ووُضعت بتصرّف المستشفيات بالتنسيق مع وزارة الصحة”.
وختم عراجي مطالباً الدولة باستحداث أماكن مخصّصة للحجر: “هذا الموضوع طُرح في السابق ولم ينفّذ. واليوم أُعيد طرحه، خصوصاً بالنسبة إلى سجناء رومية”. مؤكداً أنّه “إذا استمرّ تفاقم الوضع الوبائي وارتفاع الإصابات و”الفلتان” الحاصل، من الممكن أن نتجه إلى مناعة القطيع والتجربة الإيطالية لأن الناس لا تلتزم بالإجراءات الوقائية”.
من جهته، نقيب المستشفيات الخاصة الدكتور سليمان هارون يرفض رفضاً باتاً كلّ الاتهامات التي تلحق بالمستشفيات الخاصة جازماً أنها “غير صحيحة على الإطلاق”. وأوضح مفنّداً الوقائع في حديث لـ”أساس” أنّ “عدد المستشفيات التي تستقبل حالات كورونا هي 32 بين مستشفى حكومي وخاص. وكلّ المستشفيات التي تسمح لها هندستها باستقبال مرضى “كورونا” بدون تعريض المرضى الآخرين لالتقاط الفيروس، لا ولن تتردّد في استقبالهم”.
لكنّه يشكو من أنّ “المستشفيات عموماً عاجزة مادياً عن افتتاح أقسام خاصة لمرضى كورونا”، عازياً الأسباب إلى: “أولاً: المتأخرات التي هي في ذمّة الدولة للقطاع الاستشفائي والتي طالما طالبنا بها ولا نزال. ثانياً: انفجار 4 آب المشؤوم الذي أنهك المستشفيات من دمار وخراب ما كبّدها تكلفة إضافية. وهنا كان يفترض بالدولة كما هو معتمد في بلدان العالم كافة، أن ترفد المستشفيات بدعم خاص لمرضى كورونا. أما في الواقع فالعكس صحيح، يضغطون على المستشفيات معنوياً بوجوب استقبالهم، في حين لا يسدّدون لها المستحقات المتوجبة لها”.
تخوّف الأبيض من الاضطرار إلى الاتجاه نحو التجربة الإيطالية في حال بقي عدّاد كورونا على ارتفاعه المتزايد بين 700 و1000 حالة يومياً
وأضاف هارون: “الغريب في الأمر أنه حتى اليوم لم يُتفق على تعرفة لعلاج مرضى كورونا. وهي تفوق 4 إلى 5 مرات تعرفة علاج المريض العادي. علماً أنّ الموضوع جرى درسه في اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا. واتُّفق خلاله على وضع تعرفات خاصة للمصابين بهذا الوباء. لكن حتى الآن ترفض الجهات الضامنة كافة تطبيقها، حتى شركات التأمين نفسها”.
وختم: “في الوقت الحالي، هناك أسرّة شاغرة والرقم يتغيّر يومياً. وإذا بقي عدد الاصابات بهذا الشكل بما يقارب 1000 إصابة يومياً، فبالتأكيد سنواجه مشكلة كبيرة. ومن المتوقع الاتجاه إلى النموذج الايطالي لأن نظام القطاع الصحي في لبنان لا يستوعب هذا الضغط. والمستشفيات الميدانية ليست مؤهلة لاستقبال مرضى كورنا لأنها تحتاج إلى مكان مؤهل للعزل بين المرضى”.
وبدوره، أوضح المدير العام لمستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور فراس الأبيض لـ”أساس” أنّ “المستشفيات الميدانية لا لزوم لها، ولا تفي بالغرض بحال تفاقمت حالات الإصابة لأنها غير مجهّزة”. أما عن الوضع الحالي للمستشفيات، فقال: “لا تزال في حدود طاقتها الاستيعابية، لكن أرقام مرضى العناية والوفيات عادة ما ترتفع بعد التشخيص بمدّة. وليس من السهل الحصول على سرير للمريض في العناية الفائقة، والخوف من تسارع ارتفاع الأعداد. لكننا إلى الآن لا نزال قادرين على خدمة المرضى”.
وتخوّف الأبيض من الاضطرار إلى الاتجاه نحو التجربة الإيطالية في حال بقي عدّاد كورونا على ارتفاعه المتزايد بين 700 و1000 حالة يومياً: “فالأماكن المتبقّية في المستشفيات نسبة لأعداد الإصابات تعتبر ضئيلة. لهذا السبب دقّ وزير الصحة حمد حسن ناقوس الخطر، وطالب بالإقفال من جديد ليتمكّن القطاع الطبي من زيادة عدد الأسرّة ولعدم الوصول إلى التجربة الإيطالية”.
وختم الابيض كلامه قائلاً: “لم نحصل على مستحقاتنا منذ بداية العام 2020، وفي ظلّ الضائقة الاقتصاية التي نمرّ بها، من الصعب أن تستمر أيّ مؤسسة بالعمل من دون دفع مستحقاتها”.