عون “يمشي بسعد”… والثنائي الشيعي ينتظر “ليونة” أكبر

مدة القراءة 6 د


ساعات قليلة فَصَلت بين تسليط قناة “المنار” الضوء على “آداب” التكليف والتشكيل التي كشف عنها نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم كمدخل لحكومة تراعي “الأطر الدستورية”، وبين مسعى “الفرصة الأخيرة” الذي طرحه الرئيس سعد الحريري، معلناً أنّه “المرشّح الطبيعي لرئاسة الحكومة” وأنّه قادر على قيادة مشروع الإنقاذ عبر المبادرة الفرنسية ومساعدات مؤتمر “سيدر”.

هما خطّان مستقيمان لا يلتقيان إلا عند “مشكل كبير” يؤدّي إلى سقوط المبادرة الفرنسية في حال لم تؤدّ الاتصالات التي أعلن الحريري أنه سيقوم بها مع كافة الأفرقاء السياسييين الى إحداث خرقٍ في جدار تصلّب الطرف الشيعي خصوصاً حيال “الشروط” المرافِقة للقبول بأي مرشّح لرئاسة الحكومة.

إقرأ أيضاً: سعد الحريري بنسخته الجديدة يتجاهل الطائف

وعلى الرغم من أنّ الخطوة غير المتوقّعة من جانب رئيس تيار المستقبل بفتح أبواب بيت الوسط لمفاوضات تقود إلى رئاسته حكومة بالسقف نفسه لحكومة مصطفى أديب، مع “تفصيل” قبول ترؤسه شخصياً للحكومة، فإنّ المستجدّ في قاموس الحريري إشارته للمرّة الأولى منذ دخوله المعترك الحكومي عام 2005، إلى احتمال مغادرته حلبة السياسة قائلاً: “هناك انهيار، ويجب أن نخرج منه. لدينا مبادرة فرنسية. إذا تركنا هذه المبادرة تفشل، فإنّها ستكون جريمة. فإما أن نسير بها أو أنا أقول صراحة أنا سعد الحريري لماذا سأعمل في السياسة؟ أنا حينها أفضّل أن أترك السياسة، وأجلس في بيتي… إذا كان القرار أن نصل إلى مكان ما، يكون كلّ واحد حاملاً سلاحاً، حينها أترك”، رافضاً اتهامه بـ”الانبطاحية والاستسلام لأنّني أقوم بأمور للخروج من الأزمة”.

ثمّة من يربط بين مسعى الحريري وبين خطوة ميشال عون التي سبقته بدعوته إلى الاستشارات، ملمّحين إلى أنه في الوقت الذي لم يسجّل أيّ تواصل سياسي بين الأفرقاء بعد اعتذار أديب، كانت قد وصلت مؤشرات إلى بعبدا بحلحلة ومسعى سيقترحه الحريري

وعليه، فإنّ المهلة الفاصلة عن الاستشارات يوم الخميس المقبل، والمرجّحة للتأجيل في حال استدعت الاتصالات مزيداً من الوقت، ستشكّل امتحاناً أمام الحريري نفسه، في مواجهة عقبتين أساسيتين:

– الأولى: هي تراجع ثنائي حركة أمل حزب الله عن مطلب تسمية وزرائهم، وتوضيح موقفهم مع رئيس الجمهورية من بعض بنود المبادرة الإصلاحية المتفق عليها في اجتماع قصر الصنوبر.

– الثانية: هي إعادة جنبلاط – جعجع – باسيل النظر في موقفهم من إعادة تكليف الحريري بعد رفض هذا الثلاثي اسم الحريري مرّتين، الأولى بعد تقديم استقالة حكومته في 29 تشرين الأول من العام 2009 ، والثانية قبل تكليف السفير مصطفى أديب. وقد جاء الردّ القواتي أمس باتهامه الحريري بتقديم تنازلات، ونسف جوهر الحكومة، ليعكس فيتو معراب الصريح على تكليفه مجدّداً.

في المقابل، يبدي رئيس الجمهورية ميشال عون، وفق المعلومات، ليونة أكبر حيال إعادة تكليف الحريري، فيما يجزم القريبون منه بأنّه “سيمشي بسعد” انطلاقاً من اعتبار أنّ عون نفسه، صاحب التوقيع الالزامي على مراسيم التكليف والتأليف، هو ضمانة “التيار الوطني الحرّ” في التسمية أو وضع فيتو على أسماء، من دون إغفال أنّ الأكثرية النيابية هي التي تقرّر من هو رئيس الحكومة المقبل. أما لناحية جبران باسيل، فسيلتزم سياسة تحييد نفسه عن واجهة التسميات، أقلّه في الشكل.

وأبعد من ذلك، ثمّة من يربط بين مسعى الحريري وبين خطوة ميشال عون التي سبقته بدعوته إلى الاستشارات، ملمّحين إلى أنه في الوقت الذي لم يسجّل أيّ تواصل سياسي  بين الأفرقاء بعد اعتذار أديب، كانت قد وصلت مؤشرات إلى بعبدا بحلحلة ومسعى سيقترحه الحريري.

وما لا يقوله محيط عون، توضحه مصادر مطلعة بالقول: “لم يعد عون يملك ترف فرض السقوف العالية وعلى رأسها رفض اسم الحريري الذي حتى أشهر مضت كان على اللائحة العونية السوداء بشهادة علنية من جبران باسيل الرافض للتعاون معه مجدّداً. وأكثر من ذلك، حكومة تمشي بالورقة الفرنسية هي حبل النجاة الوحيد لعون، فالعهد في دائرة الخطر الشديد ولم يبقَ منه سوى سنتين، وهو محكوم داخلياً وخارجياً بالتعاون. وإعلان الحريري رسمياً قبوله أن يكون على رأس الحكومة المقبلة لن يقابل بسياسة الأبواب المقفلة، ليس فقط من جانب بعبدا، بل ربما أيضاً من جانب بري وحزب الله… لكنّ الشياطين تكمن دائماً في التفاصيل”.

يؤكد المطلعون أنّ حزب الله تقصّد تسريب محضر اللقاء “الإيجابي” بين مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي والسفير الفرنسي برونو فوشيه، الذي وصل إلى حدّ تأكيد الأخير، وفق المحضر، تمسّك باريس بالتعاون مع حزب الله وتفهّمها لموقفه

في مقلب قوى الثامن من آذار، ثمّة من يعاير الحريري بأنّه “امتهن حرق لائحة من المرشحين السنّة، ليقول في النهاية: لا بديل عنّي. وآخرهم مصطفى أديب، ثم نجيب ميقاتي بعدما تجاهل مبادرة الأخير بالكامل، ثم أعلن رفضه لها، مع العلم أنّ استقالته في تشرين الأوّل من العام الماضي، ترافقت مع قرار ثابت بالاستجابة مع رغبة الشارع، وعدم الترشّح مجدداً”.

مع ذلك، فإن التفاوض “على الحامي” الذي لم يبدأ بعد قد يشهد خروقات في ظلّ تمسّك الجميع بالمبادرة الفرنسية من ضمنهم السيد حسن نصرالله ومحافظته على خيط سميك مع الفرنسيين بمعرض ردّه على الرئيس إيمانويل ماكرون.

وهنا يقول مطلعون على موقف الثنائي الشيعي: إنّ “الحريري حَصر موافقة أمل وحزب الله علي الحريري وتمسّكهم بترشيحه بمعيار تخفيف الاحتقان السني والشيعي، وهو أمر صحيح ويفاخر به الثنائي. وكان يمكن حتّى لتجربة مصطفى أديب أن تنجح لو ظهرت بعض الليونة في آلية النقاش حول الأسماء الى حدّ التحايل، لكنّ المطلوب من أديب كان التشدّد لتطييره من جانب الحريري ونادي رؤساء الحكومات. أما اليوم، فإذا تأمّنت هذه الليونة من جانب سعد الحريري، خصوصاً بعد تجاوز عقدة حقيبة المالية، فالحريري سيكون رئيس الحكومة المقبل. وكلّ الأمور قابلة للنقاش. المطلوب براغماتية وواقعية تجاه الوضع القائم لا أكثر، لأنّ الكتل السياسية هي من سيعطي الثقة لحكومته”.

أما لناحية تلميح الحريري، مستخدماً عبارة nuance، بالقول إنّ أمل وحزب الله “ومن معهما” تراجعوا عن موافقتهم على بعض البنود الواردة في المبادرة الفرنسية. فيؤكد المطلعون أنّ حزب الله تقصّد تسريب محضر اللقاء “الإيجابي” بين مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي والسفير الفرنسي برونو فوشيه، الذي وصل إلى حدّ تأكيد الأخير، وفق المحضر، تمسّك باريس بالتعاون مع حزب الله وتفهّمها لموقفه. أما لجهة الورقة الإصلاحية، فالنائب محمد رعد، كان واضحاً في القول لماكرون شخصياً: نوافق على 90% منها”.

ويعلّق أحد السياسيين قائلاً: “ثمّة من قدّم السلّم للحريري لينزل عن الشجرة، لكن في طريقه هو يصرخ طوال الوقت مخاطباً الشارع. لكن هذا لا ينفي أنه نزل بالفعل. والسؤال إذا كان هناك “مشروع” لملاقاته في آخر السلّم”.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…