في ظلّ خطوط مقطوعة بالكامل بين القوى السياسية، حتى الحليفة منها، وغياب التنسيق والتواصل بين عين التينة وبيت الوسط، دعا رئيس الجمهورية ميشال عون أمس إلى استشارات نيابية لتكليف رئيس حكومة جديد في 15 تشرين الأوّل.
وفق المعلومات، فاتح رئيس الجمهورية الثنائي الشيعي الأحد الماضي برغبته بالدعوة إلى الاستشارات الملزمة في 8 تشرين الأول أي اليوم الخميس، لكنّ نصيحة الرئيس نبيه بري وحزب الله دعته إلى التريّث، خصوصاً أنّ الشلل التام يسيطر على الحراك الحكومي بما في ذلك عدم رصد أيّ مؤشّر من الجانب الفرنسي يسهم في “إنعاش” المبادرة الفرنسية.
إقرأ أيضاً: سعد الحريري ونجيب ميقاتي: من يسبق من؟
وخلال الرحلة الرئاسية إلى الكويت يوم الثلاثاء، تأرجح قرار عون بين الدعوة إلى الاستشارات النيابية يوم الاثنين 12 تشرين الأوّل، وبين الخميس المقبل، ليحسمها صباح أمس بعد اتصال مع الرئيس نبيه بري في اختيار 15 تشرين الأوّل موعداً لاستشارات يجزم مطلعون أنّها قد تؤجّل مجدداً “منعاً للاصطدام في حال لم يسبقها اتفاق الضرورة”.
عملياً، ومنذ تقديم مصطفى أديب اعتذاره في 26 أيلول الفائت، لم يُرصَد أيّ مؤشّر لحراك جدّي باتجاه الخطة “ب”. وفق مطّلعين “حتّى خطوط التواصل بين الرئيس برّي والرئيس سعد الحريري عبر النائب علي حسن خليل، التي بقيت مفتوحة طوال فترة ما بعد تكليف أديب، لم تشهد أيّ تفعيل يذكر. وكان لافتأ في السياق نفسه عدم تحديد بري موعداً للرئيس نجيب ميقاتي كان قد طَلبه الأخير، وذلك على خلفية استياء رئيس مجلس النواب من الدور الذي لعبه ميقاتي إبّان مرحلة تكليف مصطفى أديب”.
اسم سعد الحريري لا يزال من الأكثر تقدّماً في سياق الأسماء المطروحة، فيما هناك أسماء مرفوضة سلفاً. “وإذا ناوي الحريري” فالموضوع عنده. ليس هناك أيّ فيتو عليه، تحديداً من حزب الله
وفيما يفترض بمهلة الأيام التسعة الفاصلة عن موعد الاستشارات، أن تعيد الحرارة إلى خطوط التواصل بين المقرّات السياسية، فإنّ المواقف التي سيطلقها اليوم الرئيس سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية مع مارسيل غانم ستشكّل سقفاً لنقطة الانطلاق التي سيبدأ منها رئيس تيار المستقبل تفاوضه مع من اتّهمهم بإفشال المبادرة الفرنسية.
المعلومات تشير إلى أنّ المداولات على النطاق الضيّق تحاول إعادة تعويم اسم الرئيس الحريري، لكن من دون معرفة نوعية الشروط وماهيتها، وما إذا كان الغطاء السعودي قد تأمّن لهذا الخيار بعد المسعى الفرنسي، في وقت لا يزال محيط رئيس تيار المستقبل يؤكد معادلة: “لا تراجع عن سقف حكومة مصطفى أديب”. أي حكومة اختصاصيين، لا تضم سياسيين وخاصة ممثل لحزب الله. مما يعني أن طرح الرئيس ميقاتي حكومة تضم 14 اختصاصياً وست وزراء سياسيين غير وارد عند الحريري.
وفي هذا السياق، تقول مصادر الثنائي الشيعي إنّ “اسم سعد الحريري لا يزال من الأكثر تقدّماً في سياق الأسماء المطروحة، فيما هناك أسماء مرفوضة سلفاً. “وإذا ناوي الحريري” فالموضوع عنده. ليس هناك أيّ فيتو عليه، تحديداً من حزب الله. لكن إذا أراد أن يطرح نفسه كمرشّح بالشروط نفسها “وما يحكي مع أحد”، أو يتبنّى اسماً ويَطلب منه ألا يُنسّق مع أحد، مكرّراً تجربة مصطفى أديب، فهذا الأمر مرفوض من قبلنا. و”هيك ما بتظبط الأمور”. أما في حال إقصاء نفسه تماماُ، فالخيار سيعود للكتل النيابية. وهذا الأمر قد ينشئ وضعاً تطول معه مرحلة تصريف الأعمال واستطراداً مرحلة عدم الاستقرار”.
في المقابل، تجزم المصادر أنّه “حتّى لحظة إعلان الرئيس عون موعد الاستشارات، لم يكن هناك أيّ تواصل بين أمل وحزب الله من جهة وبين الحريري من جهة أخرى”، مشيرة إلى أنّ “رئيس الجمهورية لم يكن “محشوراً” إلى هذا الحدّ في تحديد موعد لاستشارات لم يسبقها تفاهم الحدّ الأدنى. وهو لم يبادر حتّى باتجاهنا لمعرفة ما هو الاتجاه ضمن الحكومة”.
تؤكّد مصادر الثنائي الشيعي أنّ “خيار حكومة اللون الواحد غير مطروح. لكنّ سقف التفاوض معنا ينطلق من التسليم باعتبار حقيبة المالية من حصة “الثنائي الوطني”، وبأن الكتل النيابية معنيّة بجوجلة الأسماء، وطرح بعضها، ولرئيس الجمهورية والرئيس المكلّف الحسم. وتفاهمنا مع الحريري يأتي في سلّم الاولويات”
ووفق المعلومات، لم تترجم دعوة عون للاستشارات في مقلب برّي وحزب الله سوى “ضمن إطار الضغط” وتجنّب تعرّضه لاتهامات مخالفة الدستور عبر تأخير الدعوة إلى الاستشارات، وإرسال رسالة للخارج بأنه يقوم بواجبه”.
وتقول أوساط بري: “مفترض نكون عارفين لوين رايحين”. وتضيف: “حتّى مع الرئيس عون ليس هناك توافق على الرؤية ولا على الاسم. ولا تكمن المسألة في الاسم فقط، بل في الشكل. فقبل تكليف مصطفى أديب جلسنا سوياً، واتفقنا أن نتوافق على الحريري أو من يسمّيه. ولذا، كان هناك نقطة انطلاق. أما اليوم، فأمامنا أيام قليلة لنحدّد الاتجاه. أما الجانب الفرنسي فحتّى اللحظة لم يتدخّل أو يبادر. فيما تبدي الأوساط مخاوف من أن نذهب “مطبّشين” إلى الاستشارات، وهذا ما قد يحتّم تأجيلها”.
وكانت فرنسا دعت إلى مؤتمر دولي في شهر تشرين الثاني لدعم لبنان في المجالات الإنسانية.
وفي معرض استعراض السيناريوهات المحتملة أمام التكليف الجديد، تؤكّد مصادر الثنائي الشيعي أنّ “خيار حكومة اللون الواحد غير مطروح. لكنّ سقف التفاوض معنا ينطلق من التسليم باعتبار حقيبة المالية من حصة “الثنائي الوطني”، وبأن الكتل النيابية معنيّة بجوجلة الأسماء، وطرح بعضها، ولرئيس الجمهورية والرئيس المكلّف الحسم. وتفاهمنا مع الحريري يأتي في سلّم الاولويات”.
وقد عكس موقف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أمس تصلّباً في الموقف الشيعي لجهة “المطالبة بأوسع تمثيل سياسي في الحكومة، والتحذير من تغيير موازين القوى، والانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، وابتداع صيغ لحكومة لا تمّثل الكتل ما يعني إبقاء البلد في حال المراوحة والتدهور ويتحمّل مسؤوليتها من لا يسلك الطرق الدستورية والقانونية”.