مهما طالت عملية التأليف ومهما بلغت ضغوط الداخل والخارج، لن تحيد بوصلة التشكيلة الحكومية المنتظرة عن “تفصيلين” سيشكّلان المعبر الأساس لولادتها:
الأول: الوزير الشيعي على رأس حقيبة المالية، كما باقي الوزراء الشيعة في الحكومة، لن تصدر مراسيمهم قبل موافقة ثنائي حركة أمل وحزب الله عليهم، والشرط الأول أن لا يكون أيّ اسم معادياً لهما في السياسة. أما التخريجة وآلية الاختيار فتبحث ضمن مناخ انفتاحي، وفق مصادر الثنائي، ترجم بلقاء “الخليلين” أمس مع الرئيس المكلّف مصطفى أديب.
إقرأ أيضاً: وزراء “الباراشوت” فوق أديب.. وسيتعرّف إليهم قريباً
من ناحية أخرى يتبلور التشدّد الرئاسي في اليومين الماضيين بالقول إنّ “رئيس الجمهورية ليس خيال صحراء. وأسماء كافة الوزراء، من ضمنهم الوزراء المسيحيين، الرئيس معنيّ بشكل مباشر بالتنسيق في شأنهم مع الرئيس المكلّف. وهو صاحب الصلاحية والشريك بتأمين الغطاء لأسماء من أصحاب الاختصاص ونظافة الكفّ، وهذا الأمر يتمّ عبرنا وليس من فوق رأسنا”. وهنا تؤكد المعلومات أنّ الرئيس عون يحرص على اختيار اسم وزير الدفاع المقبل بشكل مباشر، مع ترك باب التفاوض أكبر في شأن الخارجية وباقي الأسماء المسيحية.
يوضح العارفون أنّ “جبران باسيل هو اليوم تحت امتحان العقوبات الأميركية، وآخر “الفروض” التي قدّمها، “التبشير” بعودة حزب الله من سوريا
التفصيل الثاني: ستولد حكومة مصطفى أديب تحت سقف تحالف هو الأكثر ثباتاً حتى الآن من ضمن تحالفات أخرى سقطت أو ضربت من بيت “صانعيها”. هو تحالف ميشال عون – حزب الله، وإن بوجود تباينات داخلية قاسية بين الطرفين، وفي ظلّ واقع يكشفه العارفون في خفايا الكواليس: جبران باسيل “مرعوب” من العقوبات. وهو أخذ بنصيحة أسداها له الرئيس الفرنسي بعدم الظهور بموقع المعرقل للمبادرة والابتعاد قدر الإمكان عن دائرة التصويب، ليس فقط أميركياً بل أيضاً فرنسياً. ولذلك، فإنّ تناول المبادرة الفرنسية وزارة الطاقة ومعمل سلعاتا ليس تفصيلاً بسيطاً.
ويوضح العارفون أنّ “جبران باسيل هو اليوم تحت امتحان العقوبات الأميركية، وآخر “الفروض” التي قدّمها، “التبشير” بعودة حزب الله من سوريا، ونزع الغطاء عن مشروعية الثنائي الشيعي السياسية في وضع اليدّ على حقيبة المالية، ومواقفه مؤخراً حول ترسيم الحدود والحياد. هو يفعل اللازم لحماية نفسه من دون الإطاحة بالنواة الأساسية لتفاهم مار مخايل بتأمين الغطاء العوني لحزب الله كفعل مقاومة”.
في سياق موازٍ، تؤكد مصادر مطلعة على موقف حزب الله أنّ “السيد حسن نصرالله لن يتخلّى عن ميشال عون، وسيعمل الحزب على توسيع إطار الإيجابيات معه وتضييق بقعة السلبيات أو استيعابها ضمن هامش السنتين المتبقّيتين من عمر العهد في ظلّ مخاضٍ كبير تشهده المنطقة. أما في ما يتعلّق بجبران، فثمّة قرار داخلي قائم ومستمرّ بإبقاء الخلاف معه تحت السيطرة وعدم التعليق عن كلّ ما يصدر عنه”.
عناوين البيان الوزاري وصيغته، التي قيل إنّها مطابقة لمواصفات المبادرة الفرنسية، حاضرة في تفاصيل التأليف في مسعى لتجاوز هذه العقبة بسرعة فور تشكيل الحكومة، خصوصاً لجهة البند المتعلّق بالمقاومة
وفيما كان لافتأً في المؤتمر الصحافي لباسيل في 13 أيلول الجاري إشارته بشكل مبطّن إلى أنّ وزارة المال ستبقى في الحكومة المقبلة بيد الطرف الشيعي “لكن هذا الأمر لا يخلق عرفاً، وإذا كان الهدف تكريس التوقيع الثالث، فهذه مثالثة نرفضها حتماً”. هذا الموقف أتى في ظلّ وساطة فرنسية قضت يومها بأن يقترح ماكرون شخصياً اسم الشيعي لوزير المال. وفي مقابل رفض أمل وحزب الله، جاء اقتراح الرئيس الفرنسي بأن يسمّي هو وزيراً مسيحياً للمالية، ليعود ويطرح هذا الأمر على عون ليتبنّاه، لكنه سقط بالفيتو الشيعي. ثم تولّى سعد الحريري طرح آلية “مساعدة” الرئيس المكلّف في تسمية وزير شيعي للمالية”.
وعند هذه النقطة لا يزال يتفرّع أكثر من “مشكل”. إذ لم يفضِ اتصال “رفع العتب” بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، وقنوات التفاوض في الكواليس، وزيارة كتلة التنمية والتحرير دار الفتوى ثم لقاء “الخليلين” مع أديب، في تذليل إحدى العقبات التي لا تزال تعترض التأليف، ونتيجتها أن لا تشكيلة وزارية جاهزة بعد كي يوقّعها رئيس الجمهورية أو يناقشها مع المعنيين.
وهنا تذكر أوساط بعبدا أنّ “لبّ المبادرة الفرنسية قائم على حصول توافق وطني على الحكومة، وهو توافق يستحيل أن يتمّ في حال استبعدت القوى السياسية الأساسية عن المشاركة في صياغة التركيبة الوزارية المقبلة”.
ويؤكد مطلعون في السياق نفسه أنّ “عناوين البيان الوزاري وصيغته، التي قيل إنّها مطابقة لمواصفات المبادرة الفرنسية، حاضرة في تفاصيل التأليف في مسعى لتجاوز هذه العقبة بسرعة فور تشكيل الحكومة، خصوصاً لجهة البند المتعلّق بالمقاومة“.