هل ما يحصل على صعيد ملف تشكيل الحكومة هو أزمة وطنية أم مواجهة بين طائفتين؟ هل التوقيع الثالث وخرق الدستور يستفزّ السُنة وحدهم أم أنه يُصيب المكوّن المسيحي بمقتل؟ لماذا يسعى البعض لتصوير المسألة على أنها بين السُنّة والشيعة، أليست المثالثة استهدافٌ للمناصفة؟
إقرأ أيضاً: صادر وحرب والرفاعي: استشارات القصر خزعبلات ومخجلة وغير دستورية
الوزير السابق سجعان قزي يؤكّد أنّه لا وجود في الدستور لما يتعلّق بالتوقيع الثالث: “ما يحصل اليوم يُدخل البلد في نظام الكانتونات والكونفدرالية لأن المثالثة هي كونفدرالية مقنّعة. ونرفض هذا المسار ونتمسك بالدستور الذي لا يلحظ في روحه على منح وزارة المال للطائفة الشيعية أو منح أيّ وزارة لأيّ طائفة أخرى”.
وأضاف في حديث لـ”أساس”: “نخطئ إذا طرحنا حقيبة المال من منظار طائفي أو مذهبي. إذا كان دستور الطائف ينصّ على إعطاء وزارة المال إلى الطائفة الشيعية، فلا يعود هناك رأي لا مسيحي ولا سُنّي. الدستور لا ينصّ على ذلك، ولا يجوز أن ندخل في متاهات المواقف الطائفية. موقفنا ينطلق من الدستور اللبناني، وليس من التموضع الطائفي”.
وعن المطلوب لإنقاذ لبنان، قال قزي: “يجب على إيران وحزب الله أن يسحبا شروطهما ويفسحا المجال للرئيس المكلّف مصطفى أديب للتشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون كي يؤلف حكومة من اختصاصيين رفيعي المستوى وخبراء، ويملكون الثقة بنفسهم، وكفاءة، وأهلية، وصدقاً، وإرادة، وشجاعة، على خلاف من كانوا بحكومة الرئيس حسان دياب. ولكن هذا الأمر مع الأسف غير متوفر. فالرئيس المكلّف لا يتجه إلى المواجهة وتأليف حكومته، إنما فقط ينتظر الاتصالات الدولية. ولا أعتقد أنّ هذه الاتصالات ستؤدي إلى نتيجة في ظلّ تصلب الثنائي الشيعي”.
ما يحصل اليوم يُدخل البلد في نظام الكانتونات والكونفدرالية لأن المثالثة هي كونفدرالية مقنّعة
ووجّه قزي نصيحة للرئيس المكلّف يطالبه فيها بعدم الاعتذار، وأن يصمد، وأن يتصدّى، ويواجه، وقال: “على الرئيس المكلّف أن يبحث عن إنقاذ بلاده. لذلك، عليه أن يؤلف الحكومة التي يراها مناسبة استناداً إلى الواقع والضرورات اللبنانية، ويوقّعها رئيس الجمهورية، ويذهب بها إلى المجلس النيابي لنيل الثقة. إذا نال الثقة يحكم، وإذا لم يُمنح الثقة تصبح حكومته هي الحكومة التي تُصرّف الأعمال، وليست الحكومة القائمة حالياً التي أغرقت البلاد أكثر مما كانت غارقة. ولكن هذا الأمر يتطلّب شجاعة نتمنى أن يتحلّى بها الرئيس المكلّف مصطفى أديب. هذا الوقت ليس للاعتذار. لم يكلّف الرئيس ليعتذر، إنما ليؤلّف حكومة وهي مسؤولية وطنية في المراحل المصيرية. عليه أن يصمد، ويتصدّى، ويواجه على أمل أن ينقذ لبنان”.
من جهته، أشار النائب السابق فادي الهبر لـ “أساس” إلى أنّ ما يحصل اليوم هو “7 أيار ثانٍ” وحذّر من “احتمال حصول حرب أهلية”، وقال: “ما يحصل هو استمرار للشيعية السياسية في حكم لبنان، فهي تُعيّن رئيس جمهورية، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، والوزراء أيضاً خاضعون لسلطة هذه الثنائية، ولمصالح مافيات نهب الدولة. وهذا قد يؤدّي إما إلى 7 أيار ثانٍ، أو إلى حرب أهلية”.
وجّه قزي نصيحة للرئيس المكلّف يطالبه فيها بعدم الاعتذار، وأن يصمد، وأن يتصدّى، ويواجه وأن يبحث عن إنقاذ بلاده
الهبر اعتبر أنّ كلّ من جاء إلى السلطة من كافة الأحزاب، يمن فيهم قدامى 14 آذار “نهبوا الدولة وبيت الشعب، وتركوا موضوع المصالح للآخرين. يريدون كلّ السلطة، وكلّ المال في وقت الخزينة قد أُفرغت. هذا هو التوقيع الثالث. كما أنهم يريدون استمرار حكم لبنان، ولو على فقره، وإفلاسه، وتفجيره، وحرقه بكلّ القيم السوداوية”.
وتابع: “لو افترضنا أنّ الشيعية السياسية أتت بالمنّ والسلوى للبنان، ما كنّا لنفتح فمنا بحرف واحد. لكن ما يحصل اليوم هو تجاوز للدستور وانقلاب على الطائف وعلى اللبنانيين ولا أحد يستطيع أن يعترض من السُنّة والمسيحيين والدروز لأنّ الثنائي يعطيهم وظائف أخرى. هي ليست مواجهة سنية – شيعية أو مواجهة لبنانية مع الثنائي الشيعي، بل هي مواجهة لبنان الإيراني مع دول العالم”.
الهبر اعتبر أنّ كلّ من جاء إلى السلطة من كافة الأحزاب، بمن فيهم قدامى 14 آذار “نهبوا الدولة وبيت الشعب، وتركوا موضوع المصالح للآخرين
وأضاف: “أزعجهم كلام البطريرك الراعي عن حياد لبنان، وحصلت اعتراضات، بل ثورة. وهذا أكبر دليل على أنّ الممسك بزمام الأمور هو القيادة الشيعية، أي حزب الله، وله مشروعه الخاص. أما الطرف الآخر فليس له وجود، لا سيما وأنّ التسوية والصفقة جاءت برئيس جمهورية يريده حسن نصر الله. ولهذا السبب، قدّموا البلد على طبق من فضة لحزب الله عندما انشغل الجميع بصفقاته”.
وعن المطلوب لإعادة إحياء لبنان قال: “استرجاع الطائف، وهيبة الدستور والدولة، وقضاء عادل، وانتخابات مبكرة للمجلس النيابي، وسلطة جديدة. هو مشروع كبير، ونحتاج مساعدة دولية عارمة من كلّ دول العالم، خصوصاً من أميركا وروسيا وفرنسا، لنتمكن من إنقاذ لبنان. ونتمنّى أن يبقى قليل من بصيص الأمل والوعي لنبني لبنان من جديد”.