ما هو السيناريو الذي ينتظرنا في لقمة عيشنا وليرتنا الوطنية إن فشلت المبادرة الفرنسية؟ هل هو سيناريو الانهيار الكامل أم أنّ هناك سيناريوهات تثير القلق أكثر؟
الوزير السابق فادي عبود أشار لـ “أساس” إلى أنّ “البلد ينهار والدولة فاشلة، والجميع يحارب للحصول على منصب. وهناك تداعيات اقتصادية كبيرة لعدم تشكيل الحكومة. كلّ يوم تأخير بالتشكيل يؤثر سلباً في الوضع الاقتصادي، وهذا له تداعيات قاسية جداً. فلا أحد يدرك حجم الكارثة المتوقّعة”.
إقرأ أيضاً: التسوية المؤجّلة: المالية لبري والداخلية للحريري؟
أما عن السيناريوهات التي نتجه إليها مع إبقاء ثعثر الحكومة، أوضح عبود أنّ ما يحصل اليوم هو “عضّ أصابع” عند حصر وزارة بطائفة معيّنة. “وإذا بقي الحال على ما هو عليه البلد، فسيتجه الى المزيد من الانهيار خاصة عندما ينهار القطاع المصرفي. فعودته للوقوف على رجليه صعبة جداً، ولن تأتي بسهولة. وكذلك الأمر بالنسبة للقطاع الصناعي والسياحي اللذين يلفظان أنفاسهما الاخيرة. كما أنّ المال لم يعد يأتي من المغتربين”.
واعتبر عبود أنّ “أيّ حكومة تأتي لحكم البلد لا تقوم بتغيير كلّ الإجراءات الإدارية المتعثّرة، وإذا لم يعتمد لبنان الشفافية المطلقة فلن نستطيع بناء البلد. لأن البناء لا يقتصر على حكومة جديدة أو أسماء (حسان دياب أو مصطفى أديب)، بل البيروقراطية والإدارة هي من تحمي البلد. لذلك علينا أن نفكر كيف نستطيع أن نبني إجراءات إدارية جديدة غير قابلة للابتزاز، ونبني إدارة شاملة تطبيقاً للطائف القائم على اللامركزية الموسعة. فالاصلاح لا يبدأ فقط من حكومة إصلاحية”.
توقيف الدعم يقابله ارتفاع الأسعار مما يعني تدهوراً إضافياً بسعر صرف الليرة اللبنانية
وختم عبود: “غير كافِ أن نقول حكومة أوادم أو اختصاصيين، وننتظر منهم العجائب. بل بالواقع علينا أن نطبّق الشفافية المطلقة لكلّ القطاع العام وإلا البلد متجه إلى مزيد من الدمار”.
من جهته الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي أكد لـ “أساس” أنّ هناك سيناريوهات عدة ستحصل بحال تعثر تشكيل الحكومة ولها تداعيات سلبية على الوضع الاقتصادي وقال: “أول نتيجة سلبية ستكون نفاد الاحتياطات من البنك المركزي، وتوقّفه القسري عن دعم استيراد الأساسيات (الحبوب، المشتقات النفطية، الدواء..)، وكذلك التوقف عن دعم 300 سلعة استهلاكية أخرى”.
وأضاف يشوعي: “توقيف الدعم يقابله ارتفاع الأسعار مما يعني تدهوراً إضافياً بسعر صرف الليرة اللبنانية. وهذا من شأنه أن يوسّع رقعة الفقر في لبنان، وسيطال الفقر أكثر من 90% من اللبنانيين. أما النتيجة الثانية، فهي أنّ لبنان سيشهد عزلة دولية سياسية واقتصادية ومالية. وسيصبح لبنان متروكاً لقدره مثل ورقة الخريف بمهب الريح”.
وتابع: “لبنان واقع تحت حصارين، مالي خارجي وداخلي سياسي. والتصنيفات الدولية للبنان تتكلم وحدها وتصف الواقع بالأرقام وأصبحت أكثر سلبية، وهي أكبر دليل على رداءة الأحوال الاقتصادية”.
أما على الصعيد السياسي، فسيشهد لبنان “نوعاً من التفكّك والشرذمة، وستظهر ظاهرة جديدة من الممكن أن تحصل (كلّ منطقة تعمل على سلخ نفسها عن المناطق الأخرى)، وستزداد الهجرة مع الأفق المسدود والأبواب الموصدة من كلّ النواحي”.
البوادر مفقودة للأسف. ولكن الحلّ الأول يكمن في تسهيل مهمة الرئيس المكلّف مصطفى أديب من أجل الانتقال إلى المرحلة المقبلة وتجنيب لبنان المزيد من الانهيار
وختم يشوعي كلامه مؤكداً على ضرورة تشكيل حكومة من فريق متجانس وبرنامجها يكون عليه توافق داخلياً وخارجياً تلتقي مع مطالب الناس ومع تطلّعاتهم، لأنه لا خيار أمامنا غير أن نتفق فيما بينا، ونوقف التآمر، ونجرّب إنقاذ لبنان، ونتخلّى عن الحسابات الخاصة، ونتجه إلى حساب المصلحة العليا للوطن ككيان وشعب ومؤسسات. لبنان يتفكّك وينهار أمام أعيننا. من السهل جداً أن نخسر وطناً، ولكن من المستحيل أن نستعيده”.
أما الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة فيشرح لـ “أساس” الدوّامة التي سيدخل فيها البلد بحال عدم تشكيل الحكومة وقال: “سيتوقّف الدعم عن كلّ السلع، وسنكون متجهين نحو حائط مسدود. لذلك المطلوب اليوم تشكيل حكومة بأسرع وقت، بحيث تفرض جواً جديداً على الساحة الداخلية، وتسهم أيضاً في إدخال الأموال الجديدة إلى البلاد عبر المؤتمر الذي سيعقده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منتصف شهر تشرين الأول المقبل”.
وختم حبيقة قائلاً: “البوادر مفقودة للأسف. ولكن الحلّ الأول يكمن في تسهيل مهمة الرئيس المكلّف مصطفى أديب من أجل الانتقال إلى المرحلة المقبلة وتجنيب لبنان المزيد من الانهيار”.
فهل ينزلق لبنان نحو انهيار اقتصادي تام؟ أيام قليلة فقط تفصلنا عن الإجابة الحاسمة حول مصير البلد.