هل تشكّل المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رؤساء الكتل البرلمانية تحت عنوان “بحث في العراقيل التي تواجه تشكيل الحكومة”، مخالفة دستورية وتعدّياً على صلاحيات الرئيس المكلّف؟
من الناحية القانونية يقول صادر فإنّ “رئيس الجمهورية يحاول الحلول مكان رئيس الحكومة، بالتوافق مع الرئيس المكلّف، وهذا ليس من روحية الدستور ولا الأعراف. كما أنّه ليس من حقّ رئيس الجمهورية أن يفرض على رئيس الحكومة أسماء وزراء. ومن غير المنطق وتحت حجة التوافق أن يصبح رئيس الحكومة المكلف هو الفرع ورئيس الجمهورية هو الأصل”
رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر رأى أن كل استشارة قبل التأليف لا تنبع من روحية الدستور، وهي التي تُسمّى “التأليف قبل التكليف”، وهذا مخالف للدستور.
إقرأ أيضاً: حسان الرفاعي: التوقيع الثالث.. بدعة للقبض على القرار المالي
العرف يقضي بأنّه بعد الاستشارات التي يقوم بها رئيس الجمهورية، يتم تعيين الرئيس المكلف الذي تسمّيه أكثرية الكتل النيابية. هنا يبرز الدور الأساسي لرئيس الحكومة المكلّف باختيار الوزراء وبالتوافق مع رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة.
من الناحية القانونية يقول صادر فإنّ “رئيس الجمهورية يحاول الحلول مكان رئيس الحكومة، بالتوافق مع الرئيس المكلّف، وهذا ليس من روحية الدستور ولا الأعراف. كما أنّه ليس من حقّ رئيس الجمهورية أن يفرض على رئيس الحكومة أسماء وزراء. ومن غير المنطق وتحت حجة التوافق أن يصبح رئيس الحكومة المكلف هو الفرع ورئيس الجمهورية هو الأصل”.
النائب حرب يشعر “بخجل” مما يحصل، ويرى فيه “انتقاصاً من السيادة والاستقلال” ويقول: “في كلّ الأحداث التي مررنا بها، من زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون، وصولاً إلى تشكيل الحكومة، أشعر بخجل كبير”
وبرأي الخبير الدستوري فإنّه “يحقّ لرئيس الجمورية أن يعترض بعد أن يقدّم رئيس الحكومة المكلف الأسماء، حينها يمكنه الاعتراض على أحدها. لكن حالياً يعتبر رئيس الجمهورية أنّ من حقّه وضع فيتو على الأسماء، ويحاول أن يفرض عرفاً جديداً بأنّ يشكّل قبل أن يكلّف، وأن يفرض التشكيلة التي يريدها على الرئيس المكلّف”.
أما الخبير الدستوري الوزير والنائب السابق بطرس حرب، فيرى أن لا شيء في الدستور يمنع دعوة رئيس الجمهورية إلى الاستشارات مع رؤساء الكتل في قصر بعبدا، إنما طبعاً ظهر أنّها مخالفة للتقاليد الدستورية، وكأنّ رئيس الوزراء الذي يفترض أنّه هو من يجري الاستشارات، إما أنّه لا يريد أن يجريها أو أنّ هناك صعوباتٍ وتفاهماً مع الرئيس على إجراء الاستشارات. وما يحصل اليوم هو استثنائي ويخالف الأعراف الدستورية”.
النائب حرب يشعر “بخجل” مما يحصل، ويرى فيه “انتقاصاً من السيادة والاستقلال” ويقول: “في كلّ الأحداث التي مررنا بها، من زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون، وصولاً إلى تشكيل الحكومة، أشعر بخجل كبير. لبنان انتهى من الانتداب سنة 1943 ونال استقلاله. ولكن ما جرى يجعلنا نقول إنّ اللبنانيين يحتاجون إلى من ينتدبهم لكي يحسنوا إدارة شؤون البلاد. هذا أمر مخجل ومهين للطبقة الحاكمة التي سمحت للغريب أن يدلّها إلى مصلحة لبنان. نحن ذاهبون إلى تدمير هذه المنظومة برمتها”.
يضيف الرفاعي: “على رئيس الجمهورية ألا يتدخل إطلاقاً في بعملية الاستماع مجدّداً، وألا يجري استشارات بالتوازي مع استشارات رئيس الحكومة. هو يحاول أن يزجّ أنفه في هذا الموضوع. لكنّ دوره فقط هو التشاور مع رئيس الحكومة”
الخبير الدستوري الدكتور حسان الرفاعي يرى أنّ الاستشارات التي دعا اليها رئيس الجمهورية مع رؤساء الكتل البرلمانية هي “خزعبلات” يفعلها وكأنه يؤدي دوراً ومهمة. إذ أنّه بعد الاستشارات الملزمة التي يجريها، ليس من حقّ رئيس الجمهورية إجراء استشارات إلا إذا كان هناك أزمة كبيرة جداً. رئيس الجمهورية يستطيع أن يستقبل من يريد في أيّ وقت كان، ولكن عليه ألا يشاغب، وألا يتدخل في عمل رئيس الحكومة المكلّف. النواب هم من اختاروا الرئيس المكلف، فلماذا الآن نشهد استشاراتٍ جديد؟”.
ويضيف الرفاعي: “على رئيس الجمهورية ألا يتدخل إطلاقاً في بعملية الاستماع مجدّداً، وألا يجري استشارات بالتوازي مع استشارات رئيس الحكومة. هو يحاول أن يزجّ أنفه في هذا الموضوع. لكنّ دوره فقط هو التشاور مع رئيس الحكومة”.
ويختم قائلاً: “في النظام البرلماني فإنّ تأليف الحكومة من اختصاص الرئيس المكلّف لأنه معنيّ بالنجاح أو الرسوب في الامتحان قبل نيل الثقة من المجلس النيابي، وهو المسؤول الأوّل عن التشكيلة الوزارية، الذي يُفترض أن يكون لديه حرية التأليف إلى حدّ ما، لأن استشارته للنواب غير ملزمة. وليس بوسع الكتل النيابية أن تطرح اسم وزير أو حقيبة، وإلا فعلى رئيس الحكومة أن يعتذر”.