هو العارف بكلّ شيء. إذا شتمه ناشط في أقصى أقاصي لبنان، يعرف. يتولّى مساعدوه تهديده. كلّ ما يُكتب عنه يقرأه ويردّ عليه. صورته أهمّ من شخصه. يحرص هو والآلاف من أعوانه على صيانة هذه الصورة. هو الصاروخ الأوّل، والأقوى، والأهمّ.
هو الصادق، الأمين، الذي يفي بوعده، الذي لا يترك أسراه في السجون. الذي إذا قال فعل. وعد اللبنانيين بصيف هادىء خلال الحوار الوطني في ربيع العام 2006. وهكذا كان تموز 2006.
إقرأ أيضاً: لهذه الأسباب: إنّها إسرائيل
يحبّ اللبنانيين، ويعلّمهم زراعة البصل والفجل على شرفاتهم، بعدما قاد اقتصادهم إلى التهلكة. يحبّ كلّ اللبنانيين، وإذا لم يسمعوا كلمته، يجتاح مدينتهم الأولى وقرّة عينهم، كما فعل في 7 أيّار 2008. وكان يوماً مجيداً من أيام حزبه.
هو الرجل الذي ينتظر من يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً. ويستبق ظهوره بتعميم العدالة والحبّ على بلاد أخرى، من القصير إلى الزبداني وحمص وحلب والشام وبغداد وصنعاء وجيزان ومكّة المكرّمة. وصلت صواريخ حبّه إلى الكعبة الشريفة.
هو الرجل الأقوى. يكتب مناصروه الشعر في عينيه وفي أصابعه، خصوصاً ذاك الأصبع الذي يهدّد به
هو الرجل الذي يعرف كلّ شيء. يعرف أنّ في حيفا مستوعبات مليئة بالأمونيوم. ويعرف كيف يفكّر العقل الإسرائيلي. قدرة أجهزته الأمنية تتجاوز كلّ قدرة. يلاعب أجهزة الاستخبارات في الأرجنتين وبلغاريا والكويت وقبرص وألمانيا وحّتى الولايات المتحدة الأميركية. يمسكون أحد رجاله، فيخرجه بالمفاوضات.
هو الرجل القادر على كلّ شيء. يعيّن الرؤساء والوزراء والمدراء العامين والضبّاط والقضاة. ويعرف ما بين أيديهم وما خلفهم، ولا يحيطون بشيء إلا بعلمه. هو خالق الحكومات، وماسك البرلمانات.
هو الرجل الأقوى. يكتب مناصروه الشعر في عينيه وفي أصابعه، خصوصاً ذاك الأصبع الذي يهدّد به. هو أصبع يخرج متى يجب، ليقول إنّه سيكون حيث يجب أن يكون. أصبع التهديد والوعيد، أصبع القوّة والرفعة والمتانة والسيطرة والسطوة والرعب المزروع في قلوب المشاهدين، مناصرين وخصوماً، أصدقاء وأعداء وأعدقاء.
هو الذي يعرف كلّ شيء. ما عدا بعض الأمور السخيفة، مثل خروج العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري من لبنان، رغم أنّ يديه ملطّخة بدماء كلّ المقاومين الذين مرّوا على سجون جيش لحد
هو الرجل الذي يبكي على من رحلوا، قبل عام أو ألف. خرج علينا أمس متبسّماً. صورته يبتسم نزلت كالصاعقة على قلوب الأمّهات الغاضبات المثكولات الحزينات. لكنّه كان يطمئن محبّيه إلى أنّ الأمور تحت السيطرة. وطمأنهم أنّه لا يعرف.
يريد أن يحكمنا وأن يتحمّل مسؤولية القدس والشام وصنعاء وبغداد والكويت… وفي هذه الأثناء، تنفجر بيروت في وجهنا، “فنموت ونحيا معك”. يريدنا أن نخوض بحار الدول المجاورة معه، وفي هذه الأثناء، يصدف أن تنفجر بوجهنا مسائل تافهة وبسيطة، مثل الجوع والفقر والكهرباء. نحن منذورون لاحتلال العالم، فما المانع إذا أقفلت جامعاتنا ومدارسنا وأفلست مصارفنا وجيوبنا. نحتلّ العالم، وبعدها نتفرّغ لصغائر الأمور.
هو الذي يعرف كلّ شيء. ما عدا بعض الأمور السخيفة، مثل خروج العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري من لبنان، رغم أنّ يديه ملطّخة بدماء كلّ المقاومين الذين مرّوا على سجون جيش لحد. لا يعرف أموراً سخيفة، مثل وجود قنبلة أمونيوم شبه نووية في مرفأ بيروت. ومثل أنّ إسرائيل ستدمر البنية التحتية في 2006. فيخرج علينا ليقول: “لو كنتُ أعلم”.
هو الرجل الذي يعرف كلّ شيء، لكنّه لا يعرف شيئاً.
وأنا أصدّقُهُ.
إقرأ أيضاً: هل قرّر الحزب أن يأخذنا إلى خياره الشمشموني؟