بعد الطبيب الشاب لؤي اسماعيل، الكورونا تضرب مجدداً الطاقم الطبي وضحيته الثانية الممرّضة زينب حيدر التي نعاها مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت لتكون الشهيدة الثانية في جيش الدفاع عن لبنان بوجه الفيروس. يأتي هذا مع إعلان منظمة الصحة العالمية أنّ “جائحة كورونا قد تكون طويلة الأمد”، رغم إعلان روسيا انتهاءها من تصنيع لقاح، قبل يومين.
إقرأ أيضاً: أسئلة تنتظر أجوبة: لماذا خطفت جائحة الكورونا طبيباً عمره 32 عاماً؟
وزير الصحة الأسبق محمد جواد خليفة اعتبر في حديث لـ”أساس” أنّه “في لبنان أو غيره الجسم الطبي (إداريين، أطباء وممرّضين) يدفع ثمناً كبيراً جداً على خطّ الدفاع الأوّل. وزينب ممرّضة في مركز مواجهة الكورونا، وهي شهيدة واجب. وهذا الأمر يضع حافزاً عند الناس على ضرورة المساهمة بالحدّ من انتشار المرض والالتزام بالإرشادات التي توفّر على الجسم الطبي المعاناة لأنهم على اختلاط واحتكاك دائم بالمرضى بحكم عملهم”.
وعن المطلوب من المستشفيات والمؤسسات الصحية للحفاظ على الجسم الطبي، قال خليفة: “المطلوب أن تُخضع الجسم الطبي لفحوصات دورية وإرسال الممرّضين والممرّضات إلى بيوتهم للراحة قليلاً، وأيضاً أن تكون بحالة تعاون مع دوائر الموارد البشرية، وعلى تساهل وتعاون مع الجسم الطبي (مثلاً الشخص المريض أو المتعب من العمل عليهم إعطاؤه إجازة مدفوعة الأجر، وألّا يجبروه على المجيء إلى العمل). مضيفاً: “يجب أن يكون هناك مصارحة عند الاشتباه بأيّ عوارض لدى العاملين بالجسم الطبي، ولا يُخفي الأمر بحجة الظروف الاقتصادية”.
قبل زينب سبقها الطبيب الشاب لؤي اسماعيل وهذا يدعو للقلق لأنه سيشكّل نوعاً من الخوف والتردّد عند بعض الطواقم الطبية
وتابع: “الدولة تراقب عدد الاصابات، وإذا ارتفع عدّاد كورونا أكثر فسيتم اتخاذ اجراءات أكثر قساوة وصرامة. ومن المحتمل الاتجاه إلى الإقفال التام. فالذي يحدث في لبنان يحدث في بقية أنحاء العالم أيضاً”.
وختم خليفة قائلاً: “الدولة واقعة بين حدّين. إما الاغلاق بسبب المرض والانهيار، والجوع بسبب الاقتصاد. لذلك، الظروف الموجودة في لبنان تختلف عن بقية دول العالم الذي يعاني فقط من كورونا. أمّا في لبنان، فالأزمات مجتمعة مع بعضها”.
من جهته، رئيس لجنة الصحة اللبنانية النائب عاصم عراجي أكدّ لـ”أساس” أنّ وباء كورونا يهدّد الجسم الطبي قبل حدوث وفيات فيه: “فقبل زينب سبقها الطبيب الشاب لؤي اسماعيل، وهذا يدعو للقلق لأنه سيشكّل نوعاً من الخوف والتردّد عند بعض الطواقم الطبية إذا لم تتوفّر الوقاية والحماية لهم”.
وأضاف: “المطلوب من جميع المستشفيات اتّخاذ الاحتياطات اللازمة لعدم إصابة الجسم الطبي. ونحن نتوقع إصابات في الجسم الطبي، لكن علينا أن نتفاداها بقدر الإمكان، خصوصاً أنّ أعداد الاصابات تزداد، وهذا يدعونا إلى القلق. ففي حال تفشى المرض، سنكون أمام كارثة ومأساة كبيرة لأنّ قدرة الجسم الطبي والمستشفيات لا تستوعب العدد الكبير من الإصابات الحرجة”.
ودعا عراجي في حديث لـ”أساس” إلى “تأمين دعم للطاقم الطبي، وأن تهتمّ الدولة بهم مثلما يحصل في كلّ دول العالم، لأنّهم في خطّ الدفاع الأول. وأيّ انتكاسة ستؤثر على البلد بأجمعه ليس عليهم فقط”.
الجسم الطبي في لبنان مهدّد بكورونا بسبب الاحتكاك مع المرضى، والمستشفيات تأخذ الاحتياطات والاجراءات مشدّدة
وكشف عراجي أنّه “تمّ الاتفاق على إجراء تقييم كلّ يوم اثنين. وبحال وصلت القدرة الاستيعابية لغرف العناية إلى مرحلة امتلاء نصف الأسرّة، سنتّخذ قراراُ بالإقفال، وحتى اليوم هناك بين 60 و40 حالة حرجة في كلّ مستشفيات لبنان. لكن أكثر من نصفهم في مستشفى رفيق الحريري. وإذا ارتفعت الاصابات أسبوعياً 20 أو 30 إصابة في أقسام العناية المشدّدة، فهذا يهدّد القطاع الاستشفائي والطبي. وحينها، سنضطر لاتخاذ قرار بإقفال تام في البلد”.
وعن قرار الإقفال لمدة 15 يوماً الذي أوصت به اللجنة الصحية، قال: “اتفقنا مع وزير الصحة على تقييم الوضع. وعلى أساسها يبنى القرار، لأنّ إقفال البلد يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء. وغداً سيحسم مجلس الوزراء قراره، إما بالإقفال أو بالتشدّد في الإجراءات. فنحن أمام موقف حرج جداً”.
وبدوره، نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أشار لـ”أساس” إلى أنّ “الجسم الطبي في لبنان مهدّد بكورونا بسبب الاحتكاك مع المرضى، والمستشفيات تأخذ الاحتياطات والاجراءات مشدّدة. لكن هذا الفيروس كما هو معروف سريع الانتشار وسهل الانتقال”.
“كلّ طبيب وممرّض في قسم الكورونا يمارس نوعاً من التضحية بالذات لقبوله العمل في هذا القسم”. بهذه الكلمات يشير هارون الى أهمية حماية الجسم الطبي، ويقول: “من واجب المستشفى اتّخاذ تدابير للحفاظ على الجسم الطبي فيها منها: تأمين الغرف من الناحية الهندسية التي تتطلّب إجراءات محدّدة بالتهوئة، وتنظيم حركة الدخول والخروج إلى غرف المرضى، وتأمين ملابس الوقاية، وتدريب الجسم الطبي على طرق الوقاية”.
أما عن سبب انتشار الوباء، فيشير إلى “مشكلة أساسية وهي دخول المصاب إلى مستشفى غير مجهّز، ما يعرّض الجسم التمريضي والطبي وبقية المرضى بالمستشفى لخطر الإصابة. وهناك 30 مستشفى مجهز بـ500 سرير تقريباً، والطاقم الطبي مدرّب بشكل جيد. واليوم هناك حديث بين خبراء العالم أن هذا الفيروس ليس كالسابق، إنما تغيّر، لذلك علينا الوقاية ثم الوقاية. فالوضع دقيق جداً. لذلك على الدولة أن تجد نقطة توازن بين عدم وقف عجلة الاقتصاد وبين مكافحة جائحة الكورونا”.