بعد اشتباكات شاهد اللبنانيون بعضاً منها بالفيديو، وقذائف رآها أهالي منطقة العرقوب بأمّ العين، أعلن حزب الله أن لا عملية ولا من يحزنون. وقال بيان موقّع باسم “المقاومة الإسلامية” أنّه “لم يحصل أيّ اشتباك أو إطلاق نار من طرفها في أحداث اليوم حتّى الآن، وإنّما كان من طرف واحد فقط هو العدو الخائف والقلق والمتوتر”.
جاء هذا البيان بعدما كانت أجواء حزب الله تتحدّث عن “عملية مزدوجة”. ثم رسا خيار المستوى الإعلامي والسياسي في حزب الله على التبرّؤ من العملية وإعلان أنّ “كلّ ما تدّعيه وسائل إعلام العدوّ عن إحباط عملية تسلّل من الأراضي اللبنانية إلى داخل فلسطين المحتلّة، وكذلك الحديث عن سقوط شهداء وجرحى للمقاومة في عمليات القصف التي جرت في محيط مواقع الاحتلال في مزارع شبعا، هو غير صحيح على الإطلاق، وهو محاولة لاختراع انتصارات وهمية كاذبة”.
إقرأ أيضاً: الحزب والردّ المتوازن
هذا رغم أنّ الإعلام الإلكتروني، وناشطي مواقع التواصل كانوا هلّلوا، بإيعاز من حزب الله، للعملية، وخرجت والدة العنصر في حزب الله علي كامل محسن الذي قضى في سوريا قبل أيام، بفيديو توجّهت خلاله إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله تشكره على الثأر لنجلها وقالت: “النصر قادم وهذه هي الخطوة الأولى”. كما وزّعت الحلوى في صور، وهلّل لها إعلام الممانعة.
وقد نقلت قناة “الحرّة” الأميركية، الناطقة باللغة العربية، عن مصدر أمني اسرائيلي قوله: “لدينا توثيق لما حدث في مزارع شبعا”، ردّاً على بيان حزب الله المتبرّىء. ويبدو أن التبرّؤ سببه فشل العملية، وعدم تحقيقها هدفها. وربما كان الاشتباك سببه كشف المجموعة الحزبية قبل أن تباشر العملية.
الجيش الإسرائيلي والمصادر الإسرائيلية كانت تحدّثت عن “عمليتين لحزب الله، الأولى عبر استهداف آلية إسرائيلية بصاروخ كورنيت والثانية هي محاولة تسلّل عبر الحدود، ما أدّى لإطلاق النار على المجموعة المتسلّلة”.
احتفاظ الحزب بحقّ الردّ على قتل أحد عناصره يعني أنّنا لا نزال ننتظر عملية أخرى من حزب الله، وأنّ لبنان سيعيش أجواء قلق وأنّ خيارات الحرب ستكون مفتوحة في المرحلة المقبلة
فهل ما حصل كان محاولة غير ناجحة من حزب الله لاقتحام الحدود أو أنّه عملية استطلاعية لمعرفة القدرات الإسرائيلية في أيّ مواجهة وبسبب عدم نجاح العملية عمد حزب الله إلى عدم تبنّيها؟
حزب الله قرّر الاحتفاظ بحقّ الردّ على قتل أحد عناصره في سوريا، بقول بيانه إنّ “ردّنا على استشهاد الأخ المجاهد علي كامل محسن، الذي استشهد في العدوان الصهيوني على محيط مطار دمشق الدولي، آتٍ حتماً، وما على الصهاينة إلا أن يبقوا في انتظار العقاب على جرائمهم”. وختم بأنّ “القصف الذي حصل اليوم على قرية الهبارية وإصابة منزل أحد المدنيين لن يتم السكوت عنه على الإطلاق”، في محاولة لاستمالة قلوب الأكثرية السنيّة في قرى العرقوب جنوب لبنان.
واحتفاظ الحزب بحقّ الردّ على قتل أحد عناصره يعني أنّنا لا نزال ننتظر عملية أخرى من حزب الله، وأنّ لبنان سيعيش أجواء قلق وأنّ خيارات الحرب ستكون مفتوحة في المرحلة المقبلة، بحسب مصادر قريبة من أجواء الحزب.
في حين ترى مصادر مراقبة أنّ هذه العملية هي “تنفيسة” وربما تكون كافية، كردّ مدروس ومحكم ومحدّد كي لا يموت الديب ولا يفنى الغنم، فلا حرباً مفتوحة، ولا تغيير في قواعد الاشتباك. إذ إنّ حزب الله لا يريد تمرير قتل أحد عناصره من دون “همروجة”، وإن كانت إعلامية، مرّة انتهت بمسرحية إسرائيلية حول إجلاء جرحى تبيّن أنّهم دمى، العام الفائت، ومرّة عبر عملية يبدو أنّها ليست عملية، أمس.