بهدوء أعصابه المعتاد لا يرى وزير العدل الأسبق البروفيسور إبراهيم نجار موجبات للقلق من تداعيات سلبية في الشارع والسياسة في السابع من آب، وهو التاريخ المفترض لصدور حكم البداية عن المحكمة الدولية بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.
إقرأ أيضاً: 7 آب، العدالة للبنان (1): أعيدوا لنا رفيق الحريري واحتفظوا بالقاتل
الوزير نجار يبرّر هذا الهدوء بالتأكيد على أنّه ليس قلقاً: “فالجهات المعنيّة حسمت موقفها منذ زمن بعيد. فكلّنا نذكر قضية شهود الزور، والاتهامات المتبادلة، والخطابات، ومذكّرات التوقيف التي صدرت عن قاضي التحقيق الأوّلي في دمشق. كلّ هذه الأمور مرّ عليها الزمن وكأنّ صدور الحكم أو عدمه لا يمكن أن يؤثرا في بيئة معيّنة أو في رأي معيّن. أعتقد أنّ هذا الحكم لن يكون بحدّ ذاته سوى نوع من الترضية للذين صبروا طويلاً وتأمّلوا يوماً ما بالوصول إلى الحقيقة”.
إذا أحسنت المحكمة الابتدائية التعليل، فسيكون للحكم الصادر قوّة ثبوتية هائلة. وسيفرض نفسه لدى الرأي العام والمسار السياسي
ويضيف في حديث لـ”أساس”: “انتظرنا طويلاً، وصُرفت أموال طائلة وجهود مضنية من أجل الوصول إلى هذه المرحلة الابتدائية. والمؤسف أنّ هذه السنوات الطويلة لم تؤدِّ إلى حكم نهائي لأنّ هذا الحكم يبقى قابلاً للاستئناف، أي أنّه سيعود لمن يتضرّر من هذا الحكم أن يطعن فيه أمام المحكمة الدولية إلاّ أنّ الطعن يمكن ألّا يستغرق سوى سنة أو سنة ونصف على أبعد احتمال”.
لكن هل سيُلزم هذا الحكم الدول والمنظمات والأحزاب بالعقوبات؟
يحيل نجّار الجواب “على الأرجح إلى المحكمة الجنائية. ولأجل ذلك، أعتقد أنه من الصعب جداً أن نتصوّر إدانة دولة معيّنة بهذا الحكم الصادر، إلاّ أنّه يمكن التعويل عليه من أجل اتهام جهات دولية أو حزبية. من الناحية القانونية، الحكم هو حكم جنائي يوجب عقوبات لأشخاص لهم أو كان لهم وجود جسدي، ولا يتناول أشخاصاً ولا جهات غير معروفة العناوين”.
إلا أنّ أهمية هذا الحكم أنّه سيثبت أنّ الأدوات التي استعملت من أجل تنفيذ هذا الاغتيال الشنيع، وأنّ ما يسمّى بالإثباتات غير المباشرة أيّ المتعلقة بوسائل الاتصالات، يمكن الركون إليها من الناحية القانونية في مادة جرمية غير مسبوقة في اجتهاد المحاكم الدولية. والاحتذاء به تالياً في الجرائم الأخرى (قضايا مروان حمادة، جورج حاوي، الياس المرّ)”.
المؤسف أنّ هذه السنوات الطويلة لم تؤدِّ إلى حكم نهائي لأنّ هذا الحكم يبقى قابلاً للاستئناف
ينظر الوزير نجّار بأهمية إلى التعليل الذي سيقدّمه قرار المحكمة الابتدائية لأنّ أهمية العقوبات بنظره تنبثق من صدقية التعليل: “فإذا أحسنت المحكمة الابتدائية التعليل، فسيكون للحكم الصادر قوّة ثبوتية هائلة. وسيفرض نفسه لدى الرأي العام والمسار السياسي”.
وعن أهمية موقف الرئيس سعد الحريري من الحكم الذي سيصدر، قال الوزير نجار: “يمكن لصاحب الحقّ الشخصي أن يتنازل عن الشكوى، لكن لا يؤدّي ذلك إلى إسقاط الحق العام. هذه قاعدة كُلية في القانون الجنائي. لذلك تبقى الحقيقة هي ملك الرأي العام، ملك للجمهورية اللبنانية المطالبة بالتحرّك لمصلحة لبنان ومؤازرة كلّ ما تطلبه منها المحكمة الدولية”.